بخياراتك الحكيمة تصون ميراثك
«اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ، وَٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ». — رو ١٢:٩.
١، ٢ (أ) عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ ٱتَّخَذْتَ قَرَارَكَ أَنْ تَخْدُمَ ٱللهَ؟ (ب) أَيُّ أَسْئِلَةٍ يُمْكِنُ أَنْ نَطْرَحَهَا عَنْ مِيرَاثِنَا ٱلرُّوحِيِّ؟
يَخْتَارُ مَلَايِينُ مِنَّا بِحِكْمَةٍ أَنْ يَخْدُمُوا يَهْوَهَ ٱللهَ وَيَتَّبِعُوا بِدِقَّةٍ خُطُوَاتِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. (مت ١٦:٢٤؛ ١ بط ٢:٢١) وَٱنْتِذَارُنَا لِلهِ هُوَ قَرَارٌ جِدِّيٌّ. فَهُوَ لَيْسَ وَلِيدَ مَعْرِفَةٍ سَطْحِيَّةٍ لِبَعْضِ آيَاتِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، بَلْ نَتِيجَةُ دَرْسٍ شَامِلٍ لِكَلِمَةِ ٱللهِ. وَقَدْ كَشَفَ لَنَا دَرْسُنَا هٰذَا تَفَاصِيلَ مُقَوِّيَةً لِلْإِيمَانِ عَنِ ٱلْمِيرَاثِ ٱلَّذِي هَيَّأَهُ يَهْوَهُ لِلَّذِينَ ‹يَسْتَمِرُّونَ فِي نَيْلِ ٱلْمَعْرِفَةِ عَنْهُ، وَعَنِ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ›. — يو ١٧:٣؛ رو ١٢:٢.
٢ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُحَافِظَ عَلَى عَلَاقَةٍ مَتِينَةٍ بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَقُومَ عَلَى ٱلدَّوَامِ بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ تُرْضِيهِ. لِذَا سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ ٱلْأَسْئِلَةَ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلتَّالِيَةَ: مَا هُوَ مِيرَاثُنَا؟ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَيْهِ؟ كَيْفَ نَضْمَنُ ٱلْحُصُولَ عَلَيْهِ؟ وَمَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَقُومَ بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ؟
مَا هُوَ مِيرَاثُنَا؟
٣ أَيُّ مِيرَاثٍ يَنْتَظِرُ (أ) ٱلْمَمْسُوحِينَ؟ (ب) ‹ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ›؟
٣ ثَمَّةَ عَدَدٌ ضَئِيلٌ نِسْبِيًّا مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَرْجُونَ نَيْلَ «مِيرَاثٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْفَسَادِ، لَا يَتَدَنَّسُ وَلَا يَذْبُلُ»، أَيِ ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ أَنْ يَحْكُمُوا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي ٱلسَّمَاءِ. (١ بط ١:٣، ٤) وَلِيَحْظَوْا بِهٰذَا ٱلْمِيرَاثِ يَجِبُ أَنْ ‹يُولَدُوا ثَانِيَةً›. (يو ٣:١-٣) وَمَاذَا عَنْ ‹خِرَافِ يَسُوعَ ٱلْأُخَرِ› ٱلَّذِينَ يُعَاوِنُونَ ٱلْمَمْسُوحِينَ فِي ٱلْكِرَازَةِ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ ٱللهِ؟ (يو ١٠:١٦) إِنَّ هٰؤُلَاءِ سَيَنَالُونَ ٱلْمِيرَاثَ ٱلَّذِي خَسِرَهُ آدَمُ وَحَوَّاءُ بِسَبَبِ خَطِيَّتِهِمَا: حَيَاةً أَبَدِيَّةً عَلَى أَرْضٍ فِرْدَوْسِيَّةٍ دُونَ أَلَمٍ، وَلَا مَوْتٍ، وَلَا نَوْحٍ. (رؤ ٢١:١-٤) وَعَلَى هٰذَا ٱلْأَسَاسِ وَعَدَ يَسُوعُ فَاعِلَ ٱلسُّوءِ ٱلْمُعَلَّقَ إِلَى جَانِبِهِ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكَ ٱلْيَوْمَ: سَتَكُونُ مَعِي فِي ٱلْفِرْدَوْسِ». — لو ٢٣:٤٣.
٤ أَيُّ بَرَكَاتٍ وَٱمْتِيَازَاتٍ نَنْعَمُ بِهَا ٱلْيَوْمَ؟
٤ لٰكِنَّ مِيرَاثَنَا يَشْمُلُ أَيْضًا بَعْضَ ٱلْبَرَكَاتِ وَٱلِٱمْتِيَازَاتِ ٱلَّتِي نَنْعَمُ بِهَا ٱلْآنَ. فَلِأَنَّنَا نُمَارِسُ ٱلْإِيمَانَ ‹بِٱلْفِدَاءِ ٱلَّذِي تَمَّ بِٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ›، نَمْتَلِكُ ٱلسَّلَامَ ٱلدَّاخِلِيَّ وَعَلَاقَةً لَصِيقَةً بِٱللهِ. (رو ٣:٢٣-٢٥) وَلَدَيْنَا فَهْمٌ وَاضِحٌ لِلْوُعُودِ ٱلثَّمِينَةِ ٱلَّتِي تَحْوِيهَا كَلِمَةُ ٱللهِ. كَمَا يُفْرِحُنَا جِدًّا أَنْ نَكُونَ جُزْءًا مِنْ مَعْشَرِ إِخْوَةٍ عَالَمِيٍّ مُتَّحِدٍ بِٱلْمَحَبَّةِ. هٰذَا وَإِنَّنَا نَحْظَى بِٱلشَّرَفِ ٱلْعَظِيمِ أَنْ نَشْهَدَ عَنْ خَالِقِنَا يَهْوَهَ. فَلَا عَجَبَ أَنْ نُقَدِّرَ مِيرَاثَنَا تَقْدِيرًا عَمِيقًا!
٥ مَاذَا يُحَاوِلُ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يَفْعَلَ بِشَعْبِ ٱللهِ، وَمَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَثْبُتَ ضِدَّ مَكَايِدِهِ؟
٥ كَيْ نُمْسِكَ بِإِحْكَامٍ بِمِيرَاثِنَا ٱلرَّائِعِ، عَلَيْنَا أَنْ نَبْقَى يَقِظِينَ حَتَّى لَا نَسْقُطَ فِي فِخَاخِ ٱلشَّيْطَانِ. فَلَطَالَمَا حَاوَلَ أَنْ يَدْفَعَ شَعْبَ ٱللهِ إِلَى ٱلْقِيَامِ بِخِيَارَاتٍ تُؤَدِّي بِهِمْ إِلَى خَسَارَةِ مِيرَاثِهِمْ. (عد ٢٥:١-٣، ٩) وَهُوَ يُكَثِّفُ جُهُودَهُ لِتَضْلِيلِنَا عَالِمًا أَنَّ نِهَايَتَهُ قَرِيبَةٌ. (اِقْرَأْ رؤيا ١٢:١٢، ١٧.) فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَظَلَّ ‹ثَابِتِينَ ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ›، يَجِبُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي تَقْدِيرِ مِيرَاثِنَا تَقْدِيرًا عَمِيقًا. (اف ٦:١١) وَفِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَّخِذَ عِبْرَةً مِمَّا حَصَلَ مَعَ عِيسُو، ٱبْنِ ٱلْأَبِ ٱلْجَلِيلِ إِسْحَاقَ.
لَا تَكُنْ مِثْلَ عِيسُو
٦، ٧ مَنْ كَانَ عِيسُو، وَأَيُّ مِيرَاثٍ كَانَ بِٱنْتِظَارِهِ؟
٦ مُنْذُ حَوَالَيْ ٤٬٠٠٠ سَنَةٍ، أَنْجَبَ إِسْحَاقُ وَرِفْقَةُ تَوْأَمَيْنِ هُمَا عِيسُو وَيَعْقُوبُ. وَكَانَ هٰذَانِ ٱلتَّوْأَمَانِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي طَبْعِهِمَا وَٱخْتِيَارِهِمَا لِلنَّشَاطَاتِ. فَقَدْ «صَارَ عِيسُو إِنْسَانًا يَعْرِفُ ٱلصَّيْدَ، إِنْسَانَ ٱلْحُقُولِ»، فِي حِينِ كَانَ «يَعْقُوبُ إِنْسَانًا بِلَا لَوْمٍ يَسْكُنُ ٱلْخِيَامَ». (تك ٢٥:٢٧) وَيَذْكُرُ مُتَرْجِمُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ رُوبِرْت أُولْتِر أَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ إِلَى «بِلَا لَوْمٍ» ‹تُشِيرُ إِلَى ٱلِٱسْتِقَامَةِ وَعَدَمِ مُمَارَسَةِ ٱلْخَطِيَّةِ›.
٧ عِنْدَمَا كَانَ عِيسُو وَيَعْقُوبُ فِي ٱلْـ ١٥ مِنَ ٱلْعُمْرِ، مَاتَ جَدُّهُمَا إِبْرَاهِيمُ. لٰكِنَّ وَعْدَ يَهْوَهَ لَهُ بَقِيَ قَائِمًا. فَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، كَرَّرَهُ لِإِسْحَاقَ مُؤَكِّدًا أَنَّ جَمِيعَ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ سَتَتَبَارَكُ بِنَسْلِ إِبْرَاهِيمَ. (اِقْرَأْ تكوين ٢٦:٣-٥.) وَقَدْ كَشَفَ هٰذَا ٱلْوَعْدُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا، أَيِ ‹ٱلنَّسْلَ› ٱلْمَذْكُورَ فِي ٱلتَّكْوِين ٣:١٥، سَيَتَحَدَّرُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ. وَبِمَا أَنَّ عِيسُو هُوَ ٱبْنُ إِسْحَاقَ ٱلْبِكْرُ، فَقَدْ كَانَ نَيْلُ هٰذَا ٱلْوَعْدِ مِنْ حَقِّهِ ٱلشَّرْعِيِّ. فَيَا لَلْمِيرَاثِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذِي كَانَ بِٱنْتِظَارِهِ! فَهَلْ قَدَّرَهُ؟
٨، ٩ (أ) أَيُّ خِيَارٍ قَامَ بِهِ عِيسُو بِشَأْنِ مِيرَاثِهِ؟ (ب) مَاذَا أَدْرَكَ عِيسُو بَعْدَ سَنَوَاتٍ بِشَأْنِ ٱخْتِيَارِهِ، وَمَا كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟
٨ ذَاتَ يَوْمٍ، أَتَى عِيسُو مِنَ ٱلْحَقْلِ وَرَأَى يَعْقُوبَ «يَطْبُخُ طَبِيخًا». فَقَالَ لَهُ: «أَرْجُوكَ، أَسْرِعْ وَأَعْطِنِي شَيْئًا أَلْتَهِمُهُ مِنْ هٰذَا ٱلْأَحْمَرِ، هٰذَا ٱلْأَحْمَرِ هُنَاكَ، لِأَنِّي مُتْعَبٌ!». فَأَجَابَهُ يَعْقُوبُ: «بِعْنِي أَوَّلًا بَكُورِيَّتَكَ!». فَمَاذَا ٱخْتَارَ عِيسُو؟ قَالَ: «أَيُّ نَفْعٍ لِي مِنَ ٱلْبَكُورِيَّةِ؟». نَعَمْ، لَقَدْ فَضَّلَ صَحْنًا مِنَ ٱلطَّبِيخِ عَلَى بَكُورِيَّتِهِ! وَلِيَضْمَنَ يَعْقُوبُ شَرْعِيَّةَ عَمَلِيَّةِ ٱلْبَيْعِ، أَصَرَّ عَلَى أَخِيهِ: «اِحْلِفْ لِي أَوَّلًا!». فَتَخَلَّى عِيسُو عَنْ بَكُورِيَّتِهِ دُونَ تَرَدُّدٍ. عِنْدَئِذٍ، «أَعْطَى يَعْقُوبُ لِعِيسُو خُبْزًا وَطَبِيخَ عَدَسٍ، فَأَكَلَ وَشَرِبَ. ثُمَّ قَامَ وَمَضَى. تك ٢٥:٢٩-٣٤.
وَهٰكَذَا ٱحْتَقَرَ عِيسُو ٱلْبَكُورِيَّةَ». —٩ بَعْدَ سَنَوَاتٍ، ظَنَّ إِسْحَاقُ أَنَّهُ شَارَفَ ٱلْمَوْتَ. فَحَرِصَتْ رِفْقَةُ أَنْ يَنَالَ يَعْقُوبُ ٱلْبَكُورِيَّةَ ٱلَّتِي تَخَلَّى عَنْهَا عِيسُو. وَلَمَّا أَدْرَكَ عِيسُو بَعْدَ فَوَاتِ ٱلْأَوَانِ أَنَّهُ قَامَ بِٱخْتِيَارٍ أَحْمَقَ، تَوَسَّلَ إِلَى أَبِيهِ: «بَارِكْنِي أَنَا أَيْضًا يَا أَبِي! . . . أَمَا أَبْقَيْتَ لِي بَرَكَةً؟». لٰكِنَّ إِسْحَاقَ أَجَابَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعُدْ فِي وِسْعِهِ إِعْطَاؤُهُ ٱلْبَرَكَةَ لِأَنَّهُ سَبَقَ وَمَنَحَهَا لِأَخِيهِ يَعْقُوبَ. عِنْدَئِذٍ، «رَفَعَ عِيسُو صَوْتَهُ وَبَكَى». — تك ٢٧:٣٠-٣٨.
١٠ كَيْفَ نَظَرَ يَهْوَهُ إِلَى عِيسُو وَيَعْقُوبَ، وَلِمَاذَا؟
١٠ تُظْهِرُ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ عِيسُو فَضَّلَ إِشْبَاعَ شَهَوَاتِهِ ٱلْجَسَدِيَّةِ عَلَى حِيَازَةِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلْمُسْتَقْبَلِيَّةِ ٱلنَّاجِمَةِ عَنْ مِيرَاثِهِ. فَهُوَ لَمْ يُقَدِّرْ بَكُورِيَّتَهُ وَلَمْ يُحِبَّ ٱللهَ مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً. كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُفَكِّرْ فِي ٱلْعَاقِبَةِ ٱلَّتِي سَيَحْصُدُهَا نَسْلُهُ جَرَّاءَ تَصَرُّفِهِ هٰذَا. بِٱلْمُقَابِلِ، أَعْرَبَ يَعْقُوبُ عَنْ تَقْدِيرٍ عَمِيقٍ لِمِيرَاثِهِ. فَقَدِ ٱتَّبَعَ مَثَلًا إِرْشَادَاتِ وَالِدَيْهِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِٱخْتِيَارِهِ زَوْجَةً لَهُ. (تك ٢٧:٤٦–٢٨:٣) وَلِأَنَّهُ قَامَ بِهٰذَا ٱلْخِيَارِ ٱلَّذِي تَطَلَّبَ مِنْهُ ٱلتَّضْحِيَةَ وَٱلصَّبْرَ، صَارَ مِنْ أَسْلَافِ ٱلْمَسِيحِ. وَكَيْفَ نَظَرَ يَهْوَهُ إِلَى عِيسُو وَيَعْقُوبَ؟ قَالَ بِلِسَانِ نَبِيِّهِ مَلَاخِي: «أَحْبَبْتُ يَعْقُوبَ، وَأَبْغَضْتُ عِيسُو». — مل ١:٢، ٣.
١١ (أ) لِمَاذَا مِثَالُ عِيسُو مُهِمٌّ لَنَا كَمَسِيحِيِّينَ؟ (ب) لِمَاذَا أَتَى بُولُسُ عَلَى ذِكْرِ ٱلْعَهَارَةِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ تَصَرُّفِ عِيسُو؟
١١ وَهَلْ رِوَايَةُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ عِيسُو مُهِمَّةٌ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟ نَعَمْ، دُونَ شَكٍّ. فَٱلرَّسُولُ بُولُسُ حَذَّرَ ٱلرُّفَقَاءَ ٱلْمُؤْمِنِينَ «لِئَلَّا يَكُونَ أَحَدٌ عَاهِرًا أَوْ غَيْرَ مُقَدِّرٍ لِلْأُمُورِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، كَعِيسُو ٱلَّذِي تَخَلَّى عَنْ بَكُورِيَّتِهِ مُقَابِلَ أَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ». (عب ١٢:١٦) وَهٰذَا ٱلتَّحْذِيرُ لَا يَزَالُ يَنْطَبِقُ ٱلْيَوْمَ. فَيَجِبُ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى تَقْدِيرِنَا لِلْأُمُورِ ٱلْمُقَدَّسَةِ حَتَّى لَا تَتَغَلَّبَ عَلَيْنَا رَغَبَاتُنَا ٱلْجَسَدِيَّةُ فَنَخْسَرَ مِيرَاثَنَا ٱلرُّوحِيَّ. وَلٰكِنْ لِمَاذَا أَتَى بُولُسُ عَلَى ذِكْرِ ٱلْعَهَارَةِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ تَصَرُّفِ عِيسُو؟ لِأَنَّ مَنْ يَمْتَلِكُ مَوْقِفًا كَمَوْقِفِهِ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ يَتَخَلَّى عَنِ ٱلْأُمُورِ ٱلْمُقَدَّسَةِ وَيَسْتَسْلِمَ لِلْمَلَذَّاتِ ٱلْمُحَرَّمَةِ، مِثْلِ ٱلْعَهَارَةِ.
هَيِّئْ قَلْبَكَ مُنْذُ ٱلْآنَ
١٢ (أ) كَيْفَ يَضَعُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلتَّجَارِبَ فِي دَرْبِنَا؟ (ب) أَيُّ مِثَالَيْنِ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يُسَاعِدَانِنَا عِنْدَمَا نَكُونُ أَمَامَ خِيَارٍ صَعْبٍ؟
١٢ نَحْنُ خُدَّامَ يَهْوَهَ لَا نَبْذُلُ طَاقَتَنَا مت ٦:١٣) لٰكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يُحَاوِلُ دُونَ هَوَادَةٍ أَنْ يُقَوِّضَ رُوحِيَّاتِنَا فِيمَا نَجِدُّ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمُنْحَطِّ. (اف ٦:١٢) وَبِمَا أَنَّهُ إِلٰهُ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلشِّرِّيرِ هٰذَا، فَهُوَ يَعْرِفُ كَيْفَ يَسْتَغِلُّ رَغَبَاتِنَا ٱلْخَاطِئَةَ، إِذْ يَضَعُ فِي دَرْبِنَا ٱلتَّجَارِبَ ‹ٱلْمَعْهُودَةَ› عِنْدَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. (١ كو ١٠:٨، ١٣) تَخَيَّلْ مَثَلًا أَنَّكَ أُغْرِيتَ بِإِشْبَاعِ رَغَبَاتِكَ بِطَرِيقَةٍ فَاسِدَةٍ أَدَبِيًّا. فَمَاذَا تَخْتَارُ؟ أَنْ تَكُونَ مِثْلَ عِيسُو ٱلَّذِي أَرَادَ إِشْبَاعَ شَهْوَتِهِ بِسُرْعَةٍ، أَمْ مِثْلَ يُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ ٱلَّذِي قَاوَمَ ٱلتَّجْرِبَةَ وَهَرَبَ مِنْهَا حِينَ حَاوَلَتْ زَوْجَةُ فُوطِيفَارَ إِغْرَاءَهُ؟ — اِقْرَأْ تكوين ٣٩:١٠-١٢.
لِتَجَنُّبِ ٱلْأَوْضَاعِ ٱلَّتِي تُؤَدِّي بِنَا إِلَى سُلُوكٍ فَاسِدٍ أَدَبِيًّا فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا نُصَلِّي إِلَى يَهْوَهَ ٱللهِ مُلْتَمِسِينَ مِنْهُ ٱلْمُسَاعَدَةَ لِمُقَاوَمَةِ ٱلتَّجَارِبِ. (١٣ (أ) كَيْفَ يَتَصَرَّفُ كَثِيرُونَ مِنْ إِخْوَتِنَا ٱلْيَوْمَ كَيُوسُفَ وَٱلْبَعْضُ كَعِيسُو؟ (ب) مَاذَا يَلْزَمُ أَنْ نَفْعَلَ كَيْ لَا نَتَصَرَّفَ مِثْلَ عِيسُو؟
١٣ كَثِيرُونَ مِنْ إِخْوَتِنَا تَعَرَّضُوا لِإِغْرَاءَاتٍ وَضَعَتْهُمْ أَمَامَ خِيَارٍ إِمَّا أَنْ يَتَصَرَّفُوا كَعِيسُو أَوْ أَنْ يَتَصَرَّفُوا كَيُوسُفَ. فَٱتَّبَعَ مُعْظَمُهُمْ مَسْلَكَ ٱلْحِكْمَةِ وَفَرَّحُوا قَلْبَ يَهْوَهَ. (ام ٢٧:١١) لٰكِنَّ بَعْضًا مِنْ إِخْوَتِنَا ٱسْتَسْلَمُوا لِلتَّجْرِبَةِ مِثْلَ عِيسُو وَوَضَعُوا مِيرَاثَهُمُ ٱلرُّوحِيَّ فِي خَطَرٍ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، يَجْرِي تَوْبِيخُ وَفَصْلُ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ سَنَوِيًّا لِٱرْتِكَابِهِمِ ٱلْفَسَادَ ٱلْأَدَبِيَّ. فَكَمْ مِنَ ٱلْحَيَوِيِّ أَنْ نُهَيِّئَ قَلْبَنَا مُنْذُ ٱلْآنَ، قَبْلَ أَنْ نَجِدَ أَنْفُسَنَا فِي أَوْضَاعٍ تَمْتَحِنُ ٱسْتِقَامَتَنَا! (مز ٧٨:٨) وَثَمَّةَ خُطْوَتَانِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ تُسَاعِدَانِنَا أَنْ نُحَصِّنَ أَنْفُسَنَا بِحَيْثُ نَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْقِيَامِ بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ عِنْدَمَا نُوَاجِهُ ٱلتَّجَارِبَ. فَمَا هُمَا؟
تَأَمَّلْ فِي ٱلْعَوَاقِبِ وَعَزِّزْ دِفَاعَاتِكَ
١٤ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تُسَاعِدُنَا أَنْ ‹نَمْقُتَ مَا هُوَ شَرٌّ، وَنَلْتَصِقَ بِمَا هُوَ صَالِحٌ›؟
١٤ اَلْخُطْوَةُ ٱلْأُولَى هِيَ ٱلتَّأَمُّلُ فِي عَوَاقِبِ أَفْعَالِنَا. إِنَّ عُمْقَ تَقْدِيرِنَا لِمِيرَاثِنَا ٱلرُّوحِيِّ يَعْتَمِدُ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ عَلَى عُمْقِ مَحَبَّتِنَا لِيَهْوَهَ، مُعْطِي هٰذَا ٱلْمِيرَاثِ. فَحِينَ نُحِبُّ أَحَدًا مَا، لَا نَرْغَبُ أَنْ نُؤْلِمَهُ بَلْ نَسْعَى إِلَى نَيْلِ رِضَاهُ. لِذَا، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نُخَصِّصَ بَعْضَ ٱلْوَقْتِ لِنَتَأَمَّلَ فِي ٱلْأَذَى ٱلَّذِي قَدْ نُسَبِّبُهُ لِأَنْفُسِنَا وَلِلْآخَرِينَ إِذَا مَا ٱسْتَسْلَمْنَا لِلرَّغَبَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ ٱلنَّجِسَةِ. فَيَلْزَمُ أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا: ‹كَيْفَ سَيُؤَثِّرُ تَصَرُّفِي ٱلْأَنَانِيُّ فِي عَلَاقَتِي بِيَهْوَهَ؟ كَيْفَ سَيُؤَثِّرُ عَلَى عَائِلَتِي وَعَلَى إِخْوَتِي فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ أُعْثِرَ ٱلْآخَرِينَ؟›. (في ١:١٠) كَذٰلِكَ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نَسْأَلَ: ‹هَلْ تَسْتَأْهِلُ ٱللَّحَظَاتُ ٱلْقَصِيرَةُ مِنَ ٱلْمُتْعَةِ ٱلثَّمَنَ ٱلَّذِي سَأَدْفَعُهُ؟ هَلْ أُرِيدُ أَنْ تَكُونَ نِهَايَتِي مِثْلَ نِهَايَةِ عِيسُو ٱلَّذِي بَكَى بِمَرَارَةٍ حِينَ أَدْرَكَ فَدَاحَةَ فَعْلَتِهِ؟›. (عب ١٢:١٧) إِنَّ تَأَمُّلَنَا فِي هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ يُسَاعِدُنَا أَنْ ‹نَمْقُتَ مَا هُوَ شَرٌّ، وَنَلْتَصِقَ بِمَا هُوَ صَالِحٌ›. (رو ١٢:٩) وَمَحَبَّتُنَا لِيَهْوَهَ هِيَ ٱلَّتِي سَتَدْفَعُنَا بِشَكْلٍ خَاصٍّ إِلَى ٱلتَّمَسُّكِ بِمِيرَاثِنَا. — مز ٧٣:٢٨.
١٥ مَا ٱلَّذِي يُعَزِّزُ دِفَاعَاتِنَا ضِدَّ ٱلتَّجَارِبِ ٱلَّتِي تُعَرِّضُ رُوحِيَّاتِنَا لِلْخَطَرِ؟
١٥ اَلْخُطْوَةُ ٱلثَّانِيَةُ هِيَ أَنْ نُعَزِّزَ دِفَاعَاتِنَا. وَقَدْ أَعَدَّ لَنَا يَهْوَهُ تَدَابِيرَ عَدِيدَةً كَيْ نُحَصِّنَ أَنْفُسَنَا ضِدَّ ٱلتَّجَارِبِ ٱلَّتِي تُعَرِّضُ رُوحِيَّاتِنَا ١ كو ١٥:٥٨) فَكُلَّمَا سَكَبْنَا قَلْبَنَا أَمَامَ يَهْوَهَ فِي ٱلصَّلَاةِ وَكُلَّمَا ٱشْتَرَكْنَا بِفَعَّالِيَّةٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، عَمِلْنَا عَلَى تَحْصِينِ أَنْفُسِنَا ضِدَّ ٱلتَّجَارِبِ. (اِقْرَأْ ١ تيموثاوس ٦:١٢، ١٩.) فَقُوَّةُ دِفَاعَاتِنَا تَعْتَمِدُ إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ عَلَى ٱلْجُهُودِ ٱلَّتِي نَبْذُلُهَا. (غل ٦:٧) وَهٰذَا مَا يُبْرِزُهُ ٱلْإِصْحَاحُ ٱلثَّانِي مِنْ سِفْرِ ٱلْأَمْثَالِ.
لِلْخَطَرِ. وَهِيَ تَشْمُلُ دَرْسَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ، خِدْمَةَ ٱلْحَقْلِ، وَٱلصَّلَاةَ. (‹اُطْلُبْهَا كَٱلْكُنُوزِ ٱلدَّفِينَةِ›
١٦، ١٧ كَيْفَ نَنْجَحُ فِي ٱكْتِسَابِ ٱلْمَقْدِرَةِ عَلَى ٱلْقِيَامِ بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ؟
١٦ يُشَجِّعُنَا ٱلْإِصْحَاحُ ٢ مِنَ ٱلْأَمْثَالِ أَنْ نَكْتَسِبَ ٱلْحِكْمَةَ وَٱلْمَقْدِرَةَ ٱلتَّفْكِيرِيَّةَ. فَهَاتَانِ ٱلْعَطِيَّتَانِ تُمَكِّنَانِنَا مِنَ ٱلِٱخْتِيَارِ بَيْنَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ، بَيْنَ تَأْدِيبِ ٱلذَّاتِ وَٱلتَّسَاهُلِ. لٰكِنَّ نَجَاحَنَا فِي ذٰلِكَ يَعْتَمِدُ عَلَى ٱسْتِعْدَادِنَا أَنْ نَبْذُلَ ٱلْجُهُودَ. يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ مُسَلِّطًا ٱلضَّوْءَ عَلَى هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ: «يَا ٱبْنِي، إِنْ قَبِلْتَ أَقْوَالِي وَكَنَزْتَ وَصَايَايَ عِنْدَكَ، حَتَّى تُصْغِيَ بِأُذُنِكَ إِلَى ٱلْحِكْمَةِ، فَتُمِيلَ قَلْبَكَ إِلَى ٱلتَّمْيِيزِ، وَإِنْ نَادَيْتَ ٱلْفَهْمَ وَأَطْلَقْتَ إِلَى ٱلتَّمْيِيزِ صَوْتَكَ، إِنْ طَلَبْتَهَا كَٱلْفِضَّةِ وَبَحَثْتَ عَنْهَا كَٱلْكُنُوزِ ٱلدَّفِينَةِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُ مَخَافَةَ يَهْوَهَ، وَتَجِدُ مَعْرِفَةَ ٱللهِ. لِأَنَّ يَهْوَهَ يُعْطِي ٱلْحِكْمَةَ، وَمِنْ فَمِهِ ٱلْمَعْرِفَةُ وَٱلتَّمْيِيزُ». — ام ٢:١-٦.
١٧ إِذًا، كَيْ نَكْتَسِبَ ٱلْمَقْدِرَةَ ٱللَّازِمَةَ لِلْقِيَامِ بِخِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَوْفِيَ ٱلشُّرُوطَ ٱلْمُدَوَّنَةَ فِي ٱلْأَمْثَالِ. فَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَثْبُتَ ضِدَّ ٱلتَّجَارِبِ إِذَا سَمَحْنَا لِأَقْوَالِ يَهْوَهَ بِأَنْ تَصُوغَ إِنْسَانَنَا ٱلدَّاخِلِيَّ، إِذَا صَلَّيْنَا بِلَجَاجَةٍ مُلْتَمِسِينَ تَوْجِيهَهُ، وَإِذَا طَلَبْنَا مَعْرِفَةَ ٱللهِ كَمَنْ يَبْحَثُ عَنِ ٱلْكُنُوزِ ٱلدَّفِينَةِ.
١٨ مَاذَا أَنْتَ مُصَمِّمٌ عَلَى فِعْلِهِ، وَلِمَاذَا؟
١٨ يَمْنَحُ يَهْوَهُ ٱلْمَعْرِفَةَ وَٱلْفَهْمَ وَٱلتَّمْيِيزَ وَٱلْحِكْمَةَ لِكُلِّ مَنْ يَسْعَى بِكُلِّ طَاقَتِهِ فِي طَلَبِهَا. وَكُلَّمَا بَحَثْنَا عَنْهَا وَٱسْتَخْدَمْنَاهَا، قَوِيَتْ أَوَاصِرُ عَلَاقَتِنَا بِهِ. وَهٰذَا بِدَوْرِهِ يَحْمِينَا وَقْتَ ٱلتَّجْرِبَةِ. فَٱلْتِصَاقُنَا بِإِلٰهِنَا وَخَوْفُنَا مِنْ عَدَمِ إِرْضَائِهِ يَمْنَعَانِنَا مِنِ ٱرْتِكَابِ ٱلْخَطَإِ. (مز ٢٥:١٤؛ يع ٤:٨) نَعَمْ، إِنَّ صَدَاقَتَنَا مَعَ يَهْوَهَ وَٱلْحِكْمَةَ ٱلَّتِي يَمْنَحُنَا إِيَّاهَا تُسَاعِدَانِنَا عَلَى صُنْعِ خِيَارَاتٍ حَكِيمَةٍ تُفَرِّحُ قَلْبَهُ وَتَصُونُ مِيرَاثَنَا.