مقالة الدرس ١٤
هجوم من الشمال
«هَاجَمَتْ أُمَّةٌ أَرْضِي». — يوء ١:٦.
اَلتَّرْنِيمَةُ ٩٥ سَبِيلُ ٱلْأَبْرَارِ يَزْدَادُ نُورًا
لَمْحَةٌ عَنِ ٱلْمَقَالَةِ *
١ كَيْفَ دَرَسَ رَصِل وَرِفَاقُهُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ، وَمَاذَا كَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ؟
قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ سَنَةٍ، بَدَأَ ٱلْأَخُ تْشَارْلْز رَصِل وَرِفَاقُهُ، وَهُمْ عَدَدٌ صَغِيرٌ مِنْ تَلَامِيذِ كَلِمَةِ ٱللهِ، يَجْتَمِعُونَ مَعًا. فَهُمْ أَرَادُوا أَنْ يَعْرِفُوا ٱلْحَقِيقَةَ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ يَهْوَهَ ٱللهِ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، ٱلْمَوْتَى، وَٱلْفِدْيَةِ. وَطَرِيقَتُهُمْ فِي ٱلدَّرْسِ كَانَتْ بَسِيطَةً. فَكَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَسْأَلُ سُؤَالًا، ثُمَّ يَدْرُسُونَ مَعًا كُلَّ ٱلْآيَاتِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِهٰذَا ٱلسُّؤَالِ. وَفِي ٱلنِّهَايَةِ يَكْتُبُونَ مَا تَوَصَّلُوا إِلَيْهِ. وَبِمُسَاعَدَةِ يَهْوَهَ، ٱكْتَشَفَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلْمُخْلِصُونَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ ٱلَّتِي لَا نَزَالُ نُقَدِّرُهَا كَثِيرًا.
٢ لِمَ قَدْ نُخْطِئُ فِي فَهْمِ ٱلنُّبُوَّاتِ؟
٢ لٰكِنْ سُرْعَانَ مَا أَدْرَكَ هٰؤُلَاءِ ٱلتَّلَامِيذُ أَنَّ فَهْمَ ٱلنُّبُوَّاتِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَصْعَبُ بِكَثِيرٍ مِنْ فَهْمِ ٱلْعَقَائِدِ. لِمَاذَا؟ فِي أَغْلَبِ ٱلْأَحْيَانِ، لَا تُفْهَمُ ٱلنُّبُوَّةُ جَيِّدًا إِلَّا فِيمَا تَتِمُّ أَوْ بَعْدَ إِتْمَامِهَا. مِنْ جِهَةٍ ثَانِيَةٍ، كَيْ نَفْهَمَ ٱلنُّبُوَّةَ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ، عَلَيْنَا عُمُومًا أَنْ نَأْخُذَهَا كُلَّهَا فِي ٱلِٱعْتِبَارِ. فَإِذَا رَكَّزْنَا عَلَى جُزْءٍ مِنْهَا وَتَجَاهَلْنَا ٱلْبَاقِيَ، فَقَدْ نَتَوَصَّلُ إِلَى ٱسْتِنْتَاجٍ خَاطِئٍ. وَيَبْدُو أَنَّ هٰذَا مَا حَصَلَ بِخُصُوصِ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ. لِنُرَاجِعْ مَعًا هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةَ، وَنَرَ لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نُعَدِّلَ فَهْمَنَا.
٣-٤ كَيْفَ فَهِمْنَا يُوئِيل ٢:٧-٩ حَتَّى ٱلْآنَ؟
٣ اقرأ يوئيل ٢:٧-٩. أَنْبَأَ يُوئِيلُ أَنَّ مَوْجَةً مِنَ ٱلْجَرَادِ سَتَجْتَاحُ أَرْضَ إِسْرَائِيلَ. وَهٰذِهِ ٱلْحَشَرَاتُ ٱلشَّرِهَةُ سَتَأْكُلُ ٱلْأَخْضَرَ وَٱلْيَابِسَ بِأَسْنَانِهَا ٱلَّتِي مِثْلُ أَسْنَانِ ٱلْأُسُودِ. (يوء ١:٤، ٦) لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ، ٱعْتَقَدْنَا أَنَّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةَ تَنْطَبِقُ مَجَازِيًّا عَلَى شَعْبِ يَهْوَهَ. فَهُمْ يَسْتَمِرُّونَ فِي تَبْشِيرِ ٱلنَّاسِ بِٱنْدِفَاعٍ مِثْلَ مَوْجَةِ جَرَادٍ لَا شَيْءَ يَقِفُ فِي طَرِيقِهَا. وَقُلْنَا إِنَّ رِسَالَتَهُمْ تُسَبِّبُ ضَرَرًا ‹لِلْأَرْضِ›، أَيْ لِلنَّاسِ ٱلَّذِينَ يَتَحَكَّمُ بِهِمْ رِجَالُ ٱلدِّينِ. *
٤ قَدْ يَبْدُو هٰذَا ٱلْفَهْمُ مَنْطِقِيًّا إِذَا قَرَأْنَا يُوئِيل ٢:٧-٩ فَقَطْ. وَلٰكِنْ حِينَ نَأْخُذُ كَامِلَ ٱلنُّبُوَّةِ فِي ٱلِٱعْتِبَارِ، نُدْرِكُ أَنَّ مَعْنَاهَا مُخْتَلِفٌ. لِنُنَاقِشْ مَعًا أَرْبَعَةَ أَسْبَابٍ تَدْفَعُنَا أَنْ نُعَدِّلَ فَهْمَنَا.
أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ لِلتَّعْدِيلِ
٥-٦ أَيُّ سُؤَالٍ يَنْشَأُ حِينَ نُفَكِّرُ فِي (أ) يُوئِيل ٢:٢٠؟ (ب) يُوئِيل ٢:٢٥؟
٥ أَوَّلًا، لَاحِظْ مَاذَا سَيَفْعَلُ يَهْوَهُ بِٱلْجَرَادِ. قَالَ: «سَأُبْعِدُ عَنْكُمْ ٱلآتِينَ مِنَ ٱلشَّمَالِ»، أَيِ ٱلْجَرَادَ ٱلْآتِي مِنَ ٱلشَّمَالِ. (يوء ٢:٢٠) لَوْ كَانَ ٱلْجَرَادُ يُمَثِّلُ شُهُودَ يَهْوَهَ ٱلَّذِينَ يُطِيعُونَ وَصِيَّةَ يَسُوعَ أَنْ يُبَشِّرُوا وَيُعَلِّمُوا، فَلِمَ يُبْعِدُهُمْ يَهْوَهُ؟ (حز ٣٣:٧-٩؛ مت ٢٨:١٩، ٢٠) وَاضِحٌ إِذًا أَنَّ يَهْوَهَ لَا يُبْعِدُ خُدَّامَهُ ٱلْأُمَنَاءَ، بَلْ شَيْئًا أَوْ شَخْصًا يَتَعَدَّى عَلَى شَعْبِهِ.
٦ ثَانِيًا، فَكِّرْ فِي مَا قَالَهُ يَهْوَهُ فِي يُوئِيل ٢:٢٥: «أُعَوِّضُ لَكُمْ عَنْ مَحَاصِيلِ ٱلسِّنِينِ ٱلَّتِي أَكَلَهَا ٱلْجَرَادُ ٱلطَّيَّارُ وَٱلزَّاحِفُ وَٱلْمُخَرِّبُ وَٱلشَّرِهُ. إِنَّهُمْ جَيْشِي ٱلْعَظِيمُ ٱلَّذِي أَرْسَلْتُهُ عَلَيْكُمْ». لَاحِظْ أَنَّ يَهْوَهَ يَعِدُ أَنْ ‹يُعَوِّضَ› عَنِ ٱلضَّرَرِ ٱلَّذِي سَبَّبَهُ ٱلْجَرَادُ. فَلَوْ كَانَ ٱلْجَرَادُ يُمَثِّلُ ٱلْمُبَشِّرِينَ بِمَمْلَكَةِ ٱللهِ، أَفَلَا يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّ رِسَالَتَهُمْ تُسَبِّبُ ٱلضَّرَرَ؟ لٰكِنَّ ٱلْعَكْسَ صَحِيحٌ. فَهٰذِهِ ٱلرِّسَالَةُ تُخَلِّصُ حَيَاةَ ٱلنَّاسِ وَتَدْفَعُ بَعْضَ ٱلْأَشْرَارِ أَنْ يَتُوبُوا. (حز ٣٣:٨، ١٩) وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا لِخَيْرِهِمْ.
٧ مَاذَا نَسْتَنْتِجُ مِنْ عِبَارَةِ «بَعْدَ ذٰلِكَ» فِي يُوئِيل ٢:٢٨، ٢٩؟
٧ اقرأ يوئيل ٢:٢٨، ٢٩. ثَالِثًا، فَكِّرْ فِي تَسَلْسُلِ ٱلْأَحْدَاثِ فِي هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةِ. فَيَهْوَهُ قَالَ: «بَعْدَ ذٰلِكَ، أَسْكُبُ رُوحِي»، أَيْ بَعْدَ أَنْ يُنْهِيَ ٱلْجَرَادُ مُهِمَّتَهُ. فَلَوْ كَانَ ٱلْجَرَادُ يُمَثِّلُ شَعْبَ يَهْوَهَ، فَلِمَاذَا يَسْكُبُ يَهْوَهُ رُوحَهُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنْ يَنْتَهُوا مِنَ ٱلتَّبْشِيرِ؟ فَفِي ٱلْحَقِيقَةِ، لَوْلَا رُوحُ ٱللهِ لَمَا ٱسْتَطَاعُوا أَسَاسًا أَنْ يُتَابِعُوا هٰذَا ٱلْعَمَلَ طَوَالَ سَنَوَاتٍ رَغْمَ ٱلْمُقَاوَمَةِ وَٱلْحَظْرِ.
٨ مَنْ يُمَثِّلُ ٱلْجَرَادُ فِي ٱلرُّؤْيَا ٩:١-١١؟ (اُنْظُرْ صُورَةَ ٱلْغِلَافِ.)
٨ اقرإ الرؤيا ٩:١-١١. لِنَنْتَقِلِ ٱلْآنَ إِلَى ٱلسَّبَبِ ٱلرَّابِعِ. كُنَّا نَرْبِطُ بَيْنَ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ وَعَمَلِ ٱلتَّبْشِيرِ بِسَبَبِ نُبُوَّةٍ مُشَابِهَةٍ فِي سِفْرِ ٱلرُّؤْيَا. فَهٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ تَتَحَدَّثُ عَنْ جَرَادٍ وَجْهُهُ كَوَجْهِ إِنْسَانٍ وَ «عَلَى رُؤُوسِهِ مَا يُشْبِهُ تِيجَانًا مِنْ ذَهَبٍ». (رؤ ٩:٧) وَهُوَ سَيُعَذِّبُ «ٱلنَّاسَ [أَعْدَاءَ ٱللهِ] ٱلَّذِينَ لَيْسَ لَدَيْهِمْ خَتْمُ ٱللهِ عَلَى جَبِينِهِمْ» مُدَّةَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَهُوَ مُعَدَّلُ عُمْرِ ٱلْجَرَادِ. (رؤ ٩:٤، ٥) وَهٰذَا ٱلْوَصْفُ يَنْطَبِقُ فِعْلًا عَلَى خُدَّامِ ٱللهِ ٱلْمُخْتَارِينَ بِٱلرُّوحِ. فَهُمْ يُعْلِنُونَ بِجُرْأَةٍ أَحْكَامَ ٱللهِ عَلَى ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ، وَهٰذَا يُضَايِقُ ٱلْأَشْرَارَ كَثِيرًا.
٩ مَا ٱلِٱخْتِلَافَاتُ بَيْنَ ٱلنُّبُوَّتَيْنِ فِي يُوئِيلَ وَٱلرُّؤْيَا؟
٩ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلنُّبُوَّتَيْنِ فِي يُوئِيلَ وَٱلرُّؤْيَا مُتَشَابِهَتَانِ، وَلٰكِنْ هُنَاكَ ٱخْتِلَافَاتٌ كَبِيرَةٌ بَيْنَهُمَا. فَفِي نُبُوَّةِ يُوئِيلَ، قَضَى ٱلْجَرَادُ عَلَى كُلِّ ٱلنَّبَاتَاتِ. (يوء ١:٤، ٦، ٧) أَمَّا فِي ٱلرُّؤْيَا، فَقِيلَ لَهُ «أَنْ لَا يُؤْذِيَ عُشْبَ ٱلْأَرْضِ وَلَا أَيَّ نَبْتَةٍ خَضْرَاءَ». (رؤ ٩:٤) أَيْضًا، ٱلْجَرَادُ ٱلَّذِي رَآهُ يُوئِيلُ أَتَى مِنَ ٱلشَّمَالِ. (يوء ٢:٢٠) أَمَّا ٱلَّذِي رَآهُ يُوحَنَّا فَأَتَى مِنَ ٱلْمَهْوَاةِ. (رؤ ٩:٢، ٣) وَفِي سِفْرِ يُوئِيلَ، أَبْعَدَ يَهْوَهُ ٱلْجَرَادَ. أَمَّا فِي سِفْرِ ٱلرُّؤْيَا، فَلَمْ يُبْعِدْهُ بَلْ سَمَحَ لَهُ أَنْ يُنْهِيَ عَمَلَهُ. وَلَا شَيْءَ يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنْهُ. — اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « نُبُوَّتَانِ عَنِ ٱلْجَرَادِ مُخْتَلِفَتَانِ رَغْمَ ٱلتَّشَابُهَاتِ».
١٠ هَلِ ٱلْجَرَادُ فِي نُبُوَّةِ يُوئِيلَ هُوَ نَفْسُهُ فِي ٱلرُّؤْيَا؟ أَوْضِحْ.
١٠ نَسْتَنْتِجُ مِنْ هٰذِهِ ٱلِٱخْتِلَافَاتِ ٱلْكَبِيرَةِ أَنَّ ٱلرُّؤْيَا ٥:٥ يَسُوعَ بِأَنَّهُ «ٱلْأَسَدُ ٱلَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا». أَمَّا ١ بُطْرُس ٥:٨، فَتَصِفُ ٱلشَّيْطَانَ بِأَنَّهُ «أَسَدٌ يَزْأَرُ». إِذًا بِنَاءً عَلَى مَا رَأَيْنَا، يَلْزَمُ أَنْ نُعَدِّلَ فَهْمَنَا لِنُبُوَّةِ يُوئِيلَ. فَإِلَامَ تُشِيرُ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ؟
ٱلنُّبُوَّتَيْنِ لَيْسَتَا مُرْتَبِطَتَيْنِ. فَهَلْ نَقْصِدُ أَنَّ ٱلْجَرَادَ فِي يُوئِيلَ مُخْتَلِفٌ عَنِ ٱلْجَرَادِ فِي ٱلرُّؤْيَا؟ نَعَمْ. وَهٰذَا لَيْسَ غَرِيبًا. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَسْتَعْمِلُ أَحْيَانًا ٱلتَّشْبِيهَ نَفْسَهُ بِمَعَانٍ مُخْتَلِفَةٍ. مَثَلًا، تَصِفُمَا مَعْنَى نُبُوَّةِ يُوئِيلَ؟
١١ حَسَبَ يُوئِيل ١:٦ وَ ٢:١، ٨، ١١، مَنْ يُمَثِّلُ ٱلْجَرَادُ؟
١١ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي كَامِلِ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ، نُدْرِكُ أَنَّهُ يَتَنَبَّأُ عَنْ هُجُومٍ عَسْكَرِيٍّ. (يوء ١:٦؛ ٢:١، ٨، ١١) فَيَهْوَهُ قَالَ إِنَّهُ سَيَسْتَخْدِمُ ‹جَيْشَهَ ٱلْعَظِيمَ›، أَيِ ٱلْجُنُودَ ٱلْبَابِلِيِّينَ، كَيْ يُعَاقِبَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ. (يوء ٢:٢٥) وَمِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ يُقَالَ عَنْ هٰؤُلَاءِ ٱلْجُنُودِ إِنَّهُمْ «آتِينَ مِنَ ٱلشَّمَالِ» لِأَنَّ ٱلْبَابِلِيِّينَ كَانُوا سَيُهَاجِمُونَ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلشَّمَالِ. (يوء ٢:٢٠) كَمَا أَنَّ هٰذَا ٱلْجَيْشَ يُشْبِهُ سِرْبَ جَرَادٍ مُنَظَّمًا. فَقَدْ وَصَفَهُمْ يُوئِيلُ: «كُلُّ رَجُلٍ يَمْشِي فِي طَرِيقِهِ . . . يَنْدَفِعُونَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ، يَرْكُضُونَ عَلَى ٱلسُّورِ، يَتَسَلَّقُونَ حِيطَانَ ٱلْبُيُوتِ، وَيَدْخُلُونَ مِنَ ٱلشَّبَابِيكِ كَٱلسَّارِقِينَ». (يوء ٢:٨، ٩) هَلْ تَتَخَيَّلُ ٱلْمَشْهَدَ؟ اَلْجُنُودُ مُنْتَشِرُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَلَا مَجَالَ لِلِٱخْتِبَاءِ مِنْهُمْ، لَنْ يُفْلِتَ أَحَدٌ مِنْ سَيْفِ ٱلْبَابِلِيِّينَ.
١٢ كَيْفَ تَمَّتْ نُبُوَّةُ يُوئِيلَ عَنِ ٱلْجَرَادِ؟
١٢ وَمِثْلَ مَوْجَةٍ مِنَ ٱلْجَرَادِ، ٱجْتَاحَ ٱلْبَابِلِيُّونَ (ٱلْكَلْدَانِيُّونَ) مَدِينَةَ أُورُشَلِيمَ سَنَةَ ٦٠٧ قم. يُخْبِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ مَلِكَ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ «قَتَلَ شُبَّانَ [ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ] بِٱلسَّيْفِ . . . وَلَمْ يَتَرَأَّفْ عَلَى شَابٍّ أَوْ عَذْرَاءَ، وَلَا عَلَى شَيْخٍ أَوْ هَرِمٍ. أَسْلَمَ [يَهْوَهُ] ٱلْجَمِيعَ إِلَى يَدِهِ. وَأَحْرَقَ بَيْتَ ٱللهِ وَقَوَّضَ سُورَ أُورُشَلِيمَ. وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ قُصُورِهَا بِٱلنَّارِ وَكُلَّ مَا فِيهَا مِنْ مَتَاعٍ نَفِيسٍ، حَتَّى أَصْبَحَ كُلُّ شَيْءٍ خَرَابًا». (٢ اخ ٣٦:١٧، ١٩) لَقَدْ دَمَّرَ ٱلْبَابِلِيُّونَ أُورُشَلِيمَ، حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ رَآهَا قَالَ: «إِنَّهَا مُقْفِرَةٌ بِلَا إِنْسَانٍ وَلَا بَهِيمَةٍ. وَقَدْ أُسْلِمَتْ إِلَى يَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ». — ار ٣٢:٤٣.
١٣ اِشْرَحْ إِرْمِيَا ١٦:١٦، ١٨.
١٣ بَعْدَ حَوَالَيْ ٢٠٠ سَنَةٍ مِنْ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ، أَوْحَى يَهْوَهُ إِلَى إِرْمِيَا أَنْ يَكْتُبَ مَعْلُومَةً إِضَافِيَّةً عَنْ هٰذَا ٱلْهُجُومِ. فَأَخْبَرَ أَنَّ ٱلْأَعْدَاءَ سَيَبْحَثُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ عَنِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْأَشْرَارِ إِلَى أَنْ يُمْسِكُوهُمْ. ذَكَرَ: «‹هَا أَنَا مُرْسِلٌ إِلَى صَيَّادِي سَمَكٍ كَثِيرِينَ›، يَقُولُ يَهْوَهُ، ‹فَيَصْطَادُونَهُمْ. ثُمَّ أُرْسِلُ إِلَى قَنَّاصِينَ كَثِيرِينَ فَيَقْنِصُونَهُمْ عَنْ كُلِّ جَبَلٍ وَعَنْ كُلِّ أَكَمَةٍ وَمِنْ شُقُوقِ ٱلصَّخْرِ. فَأُجَازِيهِمْ . . . عَلَى ذَنْبِهِمْ وَخَطِيَّتِهِمْ جَزَاءً تَامًّا›». فَلَا ٱلْمُحِيطَاتُ وَلَا ٱلْغَابَاتُ كَانَتْ سَتُخْفِي ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ غَيْرَ ٱلتَّائِبِينَ عَنْ عُيُونِ ٱلْبَابِلِيِّينَ. — ار ١٦:١٦، ١٨.
أَخْبَارٌ مُفْرِحَةٌ
١٤ مَتَى تَمَّتْ يُوئِيل ٢:٢٨، ٢٩؟
١٤ يَنْتَقِلُ يُوئِيلُ ٱلْآنَ إِلَى ٱلْأَخْبَارِ ٱلْمُفْرِحَةِ. فَٱلْأَرْضُ سَتُثْمِرُ مِنْ جَدِيدٍ. (يوء ٢:٢٣-٢٦) وَفِي وَقْتٍ مَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ، سَيَكُونُ هُنَاكَ ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلطَّعَامِ ٱلرُّوحِيِّ. قَالَ يَهْوَهُ: «أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى مُخْتَلِفِ ٱلنَّاسِ، فَيَتَنَبَّأُ أَبْنَاؤُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ . . . حَتَّى عَلَى عَبِيدِي، ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ، سَأَسْكُبُ رُوحِي». (يوء ٢:٢٨، ٢٩) وَلَمْ يَسْكُبْ يَهْوَهُ رُوحَهُ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فَوْرًا عِنْدَمَا عَادُوا مِنْ بَابِلَ، بَلْ بَعْدَ مِئَاتِ ٱلسِّنِينَ، وَتَحْدِيدًا يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم. كَيْفَ نَعْرِفُ ذٰلِكَ؟
١٥ حَسَبَ ٱلْأَعْمَال ٢:١٦، ١٧، كَيْفَ عَدَّلَ بُطْرُسُ كَلِمَاتِ يُوئِيل ٢:٢٨، وَإِلَامَ أَشَارَ ذٰلِكَ؟
١٥ أَوْحَى يَهْوَهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ أَنْ يُطَبِّقَ يُوئِيل ٢:٢٨، ٢٩ عَلَى حَادِثَةٍ مُذْهِلَةٍ حَصَلَتْ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ. فَحَوَالَيِ ٱلسَّاعَةِ ٱلتَّاسِعَةِ صَبَاحًا، سَكَبَ ٱللهُ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ عَلَى ٱلتَّلَامِيذِ. فَبَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ عَنْ «عَظَائِمِ ٱللهِ» بِلُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. (اع ٢:١١) وَبِٱلْوَحْيِ، كَرَّرَ بُطْرُسُ كَلِمَاتِ يُوئِيلَ مَعْ تَعْدِيلٍ صَغِيرٍ. فَهَلْ لَاحَظْتَ مَا هُوَ؟ (اقرإ الاعمال ٢:١٦، ١٧.) بَدَلَ أَنْ يَبْدَأَ كَلَامَهُ بِعِبَارَةِ «بَعْدَ ذٰلِكَ»، قَالَ: «فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ». وَٱلْأَيَّامُ ٱلْأَخِيرَةُ أَشَارَتْ هُنَا إِلَى ٱلْفَتْرَةِ ٱلَّتِي سَبَقَتْ دَمَارَ أُورُشَلِيمَ وَهَيْكَلِهَا. فَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، كَانَ ٱللهُ سَيَسْكُبُ رُوحَهُ «عَلَى شَتَّى ٱلْبَشَرِ». وَهٰذَا يُشِيرُ أَنَّ وَقْتًا طَوِيلًا مَرَّ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ هٰذَا ٱلْجُزْءُ مِنْ نُبُوَّةِ يُوئِيلَ.
١٦ مَاذَا حَصَلَ بَعْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ، وَمَاذَا عَنْ أَيَّامِنَا؟
١٦ بَعْدَمَا نَالَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يَوْمَ ٱلْخَمْسِينَ، بَدَأَ عَمَلُ ٱلتَّبْشِيرِ يَتَقَدَّمُ وَيَتَوَسَّعُ. وَحِينَ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ رِسَالَتَهُ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِي، نَحْوَ عَامِ ٦١ بم، كَانَتِ ٱلْبِشَارَةُ قَدْ وَصَلَتْ إِلَى «كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلَّتِي تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ». (كو ١:٢٣) وَفِي أَيَّامِ بُولُسَ، أَشَارَتْ عِبَارَةُ «كُلِّ ٱلْخَلِيقَةِ» إِلَى ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْمَعْرُوفَةِ مِنَ ٱلْعَالَمِ آنَذَاكَ. وَبِقُوَّةِ رُوحِ يَهْوَهَ، يَتَقَدَّمُ هٰذَا ٱلْعَمَلُ فِي أَيَّامِنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ، حَتَّى إِنَّ ٱلْبِشَارَةَ وَصَلَتْ «إِلَى أَقْصَى ٱلْأَرْضِ». — اع ١٣:٤٧؛ اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « أَسْكُبُ رُوحِي».
مَاذَا تَغَيَّرَ؟
١٧ كَيْفَ تَغَيَّرَ فَهْمُنَا لِلنُّبُوَّةِ فِي يُوئِيل ٢:٧-٩؟
١٧ إِذًا، مَا ٱلَّذِي تَغَيَّرَ فِي فَهْمِنَا؟ صِرْنَا نَفْهَمُ ٱلنُّبُوَّةَ فِي يُوئِيل ٢:٧-٩ بِطَرِيقَةٍ أَوْضَحَ. فَبِٱخْتِصَارٍ، لَا تُشِيرُ هٰذِهِ ٱلْأَعْدَادُ إِلَى عَمَلِ ٱلتَّبْشِيرِ، بَلْ إِلَى هُجُومِ ٱلْجَيْشِ ٱلْبَابِلِيِّ عَلَى أُورُشَلِيمَ سَنَةَ ٦٠٧ قم.
١٨ أَيُّ أَمْرٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى شَعْبِ يَهْوَهَ؟
١٨ وَمَا ٱلَّذِي لَمْ يَتَغَيَّرْ؟ لَا يَزَالُ شَعْبُ يَهْوَهَ يُبَشِّرُ بِٱنْدِفَاعٍ فِي كُلِّ مَكَانٍ وَبِكُلِّ طَرِيقَةٍ مُمْكِنَةٍ. (مت ٢٤:١٤) فَلَا ٱلْحَظْرُ وَلَا ٱلْقُيُودُ تُوقِفُنَا عَنْ مُهِمَّتِنَا. وَبِدَعْمِ يَهْوَهَ، نَحْنُ ٱلْيَوْمَ فِي قِمَّةِ نَشَاطِنَا، وَنَنْقُلُ إِلَى ٱلنَّاسِ بِشَجَاعَةٍ ٱلْأَخْبَارَ ٱلْحُلْوَةَ عَنْ مَمْلَكَةِ ٱللهِ. كَمَا نَسْتَمِرُّ فِي ٱلِٱتِّكَالِ بِتَوَاضُعٍ عَلَى إِرْشَادِ يَهْوَهَ لِنَفْهَمَ ٱلنُّبُوَّاتِ. وَنَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّهُ سَيَكْشِفُ لَنَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ «ٱلْحَقَّ كُلَّهُ». — يو ١٦:١٣.
اَلتَّرْنِيمَةُ ٩٧ اَلْحَيَاةُ تَعْتَمِدُ عَلَى كَلِمَةِ ٱللهِ
^ الفقرة 5 اِعْتَقَدْنَا لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ فِي يُوئِيل ١ وَ ٢ تَنْطَبِقُ عَلَى عَمَلِ ٱلتَّبْشِيرِ فِي أَيَّامِنَا. وَلٰكِنْ هُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَسْبَابٍ مُهِمَّةٍ تَدْفَعُنَا أَنْ نُعَدِّلَ فَهْمَنَا لِهٰذَا ٱلْجُزْءِ مِنَ ٱلنُّبُوَّةِ. فَمَا هِيَ هٰذِهِ ٱلْأَسْبَابُ؟
^ الفقرة 3 اُنْظُرْ مَثَلًا ٱلْمَقَالَةَ «حِكْمَةُ يَهْوَهَ تَتَجَلَّى فِي ٱلْخَلِيقَةِ» فِي بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ، عَدَدِ ١٥ نَيْسَانَ (إِبْرِيل) ٢٠٠٩، ٱلْفِقْرَاتِ ١٤-١٦.