اخوات خدمن بروح طوعية
تُقَرِّرُ أَخَوَاتٌ عَزْبَاوَاتٌ كَثِيرَاتٌ ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى بُلْدَانٍ أَجْنَبِيَّةٍ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ مَاسَّةٌ. وَبَعْضُهُنَّ يَخْدُمْنَ هُنَاكَ مُنْذُ عَشَرَاتِ ٱلسِّنِينَ. فَمَاذَا سَاعَدَهُنَّ عَلَى ٱتِّخَاذِ هٰذِهِ ٱلْخُطْوَةِ ٱلْجَرِيئَةِ؟ مَاذَا تَعَلَّمْنَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْخِدْمَةِ؟ وَأَيَّةُ بَرَكَاتٍ حَصَدْنَهَا؟ قَابَلْنَا بَعْضَهُنَّ وَطَرَحْنَا عَلَيْهِنَّ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ تَعْلِيقَاتِهِنَّ ٱلْبَنَّاءَةَ سَتُفِيدُ كُلَّ أُخْتٍ عَزْبَاءَ تَرْغَبُ أَنْ تُغْنِيَ حَيَاتَهَا بِخِدْمَةِ يَهْوَهَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، إِنَّ مِثَالَهُنَّ لَا يُفِيدُ ٱلْأَخَوَاتِ ٱلْعَزْبَاوَاتِ فَقَطْ، بَلْ جَمِيعَ خُدَّامِ ٱللهِ.
اَلتَّغَلُّبُ عَلَى ٱلشُّكُوكِ
هَلْ تَتَسَاءَلِينَ إِنْ كَانَ فِي وِسْعِكِ ٱلْخِدْمَةُ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ؟ خُذِي عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ أُخْتًا فِي ٱلْـ ٧٥ مِنْ عُمْرِهَا ٱسْمُهَا أَنِيتَا. فَقَدْ كَبُرَتْ فِي إِنْكِلْتَرَا وَبَدَأَتِ ٱلْفَتْحَ بِعُمْرِ ١٨ سَنَةً. لٰكِنَّهَا لَمْ تَظُنَّ قَطُّ أَنَّهَا قَادِرَةٌ عَلَى ٱلْخِدْمَةِ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ. تَقُولُ: «اِسْتَمْتَعْتُ بِتَعْلِيمِ ٱلنَّاسِ عَنْ يَهْوَهَ، لٰكِنِّي لَمْ أَتَخَيَّلْ نَفْسِي يَوْمًا أَخْدُمُ خَارِجَ ٱلْبِلَادِ. فَأَنَا لَمْ أَتَعَلَّمْ لُغَةً أَجْنَبِيَّةً وَكُنْتُ مُقْتَنِعَةً أَنَّ ذٰلِكَ يَفُوقُ إِمْكَانَاتِي. لِذَا تَفَاجَأْتُ عِنْدَمَا دُعِيتُ إِلَى حُضُورِ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ. فَكَيْفَ لِشَخْصٍ مِثْلِي أَنْ يَنَالَ دَعْوَةً كَهٰذِهِ؟! لٰكِنِّي قُلْتُ فِي نَفْسِي: ‹مَا دَامَ يَهْوَهُ يَعْتَبِرُنِي أَهْلًا لِهٰذَا ٱلِٱمْتِيَازِ، فَلِمَ لَا أُحَاوِلُ عَلَى ٱلْأَقَلِّ؟›. كَانَ ذٰلِكَ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ٥٠ سَنَةً. وَمَا زِلْتُ حَتَّى ٱلْآنَ أَخْدُمُ مُرْسَلَةً فِي ٱلْيَابَان». وَتُضِيفُ: «أَحْيَانًا أَقُولُ لِلْأَخَوَاتِ ٱلْأَصْغَرِ سِنًّا وَعَيْنَايَ تُشِعَّانِ فَرَحًا: ‹هَيَّا، ٱحْزِمْنَ أَمْتِعَتَكُنَّ وَٱنْضَمِمْنَ إِلَيَّ فِي أَعْظَمِ مُغَامَرَةٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ›. وَيَسُرُّنِي أَنَّ كَثِيرَاتٍ قَبِلْنَ دَعْوَتِي».
اِسْتِجْمَاعُ ٱلْجُرْأَةِ
فِي ٱلْبِدَايَةِ، تَرَدَّدَتْ أَخَوَاتٌ كَثِيرَاتٌ فِي ٱلِٱنْتِقَالِ إِلَى بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ. فَكَيْفَ ٱسْتَجْمَعْنَ ٱلْجُرْأَةَ ٱللَّازِمَةَ؟
تُخْبِرُ مُورِين (٦٤ سَنَةً): «مُنْذُ صِغَرِي، أَرَدْتُ أَنْ أَعِيشَ حَيَاةً لَهَا مَعْنًى، حَيَاةً أَقْضِيهَا فِي مُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ». لِذَا ٱنْتَقَلَتْ مُورِين عِنْدَمَا بَلَغَتِ ٱلْعِشْرِينَ مِنَ ٱلْعُمْرِ إِلَى كِيبِك فِي كَنَدَا، حَيْثُ كَانَتِ ٱلْحَاجَةُ مَاسَّةً إِلَى فَاتِحِينَ. تُتَابِعُ: «بَعْدَ ذٰلِكَ، تَلَقَّيْتُ دَعْوَةً إِلَى مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ. لٰكِنِّي خِفْتُ أَنْ أَعِيشَ فِي مَكَانٍ غَرِيبٍ بَعِيدًا عَنْ أَصْدِقَائِي. كَمَا قَلِقْتُ عَلَى أُمِّي، وَلَمْ أُرِدْ أَنْ أَتْرُكَهَا لِتَعْتَنِيَ وَحْدَهَا بِأَبِي ٱلْمَرِيضِ. فَقَضَيْتُ
لَيَالِيَ كَثِيرَةً أَبْكِي وَأُصَلِّي إِلَى يَهْوَهَ. وَلٰكِنْ عِنْدَمَا أَخْبَرْتُ وَالِدَيَّ بِمَخَاوِفِي، شَجَّعَانِي أَنْ أَقْبَلَ ٱلدَّعْوَةَ. كَمَا شَعَرْتُ بِمَحَبَّةِ وَدَعْمِ ٱلْجَمَاعَةِ لَهُمَا. وَإِذْ لَمَسْتُ عِنَايَةَ يَهْوَهَ بِهِمَا، وَثِقْتُ أَنَّهُ سَيَكُونُ إِلَى جَانِبِي أَنَا أَيْضًا. فَٱتَّخَذْتُ قَرَارَ ٱلسَّفَرِ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ». لَقَدْ بَدَأَتْ مُورِين خِدْمَتَهَا ٱلْإِرْسَالِيَّةَ فِي إِفْرِيقْيَا ٱلْغَرْبِيَّةِ عَامَ ١٩٧٩. وَدَامَتْ خِدْمَتُهَا هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ سَنَةً. تَقُولُ عَنْ تِلْكَ ٱلسَّنَوَاتِ: «لَمْ يَتَخَلَّ يَهْوَهُ عَنِّي قَطُّ، وَأَمَّنَ حَاجَاتِي دَائِمًا». وَقَدْ عَادَتْ مُورِين إِلَى كَنَدَا، وَهِيَ ٱلْيَوْمَ فَاتِحَةٌ خُصُوصِيَّةٌ وَتَهْتَمُّ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ بِأُمِّهَا ٱلْمُسِنَّةِ.أَمَّا وِينْدِي (٦٥ سَنَةً) فَبَدَأَتْ تَخْدُمُ فَاتِحَةً فِي أُوسْتْرَالِيَا خِلَالَ مُرَاهَقَتِهَا. تَذْكُرُ: «كُنْتُ خَجُولَةً جِدًّا وَٱسْتَصْعَبْتُ ٱلتَّكَلُّمَ مَعَ ٱلْغُرَبَاءِ. لٰكِنِّي تَخَطَّيْتُ هٰذِهِ ٱلْمُشْكِلَةَ. فَٱلْفَتْحُ عَلَّمَنِي أَنْ أَتَحَدَّثَ إِلَى كُلِّ ٱلنَّاسِ، مِمَّا زَادَ ثِقَتِي بِنَفْسِي. كَمَا عَلَّمَنِي أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى يَهْوَهَ، فَلَمْ أَعُدْ أَقْلَقُ بِشَأْنِ ٱلْخِدْمَةِ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ. هٰذَا وَإِنَّ أُخْتًا عَزْبَاءَ شَجَّعَتْنِي أَنْ أَنْضَمَّ إِلَيْهَا فِي رِحْلَةٍ تَبْشِيرِيَّةٍ تَدُومُ ٣ أَشْهُرٍ فِي ٱلْيَابَان. وَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْأُخْتُ قَدْ قَضَتْ هُنَاكَ أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ سَنَةً فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ. فَنَمَّى ٱلْعَمَلُ مَعَهَا رَغْبَتِي فِي ٱلِٱنْتِقَالِ إِلَى خَارِجِ ٱلْبِلَادِ». لِذَا سَافَرَتْ وِينْدِي عَامَ ١٩٨٦ إِلَى فَانُوَاتُو، مَجْمُوعَةِ جُزُرٍ تَبْعُدُ حَوَالَيْ ١٬٧٧٠ كلم شَرْقَ أُوسْتْرَالِيَا.
وَهِيَ لَا تَزَالُ فِي فَانُوَاتُو، وَتَخْدُمُ ٱلْآنَ فِي مَكْتَبِ تَرْجَمَةٍ. تَقُولُ: «أَفْرَحُ كَثِيرًا حِينَ أَرَى فِرَقًا وَجَمَاعَاتٍ تَتَشَكَّلُ فِي ٱلْمَنَاطِقِ ٱلْمُنْعَزِلَةِ. وَٱلدَّوْرُ ٱلصَّغِيرُ ٱلَّذِي أُؤَدِّيهِ فِي عَمَلِ يَهْوَهَ ٱمْتِيَازٌ تَعْجَزُ ٱلْكَلِمَاتُ عَنْ وَصْفِهِ».
وَكَانَتْ كُومِيكُو (٦٥ سَنَةً) فَاتِحَةً عَادِيَّةً فِي ٱلْيَابَان. فَٱقْتَرَحَتْ عَلَيْهَا رَفِيقَتُهَا فِي ٱلْفَتْحِ أَنْ تَنْتَقِلَا إِلَى ٱلنِّيبَال. تُخْبِرُ: «ظَلَّتْ تُلِحُّ عَلَيَّ، لٰكِنِّي كُنْتُ أَرْفُضُ عَرْضَهَا دَائِمًا. فَمُجَرَّدُ ٱلتَّفْكِيرِ فِي تَعَلُّمِ لُغَةٍ جَدِيدَةٍ وَٱلتَّكَيُّفِ مَعَ بِيئَةٍ أُخْرَى يُوَتِّرُنِي وَيُقْلِقُنِي. كَمَا أَنِّي لَمْ أَمْلِكِ ٱلْمَالَ ٱلْكَافِيَ لِلِٱنْتِقَالِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ. وَلٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ، تَعَرَّضْتُ لِحَادِثِ سَيْرٍ دَخَلْتُ عَلَى أَثَرِهِ إِلَى ٱلْمُسْتَشْفَى. فَرُحْتُ أُفَكِّرُ: ‹لَا أَعْرِفُ مَاذَا يُخَبِّئُ لِي ٱلْمُسْتَقْبَلُ. فَقَدْ أُصَابُ بِمَرَضٍ خَطِيرٍ وَأُفَوِّتُ عَلَى نَفْسِي فُرْصَةَ ٱلْفَتْحِ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ. فَلِمَ لَا أُجَرِّبُ سَنَةً وَاحِدَةً عَلَى ٱلْأَقَلِّ؟›. لِذَا صَلَّيْتُ بِحَرَارَةٍ إِلَى يَهْوَهَ بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ».
وَبَعْدَمَا خَرَجَتْ كُومِيكُو مِنَ ٱلْمُسْتَشْفَى، زَارَتِ ٱلنِّيبَال. وَلَاحِقًا، ٱنْتَقَلَتْ مَعَ رَفِيقَتِهَا إِلَى هُنَاكَ.تَقُولُ كُومِيكُو بَعْدَمَا قَضَتْ عَشْرَ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا فِي ٱلنِّيبَال: «لَقَدْ ذَلَّلَ يَهْوَهُ ٱلصُّعُوبَاتِ أَمَامِي مِثْلَمَا ذَلَّلَ ٱلْبَحْرَ ٱلْأَحْمَرَ أَمَامَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. وَأَنَا سَعِيدَةٌ لِأَنِّي ٱتَّخَذْتُ هٰذَا ٱلْقَرَارَ. فَعِنْدَمَا أَكُونُ فِي أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ، غَالِبًا مَا يَأْتِي خَمْسَةٌ أَوْ سِتَّةٌ مِنَ ٱلْجِيرَانِ لِيَسْمَعُوا ٱلْبِشَارَةَ. حَتَّى ٱلْأَوْلَادُ ٱلصِّغَارُ يَطْلُبُونَ مِنِّي بِكُلِّ تَهْذِيبٍ نَشْرَةً مُؤَسَّسَةً عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فِعْلًا، إِنَّ ٱلْخِدْمَةَ فِي هٰذِهِ ٱلْمُقَاطَعَةِ ٱلْمُتَجَاوِبَةِ تَجْلُبُ أَفْرَاحًا كَثِيرَةً».
تَخَطِّي ٱلصُّعُوبَاتِ
طَبْعًا، وَاجَهَتْ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَخَوَاتُ ٱلشُّجَاعَاتُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلتَّحَدِّيَاتِ. فَكَيْفَ تَغَلَّبْنَ عَلَيْهَا؟
خَدَمَتْ دَيَان، أُخْتٌ مِنْ كَنَدَا عُمْرُهَا ٦٢ سَنَةً، مُرْسَلَةً فِي سَاحِلِ ٱلْعَاجِ طَوَالَ ٢٠ عَامًا. تُخْبِرُ: «فِي ٱلْبِدَايَةِ، ٱسْتَصْعَبْتُ ٱلْعَيْشَ بَعِيدًا عَنْ عَائِلَتِي. فَصَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ أَنْ يُسَاعِدَنِي كَيْ أُحِبَّ ٱلنَّاسَ فِي مُقَاطَعَتِي. وَهٰذَا مَا شَجَّعَنَا عَلَيْهِ ٱلْأَخُ جَاك رِدْفُورْد، أَحَدُ ٱلْأَسَاتِذَةِ فِي مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ. فَأَخْبَرَنَا أَنَّنَا قَدْ نَنْزَعِجُ وَنَنْصَدِمُ حِينَ نَرَى بُؤْسَ ٱلنَّاسِ، خَاصَّةً حَالَاتِ ٱلْفَقْرِ ٱلشَّدِيدَةَ. لٰكِنَّهُ تَابَعَ: ‹لَا تُرَكِّزُوا عَلَى ٱلْفَقْرِ بَلْ عَلَى ٱلنَّاسِ. اُنْظُرُوا إِلَى وُجُوهِهِمْ وَعُيُونِهِمْ وَرَاقِبُوا رَدَّةَ فِعْلِهِمْ عِنْدَمَا يَسْمَعُونَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ›. فَطَبَّقْتُ نَصِيحَتَهُ، وَنِلْتُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْبَرَكَاتِ. فَكُنْتُ أَرَى أَعْيُنَ ٱلنَّاسِ تُشِعُّ فَرَحًا عِنْدَمَا أُخْبِرُهُمْ بِرِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمُعَزِّيَةِ». وَمَاذَا سَاعَدَهَا أَنْ تَتَكَيَّفَ؟ تُجِيبُ: «نَمَّيْتُ عَلَاقَةً وَثِيقَةً بِتَلَامِيذِي، وَفَرِحْتُ كَثِيرًا عِنْدَمَا رَأَيْتُهُمْ يَتَقَدَّمُونَ وَيُصْبِحُونَ خُدَّامًا لِيَهْوَهَ. وَهٰكَذَا لَمْ أَعُدْ أَشْعُرُ بِٱلْغُرْبَةِ فِي تَعْيِينِي. فَقَدْ حَصَلْتُ عَلَى أُمَّهَاتٍ وَآبَاءٍ وَإِخْوَةٍ وَأَخَوَاتٍ رُوحِيِّينَ، تَمَامًا كَمَا وَعَدَ يَسُوعُ». — مر ١٠:٢٩، ٣٠.
وَتَخْدُمُ آن (٤٦ سَنَةً) فِي بَلَدٍ آسْيَوِيٍّ حَيْثُ عَمَلُنَا تَحْتَ ٱلْحَظْرِ. تَقُولُ: «خَدَمْتُ فِي عِدَّةِ مَنَاطِقَ وَعِشْتُ مَعَ أَخَوَاتٍ ٱخْتَلَفَتْ شَخْصِيَّتُهُنَّ وَبِيئَتُهُنَّ كُلِّيًّا عَنْ شَخْصِيَّتِي وَبِيئَتِي. فَوَقَعَتْ بَيْنَنَا خِلَافَاتٌ أَحْيَانًا وَٱنْجَرَحَتْ مَشَاعِرُنَا. لِذَا بَذَلْتُ جُهْدِي لِلتَّقَرُّبِ مِنْهُنَّ وَٱلتَّعَرُّفِ أَكْثَرَ بِحَضَارَتِهِنَّ. كَمَا حَاوَلْتُ
أَنْ أَكُونَ مُحِبَّةً وَمُتَفَهِّمَةً. وَيَسُرُّنِي أَنَّ جُهُودِي هٰذِهِ أَثْمَرَتْ، إِذْ نَشَأَتْ بَيْنَنَا صَدَاقَاتٌ مَتِينَةٌ سَاعَدَتْنِي أَنْ أَسْتَمِرَّ فِي تَعْيِينِي».وَفِي عَامِ ١٩٩٣، عُيِّنَتْ أُخْتٌ أَلْمَانِيَّةٌ ٱسْمُهَا يُوتِه مُرْسَلَةً فِي مَدَغَشْقَر. تَذْكُرُ: «صَعُبَ عَلَيَّ فِي ٱلْبِدَايَةِ أَنْ أَتَعَلَّمَ ٱللُّغَةَ، أَتَكَيَّفَ مَعَ ٱلْمُنَاخِ ٱلرَّطْبِ، وَأَتَغَلَّبَ عَلَى ٱلْمَلَارِيَا وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْأَمْرَاضِ. لٰكِنِّي نِلْتُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلدَّعْمِ. فَٱلْأَخَوَاتُ وَأَوْلَادُهُنَّ وَتَلَامِيذِي سَاعَدُونِي بِصَبْرٍ أَنْ أُتْقِنَ ٱللُّغَةَ. كَمَا ٱعْتَنَتْ بِي زَمِيلَتِي فِي ٱلْخِدْمَةِ أَثْنَاءَ مَرَضِي. وَٱلْأَهَمُّ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَتَخَلَّ عَنِّي قَطُّ. فَكُنْتُ أُصَلِّي إِلَيْهِ وَأُخْبِرُهُ بِهُمُومِي. ثُمَّ أَنْتَظِرُ بِصَبْرٍ، أَحْيَانًا لِأَيَّامٍ وَأَشْهُرٍ، كَيْ يَسْتَجِيبَ لِي. وَقَدْ حَلَّ يَهْوَهُ كُلَّ مَشَاكِلِي». وَٱلْيَوْمَ تَبْلُغُ يُوتِه ٥٣ سَنَةً، وَلَا تَزَالُ تَخْدُمُ فِي مَدَغَشْقَر مُنْذُ ٢٣ سَنَةً.
بَرَكَاتٌ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى
غَالِبًا مَا تُعَبِّرُ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَخَوَاتُ أَنَّ خِدْمَتَهُنَّ أَغْنَتْ حَيَاتَهُنَّ، مَثَلُهُنَّ مَثَلُ كُلِّ مَنْ يَخْدُمُ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ. فَمَا هِيَ بَعْضُ ٱلْبَرَكَاتِ؟
هَايْدِي (٧٣ سَنَةً) مِنْ أَلْمَانِيَا تَخْدُمُ مُرْسَلَةً فِي سَاحِلِ ٱلْعَاجِ مُنْذُ عَامِ ١٩٦٨. تَقُولُ: «أَفْرَحُ كَثِيرًا حِينَ أَرَى أَوْلَادِي ٱلرُّوحِيِّينَ ‹يُوَاصِلُونَ ٱلسَّيْرَ فِي ٱلْحَقِّ›. حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ يَخْدُمُونَ فَاتِحِينَ وَشُيُوخًا. وَكَثِيرُونَ يُنَادُونَنِي: ‹أُمِّي› أَوْ ‹جَدَّتِي›. كَمَا أَنَّ أَحَدَ هٰؤُلَاءِ ٱلشُّيُوخِ وَزَوْجَتَهُ وَأَوْلَادَهُ يُعَامِلُونَنِي كَأَنِّي فَرْدٌ مِنَ ٱلْعَائِلَةِ. لَقَدْ بَارَكَنِي يَهْوَهُ بِٱبْنٍ، كَنَّةٍ، وَثَلَاثَةِ أَحْفَادٍ». — ٣ يو ٤.
وَخَدَمَتْ أُخْتٌ كَنَدِيَّةٌ ٱسْمُهَا كَارِن (٧٢ سَنَةً) أَكْثَرَ مِنْ ٢٠ سَنَةً فِي إِفْرِيقْيَا ٱلْغَرْبِيَّةِ. تُخْبِرُ: «عَلَّمَتْنِي ٱلْحَيَاةُ ٱلْإِرْسَالِيَّةُ أَنْ أُنَمِّيَ صِفَاتٍ مِثْلَ ٱلتَّضْحِيَةِ وَٱلْمَحَبَّةِ وَٱلصَّبْرِ. كَمَا أَنَّ ٱلْخِدْمَةَ مَعَ أَشْخَاصٍ مِنْ جِنْسِيَّاتٍ عَدِيدَةٍ وَسَّعَتْ آفَاقِي. فَتَعَلَّمْتُ أَلَّا أُصِرَّ دَائِمًا عَلَى رَأْيِي. وَٱلْآنَ لَدَيَّ أَصْدِقَاءُ كَثِيرُونَ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. وَمَعَ أَنَّ حَيَاتَنَا وَتَعْيِينَاتِنَا تَغَيَّرَتْ، مَا زِلْنَا نُحَافِظُ عَلَى صَدَاقَتِنَا».
وَكَانَتْ مَارْغَرِيت (٧٩ سَنَةً) مِنْ إِنْكِلْتَرَا مُرْسَلَةً فِي لَاوُس. تَقُولُ: «خِلَالَ سَنَوَاتِ خِدْمَتِي، رَأَيْتُ بِأُمِّ عَيْنِي كَيْفَ يَجْتَذِبُ يَهْوَهُ إِلَى هَيْئَتِهِ أُنَاسًا مِنْ كُلِّ ٱلْعُرُوقِ وَٱلثَّقَافَاتِ. وَهٰذَا قَوَّى إِيمَانِي وَثِقَتِي بِأَنَّ يَهْوَهَ يُوَجِّهُ هَيْئَتَهُ وَيُتَمِّمُ مَقَاصِدَهُ».
بِٱلْفِعْلِ، إِنَّ ٱلْأَخَوَاتِ ٱلْعَازِبَاتِ ٱللَّوَاتِي يَخْدُمْنَ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ يَبْذُلْنَ جُهُودًا كَبِيرَةً فِي ٱلْخِدْمَةِ. لِذَا يَسْتَأْهِلْنَ كُلَّ ٱلْمَدْحِ وَٱلتَّقْدِيرِ. (قض ١١:٤٠) وَأَعْدَادُهُنَّ فِي تَزَايُدٍ مُسْتَمِرٍّ. (مز ٦٨:١١) فَإِذَا تَمَثَّلْتِ بِهِنَّ وَأَجْرَيْتِ بَعْضَ ٱلتَّعْدِيلَاتِ، يُمْكِنُكِ عِنْدَئِذٍ أَنْ ‹تَذُوقِي وَتَنْظُرِي مَا أَطْيَبَ يَهْوَهَ›. — مز ٣٤:٨.