الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

قِصَّةُ حَيَاةٍ

ميراثي الروحي كان بركة لي

ميراثي الروحي كان بركة لي

وَسْطَ عَتَمَةِ ٱللَّيْلِ،‏ وَقَفْنَا عَلَى ضَفَّةِ نَهْرِ ٱلنَّيْجَرَ ٱلْغَزِيرِ ٱلَّذِي يَتَجَاوَزُ عَرْضُهُ ٱلْكِيلُومِتْرَ وَٱلنِّصْفَ.‏ كَانَتِ ٱلْحَرْبُ ٱلْأَهْلِيَّةُ مُشْتَعِلَةً،‏ وَهٰذَا جَعَلَ عُبُورَ ٱلنَّهْرِ خَطِرًا جِدًّا.‏ مَعَ ذٰلِكَ،‏ عَبَرْنَاهُ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ.‏ فَمَا ٱلسَّبَبُ؟‏ سَأُخْبِرُكُمْ قِصَّتِي.‏

عَامَ ١٩١٣،‏ ٱعْتَمَدَ أَبِي جُون مِيلْز فِي نْيُويُورْك بِعُمْرِ ٢٥ سَنَةً،‏ وَقَدَّمَ ٱلْأَخُ رَصِل خِطَابَ ٱلْمَعْمُودِيَّةِ.‏ وَبَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ،‏ ذَهَبَ أَبِي إِلَى تْرِينِيدَاد حَيْثُ تَزَوَّجَ أُخْتًا غَيُورَةً ٱسْمُهَا كُونْسْتَانْس فَارْمِر،‏ وَكَانَ ٱلِٱثْنَانِ رَجَاؤُهُمَا سَمَاوِيٌّ.‏ وَسَاعَدَ أَبِي صَدِيقَهُ وِلْيَم ر.‏ بْرَاوْن فِي عَرْضِ «رِوَايَةِ ٱلْخَلْقِ ٱلْمُصَوَّرَةِ» إِلَى أَنْ عُيِّنَ ٱلزَّوْجَانِ بْرَاوْن فِي إِفْرِيقْيَا ٱلْغَرْبِيَّةِ عَامَ ١٩٢٣.‏

وَالِدَانِ مُحِبَّانِ

ضَمَّتْ عَائِلَتُنَا ٩ أَوْلَادٍ.‏ وَدُعِيَ ٱلْبِكْرُ رَذَرْفُورْد عَلَى ٱسْمِ رَئِيسِ جَمْعِيَّةِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ آنَذَاكَ.‏ وَعِنْدَمَا وُلِدْتُ فِي ٣٠ كَانُونَ ٱلْأَوَّلِ (‏دِيسَمْبِر)‏ ١٩٢٢،‏ سُمِّيتُ عَلَى ٱسْمِ كْلَايْتَن ج.‏ وُودْوُرْث،‏ مُحَرِّرِ مَجَلَّةِ ٱلْعَصْرِ ٱلذَّهَبِيِّ (‏اَلْآنَ إِسْتَيْقِظْ!‏‏)‏.‏ وَمَعَ أَنَّ وَالِدَيَّ حَرِصَا أَنْ نَنَالَ تَعْلِيمًا أَسَاسِيًّا،‏ شَجَّعَانَا أَنْ نَضَعَ أَهْدَافًا رُوحِيَّةً.‏ وَقَدِ ٱمْتَلَكَتْ أُمِّي قُدْرَةً عَلَى ٱلْإِقْنَاعِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ.‏ وَٱعْتَادَ أَبِي أَنْ يُمَثِّلَ أَمَامَنَا قِصَصَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَيْ تَنْطَبِعَ فِي ذِهْنِنَا.‏

نَتِيجَةَ جُهُودِهِمَا،‏ حَضَرَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْلِ خَمْسَةِ صِبْيَانٍ مَدْرَسَةَ جِلْعَادَ.‏ وَخَدَمَتْ ثَلَاثٌ مِنْ أَخَوَاتِي كَفَاتِحَاتٍ عِدَّةَ سَنَوَاتٍ فِي تْرِينِيدَاد وَتُوبَاغُو.‏ فَبِفَضْلِ تَرْبِيَةِ وَالِدَيَّ وَمِثَالِهِمَا،‏ ‹غُرِسْنَا فِي بَيْتِ يَهْوَهَ،‏ وَفِي دِيَارِ إِلٰهِنَا أَزْهَرْنَا›.‏ —‏ مز ٩٢:‏١٣‏.‏

كَانَ مَنْزِلُنَا مُلْتَقًى لِلْإِخْوَةِ.‏ فَهُنَاكَ ٱجْتَمَعَ ٱلْفَاتِحُونَ وَتَحَدَّثُوا عَنْ جُورْج يُونْغ،‏ مُرْسَلٍ كَنَدِيٍّ زَارَ تْرِينِيدَاد.‏ كَمَا تَكَلَّمَ وَالِدَايَ بِحَمَاسَةٍ عَنِ ٱلزَّوْجَيْنِ بْرَاوْن.‏ وَهٰذَا دَفَعَنِي أَنْ أَبْدَأَ بِٱلْخِدْمَةِ بِعُمْرِ ١٠ سَنَوَاتٍ.‏

بِدَايَاتِي فِي ٱلْخِدْمَةِ

فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ،‏ فَضَحَتْ مَجَلَّاتُنَا ٱلدِّينَ ٱلْبَاطِلَ،‏ ٱلتِّجَارَةَ ٱلْجَشِعَةَ،‏ وَٱلسِّيَاسَةَ ٱلْفَاسِدَةَ.‏ لِذَا عَامَ ١٩٣٦،‏ حَرَّضَ رِجَالُ ٱلدِّينِ حَاكِمَ تْرِينِيدَاد أَنْ يَحْظُرَ كُلَّ مَطْبُوعَاتِ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ.‏ فَخَبَّأْنَا مَطْبُوعَاتِنَا وَبَقِينَا نُوَزِّعُهَا حَتَّى نَفِدَ ٱلْمَخْزُونُ.‏ وَكُنَّا نَقُومُ بِمَسِيرَاتٍ تَبْشِيرِيَّةٍ حَامِلِينَ لَافِتَاتٍ وَأَوْرَاقَ دَعْوَةٍ.‏ كَمَا ٱنْطَلَقْنَا مِنْ بَلْدَةِ تُونَابُونَا بِسَيَّارَةٍ مُجَهَّزَةٍ بِمُكَبِّرٍ لِلصَّوْتِ وَوَصَلْنَا إِلَى أَبْعَدِ ٱلْمَنَاطِقِ فِي تْرِينِيدَاد.‏ فِعْلًا،‏ كَانَتْ أَيَّامًا جَمِيلَةً.‏ وَوَسْطَ هٰذَا ٱلْجَوِّ ٱلرُّوحِيِّ،‏ ٱعْتَمَدْتُ بِعُمْرِ ١٦ سَنَةً.‏

سَيَّارَةٌ مُجَهَّزَةٌ بِمُكَبِّرٍ لِلصَّوْتِ فِي تُونَابُونَا

دَفَعَتْنِي هٰذِهِ ٱلِٱخْتِبَارَاتُ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى مِيرَاثِي ٱلرُّوحِيِّ أَنْ أُحِبَّ ٱلْخِدْمَةَ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ.‏ وَعَامَ ١٩٤٤،‏ سَافَرْتُ إِلَى جَزِيرَةِ أَرُوبَا وَخَدَمْتُ مَعَ ٱلْأَخِ إِدْمُونْد و.‏ كَمِينْغْز.‏ وَفَرِحْنَا كَثِيرًا حِينَ حَضَرَ ٱلذِّكْرَى ١٠ أَشْخَاصٍ عَامَ ١٩٤٥.‏ وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلتَّالِيَةِ،‏ تَشَكَّلَتْ هُنَاكَ أَوَّلُ جَمَاعَةٍ.‏

مَعَ أُورِيسَ ٱزْدَهَرَتْ حَيَاتِي أَكْثَرَ

بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ،‏ بَشَّرْتُ زَمِيلَتِي فِي ٱلْعَمَلِ أُورِيس وِلْيَمْز.‏ فِي ٱلْبِدَايَةِ،‏ دَافَعَتْ عَنْ مُعْتَقَدَاتِهَا.‏ لٰكِنْ لَمَّا دَرَسَتِ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ،‏ ٱقْتَنَعَتْ بِٱلْحَقِّ وَٱعْتَمَدَتْ فِي ٥ كَانُونَ ٱلثَّانِي (‏يَنَايِر)‏ ١٩٤٧.‏ وَمَعَ ٱلْوَقْتِ،‏ أُغْرِمَ وَاحِدُنَا بِٱلْآخَرِ وَتَزَوَّجْنَا.‏ وَفِي تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (‏نُوفَمْبِر)‏ ١٩٥٠،‏ بَدَأَتْ أُورِيس بِخِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ.‏ وَمَعَهَا ٱزْدَهَرَتْ حَيَاتِي أَكْثَرَ.‏

أَفْرَاحُ ٱلْخِدْمَةِ فِي نَيْجِيرْيَا

عَامَ ١٩٥٥،‏ دُعِينَا إِلَى مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ.‏ فَتَرَكْنَا أَشْغَالَنَا وَبِعْنَا بَيْتَنَا وَمُمْتَلَكَاتِنَا وَغَادَرْنَا أَرُوبَا.‏ وَفِي ٢٩ تَمُّوزَ (‏يُولْيُو)‏ ١٩٥٦،‏ تَخَرَّجْنَا مِنَ ٱلصَّفِّ ٱلـ‍ ٢٧ وَعُيِّنَّا فِي نَيْجِيرْيَا.‏

مَعَ عَائِلَةِ بَيْتَ إِيلَ فِي لَاغُوس بِنَيْجِيرْيَا عَامَ ١٩٥٧

تَتَذَكَّرُ أُورِيس:‏ «رُوحُ يَهْوَهَ يُسَاعِدُ ٱلْمُرْسَلَ أَنْ يَتَكَيَّفَ مَعَ ٱلتَّحَدِّيَاتِ.‏ فَأَنَا،‏ بِعَكْسِ زَوْجِي،‏ لَمْ أُفَكِّرْ مَرَّةً أَنْ أَكُونَ مُرْسَلَةً.‏ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ لَدَيَّ بَيْتٌ وَأَوْلَادٌ.‏ لٰكِنِّي غَيَّرْتُ رَأْيِي عِنْدَمَا أَدْرَكْتُ كَمْ مُلِحٌّ أَنْ نُبَشِّرَ ٱلْآنَ.‏ وَعِنْدَمَا تَخَرَّجْنَا مِنْ جِلْعَادَ،‏ شَعَرْتُ أَنِّي جَاهِزَةٌ لِأَبْدَأَ خِدْمَتِي كَمُرْسَلَةٍ.‏ وَفِيمَا كُنَّا نَصْعَدُ إِلَى ٱلْبَاخِرَةِ،‏ أَخْبَرَنَا وُرْث ثُورِنْتُونُ،‏ ٱلَّذِي خَدَمَ مَعَ ٱلْأَخِ نُور،‏ أَنَّنَا عُيِّنَّا فِي بَيْتَ إِيلَ.‏ فَشَهَقْتُ:‏ ‹لَا!‏›.‏ لٰكِنْ سُرْعَانَ مَا أَحْبَبْتُ ٱلْخِدْمَةَ هُنَاكَ وَنِلْتُ تَعْيِينَاتٍ عَدِيدَةً.‏ وَٱلْأَحَبُّ إِلَى قَلْبِي كَانَ تَعْيِينِي كَعَامِلَةِ ٱسْتِقْبَالٍ.‏ فَأَنَا أُحِبُّ ٱلنَّاسَ،‏ وَهٰذَا ٱلْعَمَلُ أَتَاحَ لِي أَنْ أَتَوَاصَلَ مُبَاشَرَةً مَعَ ٱلْإِخْوَةِ.‏ فَكَثِيرُونَ كَانُوا يَصِلُونَ إِلَى بَيْتَ إِيلَ تَعِبِينَ وَعَطْشَانِينَ وَجَائِعِينَ.‏ فَفَرِحْتُ بِأَنْ أَهْتَمَّ بِهِمْ.‏ وَمَا زَادَ فَرَحِي أَنَّ عَمَلِي هٰذَا كَانَ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً لِيَهْوَهَ».‏ حَقًّا،‏ كُلُّ تَعْيِينٍ سَاعَدَنَا أَنْ نُزْهِرَ فِي بَيْتِ يَهْوَهَ.‏

عَامَ ١٩٦١،‏ ٱجْتَمَعَتْ عَائِلَتُنَا فِي تْرِينِيدَاد.‏ وَرَوَى لَنَا ٱلْأَخُ بْرَاوْنُ ٱخْتِبَارَاتٍ مِنْ إِفْرِيقْيَا.‏ ثُمَّ أَخْبَرْتُهُمْ أَنَا عَنِ ٱلنُّمُوِّ ٱلرُّوحِيِّ فِي نَيْجِيرْيَا.‏ فَقَالَ ٱلْأَخُ بْرَاوْن لِأَبِي:‏ «جُونِي،‏ لَطَالَمَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى إِفْرِيقْيَا.‏ وُودْوُرْث حَقَّقَ رَغْبَتَكَ».‏ فَقَالَ لِي أَبِي:‏ «أَحْسَنْتَ يَا وُرْث،‏ ٱسْتَمِرَّ فِي خِدْمَتِكَ».‏ وَتَشْجِيعُهُمَا قَوَّى رَغْبَتِي أَنْ أُكْمِلَ بِغَيْرَةٍ.‏

وِلْيَم «بَايْبِل» بْرَاوْن وَزَوْجَتُهُ أَنْطُونِيَا شَجَّعَانَا كَثِيرًا

عَامَ ١٩٦٢،‏ نِلْتُ ٱلِٱمْتِيَازَ أَنْ أَتَدَرَّبَ ١٠ أَشْهُرٍ فِي ٱلصَّفِّ ٱلـ‍ ٣٧ مِنْ جِلْعَادَ.‏ وَحَضَرَ ٱلْأَخُ وِيلْفْرِد غُوتْش،‏ نَاظِرُ فَرْعِ نَيْجِيرْيَا آنَذَاكَ،‏ ٱلصَّفَّ ٱلـ‍ ٣٨ وَعُيِّنَ فِي إِنْكِلْتَرَا.‏ فَتَوَلَّيْتُ ٱلْإِشْرَافَ عَلَى فَرْعِ نَيْجِيرْيَا.‏ وَمِثْلَ ٱلْأَخِ بْرَاوْن،‏ سَافَرْتُ كَثِيرًا فِي ٱلْبَلَدِ وَتَعَرَّفْتُ إِلَى ٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ وَصَارُوا أَعِزَّاءَ عَلَيَّ.‏ وَمَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَلِكُوا أَبْسَطَ ٱلْأَشْيَاءِ،‏ كَانُوا فَرِحِينَ وَمُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَهُمْ.‏ وَهٰذَا أَكْبَرُ دَلِيلٍ أَنَّ ٱلْفَرَحَ ٱلْحَقِيقِيَّ لَا يَعْتَمِدُ عَلَى ٱلْمَالِ وَٱلْمُمْتَلَكَاتِ.‏ وَنَظَرًا إِلَى ظُرُوفِهِمْ،‏ كَانَ رَائِعًا أَنْ نَرَاهُمْ دَائِمًا فِي ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ بِثِيَابٍ نَظِيفَةٍ وَمُرَتَّبَةٍ.‏ وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ يَصِلُونَ إِلَى ٱلْمَحَافِلِ بِٱلشَّاحِنَاتِ وَٱلْبَاصَاتِ ٱلْمَفْتُوحَةِ مِنَ ٱلْجَانِبَيْنِ ٱلَّتِي تُدْعَى بُولِيكَاجَاس.‏ a وَغَالِبًا مَا حَمَلَتْ هٰذِهِ ٱلْبَاصَاتُ شِعَارَاتٍ مِثْلَ:‏ «قَطَرَاتٌ قَلِيلَةٌ مِنَ ٱلْمَاءِ تَصْنَعُ مُحِيطًا كَبِيرًا».‏

وَكَمْ هٰذَا صَحِيحٌ!‏ فَكُلُّ جُهْدٍ نَقُومُ بِهِ مُهِمٌّ جِدًّا،‏ وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا.‏ فَعَامَ ١٩٧٤،‏ أَصْبَحَتْ نَيْجِيرْيَا أَوَّلَ بَلَدٍ يَصِلُ عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ فِيهِ إِلَى ٠٠٠‏,١٠٠ بَعْدَ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ.‏ فِعْلًا،‏ كَانَ عَمَلُ ٱلْبِشَارَةِ يَزْدَهِرُ هُنَاكَ.‏

لٰكِنْ وَسْطَ هٰذَا ٱلنُّمُوِّ،‏ ٱشْتَعَلَتِ ٱلْحَرْبُ ٱلْأَهْلِيَّةُ مِنْ عَامِ ١٩٦٧ إِلَى ١٩٧٠.‏ وَطَوَالَ أَشْهُرٍ،‏ ٱنْقَطَعَ ٱلِٱتِّصَالُ بِإِخْوَتِنَا فِي مِنْطَقَةِ بْيَافْرَا فِي ٱلضَّفَّةِ ٱلْأُخْرَى مِنْ نَهْرِ ٱلنَّيْجَر.‏ وَلَزِمَ أَنْ نُوصِلَ إِلَيْهِمِ ٱلطَّعَامَ ٱلرُّوحِيَّ.‏ فَكُنَّا نُصَلِّي وَنَعْبُرُ ٱلنَّهْرَ كَمَا ذَكَرْتُ فِي ٱلْبِدَايَةِ.‏

أَتَذَكَّرُ جَيِّدًا ٱلْمَخَاطِرَ ٱلَّتِي تَعَرَّضْنَا لَهَا كَٱلْأَمْرَاضِ وَٱلْمَوْتِ عَلَى يَدِ ٱلْجُنُودِ ٱلْغَاضِبِينَ.‏ وَرَغْمَ أَنَّ ٱلْمُرُورَ فِي مِنْطَقَةِ ٱلْقُوَّاتِ ٱلْفِدِرَالِيَّةِ كَانَ خَطِرًا،‏ فَإِنَّ ٱلْمُرُورَ فِي مِنْطَقَةِ ٱلثُّوَّارِ فِي ٱلضَّفَّةِ ٱلْأُخْرَى كَانَ أَخْطَرَ بِكَثِيرٍ.‏ وَذَاتَ لَيْلَةٍ،‏ رَكِبْتُ زَوْرَقًا مِنْ أَسَابَا إِلَى أُونِيتْشَا،‏ ثُمَّ أَكْمَلْتُ طَرِيقِي إِلَى إِينُوغُو لِأُشَجِّعَ ٱلنُّظَّارَ هُنَاكَ.‏ وَفِي رِحْلَةٍ أُخْرَى،‏ شَجَّعْتُ ٱلشُّيُوخَ فِي آبَا،‏ حَيْثُ فُرِضَ عَلَى ٱلنَّاسِ إِطْفَاءُ ٱلْأَنْوَارِ فِي ٱللَّيْلِ خَوْفًا مِنَ ٱلْمُحَارِبِينَ.‏ وَفِي بُورْت هَارْكُورْت،‏ أَنْهَيْنَا ٱجْتِمَاعَنَا بِصَلَاةٍ سَرِيعَةٍ حِينَ ٱخْتَرَقَتِ ٱلْقُوَّاتُ ٱلْفِدِرَالِيَّةُ دِفَاعَاتِ بْيَافْرَا.‏

وَهٰذِهِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتُ أَكَّدَتْ لِلْإِخْوَةِ أَنَّ يَهْوَهَ يَهْتَمُّ بِهِمْ،‏ وَزَوَّدَتْهُمْ بِٱلْإِرْشَادِ حَوْلَ ٱلْحِيَادِ وَٱلْوَحْدَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ.‏ وَفِي ٱلنِّهَايَةِ،‏ نَجَحُوا فِي ٱجْتِيَازِ هٰذِهِ ٱلْمَرْحَلَةِ.‏ فَقَدْ أَظْهَرُوا مَحَبَّةً تَخَطَّتِ ٱلْكَرَاهِيَةَ وَٱلْعُنْصُرِيَّةَ وَحَافَظُوا عَلَى وَحْدَتِهِمْ.‏ وَفَرِحْتُ كَثِيرًا لِأَنِّي كُنْتُ بِجَانِبِهِمْ فِي وَقْتِ ٱلشِّدَّةِ.‏

عَامَ ١٩٦٩،‏ كَانَ ٱلْأَخُ مِلْتُون ج.‏ هِنْشِل عَرِيفًا فِي ٱلْمَحْفِلِ ٱلْأُمَمِيِّ «اَلسَّلَامُ عَلَى ٱلْأَرْضِ» فِي نْيُويُورْك،‏ وَكُنْتُ أَنَا مُسَاعِدَهُ.‏ وَمَا تَعَلَّمْتُهُ مِنْهُ أَتَى فِي وَقْتِهِ.‏ فَعَامَ ١٩٧٠،‏ عَقَدْنَا ٱلْمَحْفِلَ ٱلْأُمَمِيَّ «أُنَاسُ ٱلْمَشِيئَةِ ٱلصَّالِحَةِ» فِي لَاغُوس بِنَيْجِيرْيَا.‏ وَمَا كَانَ هٰذَا ٱلْمَحْفِلُ لِيَنْجَحَ لَوْلَا بَرَكَةُ يَهْوَهَ،‏ خَاصَّةً أَنَّهُ عُقِدَ بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ مِنَ ٱلْحَرْبِ.‏ وَكَانَ مَحْفِلًا مُمَيَّزًا لِأَنَّهُ ضَمَّ ١٧ لُغَةً وَحَضَرَهُ ١٢٨‏,١٢١ شَخْصًا.‏ كَمَا شَهِدَ ٱلْأَخَوَانِ نُور وَهِنْشِل وَٱلزُّوَّارُ مِنَ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ وَإِنْكِلْتَرَا مَعْمُودِيَّةَ ٧٧٥‏,٣ شَخْصًا.‏ وَكَانَتْ هٰذِهِ مِنْ أَكْبَرِ ٱلْمَعْمُودِيَّاتِ مُنْذُ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ.‏ وَأَعْتَقِدُ أَنَّ فَتْرَةَ تَنْظِيمِ هٰذِهِ ٱلْمُنَاسَبَةِ كَانَتِ ٱلْأَكْثَرَ ٱنْشِغَالًا فِي حَيَاتِي.‏

مَحْفِلُ «أُنَاسُ ٱلْمَشِيئَةِ ٱلصَّالِحَةِ» ٱلْأُمَمِيُّ ٱلَّذِي حَضَرَهُ ١٢٨‏,١٢١ شَخْصًا يَتَكَلَّمُونَ ١٧ لُغَةً،‏ وَمِنْ بَيْنِهَا ٱلْإِيبُو

قَضَيْتُ فِي نَيْجِيرْيَا أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ سَنَةً خَدَمْتُ خِلَالَهَا كَنَاظِرٍ جَائِلٍ وَنَاظِرِ إِقْلِيمٍ فِي إِفْرِيقْيَا ٱلْغَرْبِيَّةِ.‏ وَكَمْ فَرِحَ ٱلْمُرْسَلُونَ ٱلَّذِينَ زُرْتُهُمْ عِنْدَمَا شَعَرُوا أَنَّهُمْ غَيْرُ مَنْسِيِّينَ وَأَنَّ هَيْئَةَ يَهْوَهَ تَهْتَمُّ بِكُلٍّ مِنْهُمْ!‏ وَفَرِحْتُ أَنَا أَيْضًا وَتَعَلَّمْتُ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ نَهْتَمَّ بِٱلْآخَرِينَ إِفْرَادِيًّا.‏ فَهٰذَا يُسَاعِدُهُمْ أَنْ يَزْدَهِرُوا وَيُحَافِظُوا عَلَى وَحْدَتِهِمْ فِي هَيْئَةِ يَهْوَهَ.‏

وَلَوْلَا دَعْمُ يَهْوَهَ لَمَا ٱسْتَطَعْنَا تَخَطِّيَ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلَّتِي نَتَجَتْ عَنِ ٱلْحَرْبِ وَٱلْمَرَضِ.‏ تُخْبِرُ أُورِيس:‏

‏«أُصِبْنَا بِٱلْمَلَارِيَا عِدَّةَ مَرَّاتٍ.‏ وَمَرَّةً،‏ غَابَ وُرْث عَنِ ٱلْوَعْيِ وَنَقَلْنَاهُ إِلَى ٱلْمُسْتَشْفَى.‏ فَأَخْبَرَنِي ٱلْأَطِبَّاءُ أَنَّ حَيَاتَهُ فِي خَطَرٍ.‏ لٰكِنَّ ٱلْحَمْدَ لِلّٰهِ أَنَّهُ نَجَا.‏ وَعِنْدَمَا ٱسْتَعَادَ وَعْيَهُ،‏ بَشَّرَ مُمَرِّضًا يُدْعَى نْوَامْبِيوِيه.‏ وَبَعْدَمَا زُرْنَاهُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ،‏ قَبِلَ ٱلْحَقَّ وَأَصْبَحَ لَاحِقًا شَيْخًا فِي آبَا.‏ وَأَنَا أَيْضًا سَاعَدْتُ كَثِيرِينَ أَنْ يَخْدُمُوا يَهْوَهَ،‏ بِمَنْ فِيهِمْ مُسْلِمُونَ مُتَشَدِّدُونَ.‏ وَقَدْ فَرِحْنَا بِٱلتَّعَرُّفِ إِلَى ٱلشَّعْبِ ٱلنَّيْجِيرِيِّ وَحَضَارَتِهِ وَلُغَتِهِ».‏

وَهٰذَا دَرْسٌ تَعَلَّمْنَاهُ:‏ كَيْ نَنْجَحَ فِي تَعْيِينِنَا،‏ عَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّ إِخْوَتَنَا وَلَوْ كَانُوا مِنْ حَضَارَةٍ أُخْرَى.‏

تَغْيِيرٌ فِي تَعْيِينِنَا

عَامَ ١٩٨٧،‏ عُيِّنَّا مُرْسَلَيْنِ فِي جَزِيرَةِ سَانْت لُوسِيَا ٱلْجَمِيلَةِ فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْكَارِيبِيِّ.‏ وَكَانَ لِهٰذَا ٱلتَّعْيِينِ تَحَدِّيَاتُهُ.‏ فَفِي إِفْرِيقْيَا،‏ يَتَزَوَّجُ ٱلرِّجَالُ عِدَّةَ نِسَاءٍ.‏ أَمَّا هُنَا فَٱلرَّجُلُ وَٱلْمَرْأَةُ يَعِيشَانِ مَعًا دُونَ زَوَاجٍ.‏ لٰكِنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ سَاعَدَتْ كَثِيرِينَ أَنْ يَتَغَيَّرُوا.‏

مَا زِلْتُ أَشْكُرُ يَهْوَهَ عَلَى ٱلسَّنَوَاتِ ٱلـ‍ ٦٨ ٱلَّتِي قَضَيْتُهَا مَعَ حَبِيبَتِي أُورِيس

وَمَعَ تَقَدُّمِنَا فِي ٱلسِّنِّ،‏ نَقَلَتْنَا ٱلْهَيْئَةُ ٱلْحَاكِمَةُ عَامَ ٢٠٠٥ إِلَى ٱلْمَرْكَزِ ٱلرَّئِيسِيِّ ٱلْعَالَمِيِّ فِي نْيُويُورْك.‏ وَعَامَ ٢٠١٥،‏ تُوُفِّيَتْ حَبِيبَتِي أُورِيس.‏ وَكَانَتْ خَسَارَتُهَا صَعْبَةً عَلَيَّ.‏ لٰكِنِّي مَا زِلْتُ أَشْكُرُ يَهْوَهَ عَلَى ٱلسَّنَوَاتِ ٱلـ‍ ٦٨ ٱلَّتِي قَضَيْنَاهَا سَوِيًّا.‏ فَهِيَ كَانَتْ زَوْجَةً مُحِبَّةً وَدَاعِمَةً.‏ وَمَعًا تَعَلَّمْنَا أَسْرَارَ ٱلسَّعَادَةِ فِي ٱلزَّوَاجِ وَٱلْجَمَاعَةِ:‏ اِحْتِرَامَ ٱلرِّئَاسَةِ،‏ ٱلْمُسَامَحَةَ بِلَا حُدُودٍ،‏ وَإِظْهَارَ ٱلتَّوَاضُعِ وَثَمَرِ ٱلرُّوحِ.‏

وَعِنْدَمَا شَعَرْنَا بِخَيْبَاتِ أَمَلٍ،‏ ٱتَّكَلْنَا عَلَى يَهْوَهَ كَيْ نَسْتَمِرَّ فِي خِدْمَتِهِ.‏ وَكُلَّمَا حَسَّنَّا شَخْصِيَّتَنَا،‏ تَحَسَّنَتْ حَيَاتُنَا.‏ وَأَنَا وَاثِقٌ أَنَّ ٱلْمُسْتَقْبَلَ سَيَكُونُ أَجْمَلَ.‏ —‏ اش ٦٠:‏١٧؛‏ ٢ كو ١٣:‏١١‏.‏

فِي تْرِينِيدَاد وَتُوبَاغُو،‏ بَارَكَ يَهْوَهُ جُهُودَ وَالِدَيَّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ.‏ فَحَسَبَ آخِرِ ٱلتَّقَارِيرِ،‏ هُنَاكَ ٨٩٢‏,٩ نَاشِرًا فِي ٱلْبَلَدِ.‏ وَفِي أَرُوبَا،‏ سَاهَمَ كَثِيرُونَ فِي نُمُوِّ أَوَّلِ جَمَاعَةٍ هُنَاكَ.‏ وَبِٱلنَّتِيجَةِ،‏ تَضُمُّ هٰذِهِ ٱلْجَزِيرَةُ ٱلْيَوْمَ ١٤ جَمَاعَةً.‏ أَمَّا فِي نَيْجِيرْيَا،‏ فَوَصَلَ عَدَدُ ٱلنَّاشِرِينَ إِلَى ٣٩٨‏,٣٨١.‏ وَفِي جَزِيرَةِ سَانْت لُوسِيَا،‏ صَارَ هُنَاكَ ٧٨٣ أَخًا وَأُخْتًا.‏

أَصْبَحْتُ ٱلْآنَ فِي تِسْعِينِيَّاتِي.‏ وَٱلْمَزْمُور ٩٢:‏١٤ يَقُولُ عَنِ ٱلْمَغْرُوسِينَ فِي بَيْتِ يَهْوَهَ:‏ «فِي ٱلْمَشِيبِ يَزْدَهِرُونَ».‏ فَأَنَا أَشْكُرُ يَهْوَهَ عَلَى حَيَاتِي ٱلْجَمِيلَةِ فِي خِدْمَتِهِ،‏ وَعَلَى مِيرَاثِي ٱلرُّوحِيِّ ٱلَّذِي دَفَعَنِي أَنْ أَخْدُمَهُ كَامِلًا.‏ وَبِفَضْلِ مَحَبَّةِ يَهْوَهَ وَوَلَائِهِ،‏ مَا زِلْتُ ‹أُزْهِرُ فِي دِيَارِهِ›.‏ —‏ مز ٩٢:‏١٣‏.‏

a اُنْظُرْ إِسْتَيْقِظْ!‏ عَدَدَ ٨ آذَارَ (‏مَارِس)‏ ١٩٧٢،‏ ٱلصَّفَحَاتِ ٢٤-‏٢٦ (‏بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)‏.‏