الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

يهوه يَعِد دانيال بمكافأة رائعة

يهوه يَعِد دانيال بمكافأة رائعة

الفصل الثامن عشر

يهوه يَعِد دانيال بمكافأة رائعة

١،‏ ٢ (‏أ)‏ اية صفة مهمة يحتاج اليها العدّاء لكي ينجح؟‏ (‏ب)‏ كيف شبَّه الرسول بولس الحياة التي تُقضى بأمانة في خدمة يهوه بالسباق؟‏

يتقدَّم العدّاء بجهد نحو خط النهاية،‏ ويكاد ينهار من الإعياء.‏ لكنَّ الهدف ظاهر امامه،‏ فيتحامل على نفسه ويعتصر كل طاقة من عضلاته ليخطو تلك الخطوات القليلة الباقية.‏ وأخيرا يقطع الخط!‏ فترتسم على وجهه أمارات الراحة والانتصار.‏ لقد احتمل حتى النهاية،‏ ونال مبتغاه.‏

٢ في ختام سفر دانيال الاصحاح ١٢‏،‏ نجد النبي المحبوب يقترب من خط النهاية في «سباقه» الخاص:‏ حياته التي قضاها في خدمة يهوه.‏ كتب الرسول بولس،‏ بعدما ذكر امثلة متنوعة للايمان بين خدام يهوه قبل المسيح:‏ «لذلك،‏ اذ لنا سحابة عظيمة جدا من الشهود محيطة بنا،‏ لنخلع ايضا كل ثقل والخطية التي تُوقعنا في حِبالتها بسهولة،‏ ولنركض باحتمال في السباق الموضوع امامنا،‏ ناظرين بإمعان الى الوكيل الرئيسي لإيماننا ومكمِّله،‏ يسوع.‏ فمن اجل الفرح الموضوع امامه احتمل خشبة الآلام،‏ محتقرا الخزي،‏ وجلس عن يمين عرش الله».‏ —‏ عبرانيين ١٢:‏​١،‏ ٢‏.‏

٣ (‏أ)‏ ماذا دفع دانيال الى ‹الركض باحتمال›؟‏ (‏ب)‏ اية امور متميِّزة ثلاثة اخبر ملاك يهوه دانيال بها؟‏

٣ كان دانيال بين هذه ‹السحابة العظيمة من الشهود›.‏ لقد كان دون شك من الذين ‹ركضوا باحتمال›،‏ وما دفعه الى ذلك هو محبته العميقة لله.‏ وبعدما كشف يهوه الكثير لدانيال عن مستقبل الحكومات العالمية،‏ خصَّه الآن بهذا التشجيع الشخصي:‏ «أما انت فاذهب الى النهاية فتستريح وتقوم لقُرعتك في نهاية الايام».‏ (‏دانيال ١٢:‏١٣‏)‏ لقد كان ملاك يهوه يخبر دانيال ثلاثة امور متميِّزة:‏ (‏١)‏ انه ينبغي لدانيال ان ‹يذهب الى النهاية›،‏ (‏٢)‏ انه ‹سيستريح›،‏ و (‏٣)‏ انه سوف ‹يقوم› ثانية في المستقبل.‏ فكيف يمكن ان تشجّع هذه الكلمات المسيحيين اليوم على الاحتمال حتى بلوغ خط النهاية في السباق لنيل الحياة؟‏

‏«اذهب الى النهاية»‏

٤ ماذا عنى ملاك يهوه عندما قال:‏ «اذهب الى النهاية»،‏ ولماذا شكّل ذلك تحدّيا لدانيال؟‏

٤ ماذا عنى الملاك عندما قال لدانيال:‏ «أما انت فاذهب الى النهاية»؟‏ نهاية ماذا؟‏ بما ان دانيال كان يناهز المئة من عمره،‏ يَظهر ان ذلك اشارة الى نهاية حياته التي يُحتمل انها صارت قريبة.‏ * لقد كان الملاك يحثّ دانيال على الاحتمال بأمانة حتى الموت.‏ لكنَّ ذلك لا يعني بالضرورة ان الامر كان سهلا.‏ فقد رأى دانيال في مدى حياته سقوط بابل وعودة بقية من المسبيين اليهود الى يهوذا وأورشليم.‏ ولا بد ان هذا النبي العجوز فرح بذلك كثيرا.‏ لكنَّ السجل لا يقول انه رافقهم في تلك الرحلة الطويلة.‏ فربما لم يتمكن من الذهاب بسبب سنِّه المتقدِّمة وضعف جسمه.‏ او ربما كانت مشيئة يهوه ان يبقى في بابل.‏ على اية حال،‏ لا يسع المرء إلا ان يتساءل:‏ هل شعر دانيال بشيء من الحزن عندما غادر اليهود الى يهوذا؟‏

٥ ماذا يدل على ان دانيال احتمل الى النهاية؟‏

٥ لا بد ان دانيال تقوّى كثيرا بكلمات الملاك اللطيفة:‏ «اذهب الى النهاية».‏ وقد يذكّرنا ذلك بما تفوَّه به يسوع المسيح بعد ستة قرون تقريبا:‏ «الذي يحتمل الى النهاية هو يخلص».‏ (‏متى ٢٤:‏١٣‏)‏ ولا شك ان هذا ما فعله دانيال.‏ فقد احتمل الى النهاية،‏ وركض بأمانة حتى اجتاز المرحلة الاخيرة في السباق من اجل الحياة.‏ وربما هذا احد الاسباب التي جعلت كلمة الله تتحدَّث عنه لاحقا بشكل مؤاتٍ.‏ (‏عبرانيين ١١:‏​٣٢،‏ ٣٣‏)‏ فماذا مكّن دانيال من الاحتمال الى النهاية؟‏ يساعدنا سجل حياته على اخذ الجواب.‏

الاحتمال كتلميذ لكلمة الله

٦ كيف نعلم ان دانيال كان تلميذا مجتهدا لكلمة الله؟‏

٦ بالنسبة الى دانيال،‏ كان الاحتمال الى النهاية يشمل الاستمرار في الدرس والتأمل العميق في وعود الله المثيرة.‏ ونحن نعلم ان دانيال كان تلميذا امينا لكلمة الله.‏ وإلا ما ادراه بوعد يهوه لإرميا ان السبي سيدوم ٧٠ سنة؟‏!‏ كتب دانيال نفسه:‏ «فهمتُ من الكتب عدد السنين».‏ (‏دانيال ٩:‏٢؛‏ ارميا ٢٥:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ فلا شك ان دانيال فتَّش الكتب،‏ او الاسفار،‏ الموجودة آنذاك لكلمة الله.‏ ولا بد ان كتابات موسى وداود وسليمان وإشعياء وإرميا وحزقيال —‏ أيًّا كان في متناول يديه —‏ جعلت دانيال يقضي ساعات مُسِرَّة عديدة في القراءة والتأمل.‏

٧ عندما نقارن زمننا بزمن دانيال،‏ كيف نكون اليوم في وضع افضل في ما يتعلق بفرص درس كلمة الله؟‏

٧ ان درس كلمة الله،‏ بالانهماك فيها،‏ ضروري لنا لتنمية الاحتمال اليوم.‏ (‏روما ١٥:‏​٤-‏٦؛‏ ١ تيموثاوس ٤:‏١٥‏)‏ وعندنا اليوم كامل الكتاب المقدس،‏ وهو يشمل السجل المكتوب الذي يروي كيف تمَّت بعض نبوات دانيال بعد قرون.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ عندنا امتياز العيش في «وقت النهاية» الذي انبأت به دانيال ١٢:‏٤‏.‏ ففي ايامنا نحن،‏ بورك الممسوحون بفهم روحي جعلهم يضيئون كأنوار للحق في هذا العالم المظلم.‏ ونتيجةً لذلك،‏ صرنا نفهم جيدا العديد من النبوات العميقة المسجَّلة في سفر دانيال —‏ التي كان البعض منها محيِّرا له.‏ فلنستمر في درس كلمة الله يوميا،‏ ولا نستخفَّ ابدا بهذه الامور.‏ وهذا ما سيساعدنا على الاحتمال.‏

مواظبة دانيال على الصلاة

٨ ايّ مثال رسمه دانيال في ما يتعلق بالصلاة؟‏

٨ ساعدت الصلاة دانيال ايضا على الاحتمال الى النهاية.‏ فكان يلتفت الى يهوه الله كل يوم ويتحدَّث اليه بحرية وبقلب مفعم بالايمان والثقة.‏ لقد كان يعرف ان يهوه هو «سامع الصلاة».‏ (‏مزمور ٦٥:‏٢‏؛‏ قارنوا عبرانيين ١١:‏٦‏.‏)‏ وعندما كان قلب دانيال مثقلا بالحزن بسبب مسلك التمرُّد الذي اتخذته اسرائيل،‏ سكب مشاعره ليهوه.‏ (‏دانيال ٩:‏​٤-‏١٩‏)‏ حتى عندما امر داريوس بأن لا تُطلب طلبة إلا منه لثلاثين يوما،‏ لم يردع ذلك دانيال عن الصلاة الى يهوه الله.‏ (‏دانيال ٦:‏١٠‏)‏ أوَلا تهتزّ قلوبنا تأثُّرا عندما نتخيَّل هذا الشيخ الامين يواجه بشجاعة الجب المليء بالاسود رافضا التخلي عن امتياز الصلاة الثمين؟‏ لا شك مطلقا في ان دانيال ذهب الى نهايته وهو امين،‏ لأنه كان يصلي الى يهوه بحرارة كل يوم.‏

٩ لماذا ينبغي ألا نستخفَّ ابدا بامتياز الصلاة؟‏

٩ ليست الصلاة بالامر الصعب.‏ فبإمكاننا ان نصلي في ايّ وقت،‏ في ايّ مكان،‏ بصوت عالٍ او بصمت.‏ ولكن ينبغي ألا نستخف ابدا بهذا الامتياز الثمين.‏ فالكتاب المقدس يربط الصلاة بالاحتمال والمواظبة والبقاء مستيقظين روحيا.‏ (‏لوقا ١٨:‏١؛‏ روما ١٢:‏١٢؛‏ افسس ٦:‏١٨؛‏ كولوسي ٤:‏٢‏)‏ أوَليس رائعا ان تكون لدينا وسيلة اتصال بأعظم كائن في الكون لا يحصره ولا يقيِّده شيء؟‏ وهو يصغي الينا!‏ تذكّروا ما حصل عندما كان دانيال يصلي وأرسل له يهوه ملاكا.‏ فقد وصل الملاك فيما كان دانيال لا يزال يصلي!‏ ‏(‏دانيال ٩:‏​٢٠،‏ ٢١‏)‏ صحيح انه في ايامنا لا تقوم الملائكة بزيارات كهذه،‏ لكنَّ يهوه لا يتغيَّر.‏ (‏ملاخي ٣:‏٦‏)‏ فكما سمع صلاة دانيال،‏ كذلك يسمع صلواتنا.‏ وبالصلاة نقترب اكثر الى يهوه،‏ وهذا ما يشكّل رباطا يساعدنا على الاحتمال الى النهاية،‏ كما فعل دانيال.‏

الاستمرار كمعلّم لكلمة الله

١٠ لماذا كان تعليم حق كلمة الله مهمًّا لدانيال؟‏

١٠ كان على دانيال ان ‹يذهب الى النهاية› بمعنى آخر.‏ فكان يجب ان يستمر كمعلّم للحق.‏ فهو لم ينسَ قط انه فرد من الشعب المختار الذي قالت عنه الاسفار المقدسة:‏ «انتم شهودي يقول الرب وعبدي الذي اخترته».‏ (‏اشعياء ٤٣:‏١٠‏)‏ وفعل دانيال كل ما في وسعه ليتمِّم هذا التفويض.‏ وعلى الارجح اشتمل عمله على تعليم شعبه المسبي في بابل.‏ ونحن لا نعرف عن تعاملاته مع رفقائه اليهود سوى علاقته بالثلاثة الذين يشار اليهم بكلمة «اصحابه» —‏ حننيا وميشائيل وعزريا.‏ (‏دانيال ١:‏٧؛‏ ٢:‏١٣،‏ ١٧،‏ ١٨‏)‏ ولا شك ان صداقتهم الحميمة ساعدت كثيرا كل واحد منهم على الاحتمال.‏ (‏امثال ١٧:‏١٧‏)‏ وكان لدانيال،‏ الذي انعم عليه يهوه ببصيرة خصوصية،‏ الكثير ليعلّم اصدقاءه اياه.‏ (‏دانيال ١:‏١٧‏)‏ لكنه تطرَّق في تعليمه الى مجال آخر ايضا.‏

١١ (‏أ)‏ بماذا كان عمل دانيال يتميَّز؟‏ (‏ب)‏ الى ايّ حد كان دانيال فعّالا في تنفيذ مهمته غير العادية؟‏

١١ تَرَكّز عمل دانيال،‏ اكثر من ايّ نبي آخر،‏ على الشهادة للشخصيات الاممية البارزة.‏ ومع انه كثيرا ما اضطر الى تسليم الحكام رسائل لم يستسيغوها،‏ فلم يعاملهم كما لو انهم بغيضون او انهم بطريقة ما ادنى منه.‏ لقد كلَّمهم باحترام وبأسلوب ماهر.‏ ومع ان البعض —‏ كالمرازبة الغيارى الماكرين —‏ ارادوا اهلاك دانيال،‏ فقد نال احترام الشخصيات البارزة الاخرى.‏ ولأن يهوه مكّن دانيال من تفسير اسرار حيَّرت ملوكا وحكماء،‏ تبوَّأ هذا النبي مراكز مرموقة.‏ (‏دانيال ٢:‏​٤٧،‏ ٤٨؛‏ ٥:‏٢٩‏)‏ صحيح انه عندما تقدَّمت به السن فقدَ نشاط الشباب،‏ لكنه ذهب بالتأكيد الى نهايته وهو يبحث بأمانة عن طريقة يخدم بها كشاهد لإلهه الحبيب.‏

١٢ (‏أ)‏ اية نشاطات تعليمية ننهمك فيها كمسيحيين اليوم؟‏ (‏ب)‏ كيف يمكننا ان نتَّبع مشورة بولس المتعلقة ‹بمواصلة السير بحكمة من جهة الذين في الخارج›؟‏

١٢ قد نجد في الجماعة المسيحية اليوم اصحابا امناء يساعدوننا على الاحتمال،‏ كما كان دانيال ورفقاؤه الثلاثة يساعدون واحدهم الآخر.‏ ونحن ايضا نعلّم واحدنا الآخر،‏ وهكذا «نتبادل التشجيع».‏ (‏روما ١:‏​١١،‏ ١٢‏)‏ وكدانيال،‏ فُوِّضت الينا مهمة الشهادة لغير المؤمنين.‏ (‏متى ٢٤:‏١٤؛‏ ٢٨:‏​١٩،‏ ٢٠‏)‏ لذلك يلزم ان نحسِّن مهاراتنا لكي ‹نستعمل كلمة الحق بطريقة صائبة› عند التحدُّث الى الناس عن يهوه.‏ (‏٢ تيموثاوس ٢:‏١٥‏)‏ وسنستفيد اذا اطعنا مشورة الرسول بولس:‏ «واصلوا السير بحكمة من جهة الذين في الخارج».‏ (‏كولوسي ٤:‏٥‏)‏ وتشمل هذه الحكمة نظرة متَّزنة الى الذين لا يشاركوننا في ايماننا.‏ فنحن لا ننظر اليهم نظرة احتقار،‏ معتبرين انفسنا اسمى منهم.‏ (‏١ بطرس ٣:‏١٥‏)‏ لكننا نحاول ان نجذبهم الى الحق،‏ مستخدمين كلمة الله بلباقة ومهارة لبلوغ قلوبهم.‏ ويا للفرح الذي يغمرنا عندما ننجح في بلوغ قلب شخص ما!‏ ولا شك ان هذا الفرح يساعدنا على الاحتمال الى النهاية،‏ كما حصل مع دانيال.‏

‏«تستريح»‏

١٣،‏ ١٤ لماذا كانت فكرة الموت ترعب بابليين كثيرين،‏ وكيف كانت نظرة دانيال مختلفة؟‏

١٣ بعد ذلك اكّد الملاك لدانيال انه سوف ‹يستريح›.‏ (‏دانيال ١٢:‏١٣‏)‏ فماذا عنت هذه الكلمة؟‏ كان دانيال يعرف انه سوف يموت.‏ فلا مفرّ لجميع البشر،‏ من ايام آدم الى ايامنا،‏ من هذا المصير.‏ ويدعو الكتاب المقدس الموت بشكل ملائم ‹عدوًّا›.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٦‏)‏ لكنَّ مفهوم الموت عند دانيال كان مختلفا جدا عمّا يعنيه للبابليين العائش بينهم.‏ فبالنسبة الى هؤلاء المنغمسين في عبادة معقَّدة لنحو ٠٠٠‏,٤ اله،‏ كان الموت مرعبا جدا.‏ فقد اعتقدوا ان الذين عاشوا حياة تعيسة او ماتوا ميتة عنيفة يصيرون بعد الموت ارواحا تطارد الاحياء للانتقام.‏ وكان البابليون يؤمنون ايضا بعالم سفلي مريع تسكنه مسوخ لها اشكال بشرية وحيوانية.‏

١٤ أما دانيال فلم يعنِ له الموت ايًّا من هذه.‏ فقبل زمنه بمئات السنين،‏ أوحي الى الملك سليمان الهيا بأن يقول:‏ «أما الموتى فلا يعلمون شيئا».‏ (‏جامعة ٩:‏٥‏)‏ وعن الذي يموت رنّم صاحب المزمور:‏ «تخرج روحه فيعود الى ترابه.‏ في ذلك اليوم نفسه تهلك افكاره».‏ (‏مزمور ١٤٦:‏٤‏)‏ لذلك كان دانيال يعرف ان ما قاله الملاك سيحدث له فعلا.‏ فالموت يعني الراحة.‏ وليس فيه افكار ولا ندم شديد ولا عذاب —‏ وطبعا،‏ لا مسوخ.‏ واستخدم يسوع المسيح تعبيرا مماثلا عندما مات لعازر.‏ فقد قال:‏ «لعازر صديقنا راقد».‏ —‏ يوحنا ١١:‏١١‏.‏

١٥ كيف يكون يوم الممات خيرا من يوم الولادة؟‏

١٥ تأملوا في سبب آخر يجعل فكرة الموت غير مخيفة لدانيال.‏ فكلمة الله تقول:‏ «الصيت خير من الدهن الطيب ويوم الممات خير من يوم الولادة».‏ (‏جامعة ٧:‏١‏)‏ ولكن كيف يكون يوم الممات،‏ الذي هو يوم حزن طبعا،‏ خيرا من يوم الولادة الذي يعمُّه الفرح؟‏ الجواب موجود في كلمة «الصيت».‏ عموما كان «الدهن الطيب» غالي الثمن.‏ فقد دهنت مريم اخت لعازر قدمَي يسوع بزيتٍ عَطِر ناهزت قيمته اجور سنة!‏ (‏يوحنا ١٢:‏​١-‏٧‏)‏ وماذا يجعل الصيت غاليا الى هذا الحد؟‏ تستعمل الترجمة السبعينية اليونانية في الجامعة ٧:‏١ عبارة «الصيت الحسن».‏ فما له قيمة كبيرة هو الانطباع الذي يتركه هذا الصيت.‏ وعندما يولد الانسان لا يكون عند الناس رأي فيه،‏ ولا يكون سجله حافلا بأفعال الخير،‏ ولا يعتزّ الناس بالذكريات التي لديهم عن شخصيته وصفاته.‏ ولكن في آخِر الحياة،‏ يشتمل الصيت على كل هذه الامور.‏ وإذا كان الصيت حسنا امام الله،‏ فهذا يجعله اثمن بكثير من اية ممتلكات مادية.‏

١٦ (‏أ)‏ كيف سعى دانيال الى ان يجعل صيته حسنا امام الله؟‏ (‏ب)‏ لماذا كان بإمكان دانيال ان يستريح وهو على ثقة تامة بأنه نجح في صنع صيت حسن امام يهوه؟‏

١٦ فعل دانيال طوال حياته كل ما في وسعه ليكون صيته حسنا امام الله،‏ ولم يتجاهل يهوه ذلك.‏ فقد راقب دانيالَ وفحص قلبه.‏ وهذا ما فعله الله مع الملك داود،‏ الذي رنّم:‏ «يا رب قد فحصتَني وعرفتني.‏ انت عرفت قعودي ونهوضي.‏ فهمت فكري من بعيد».‏ (‏مزمور ١٣٩:‏​١،‏ ٢‏،‏ ترجمة تفسيرية‏)‏ صحيح ان دانيال لم يكن كاملا.‏ فهو متحدِّر من آدم الخاطئ وعضو في امة خاطئة.‏ (‏روما ٣:‏٢٣‏)‏ لكنَّ دانيال كان متأسفا على حالته الخاطئة،‏ واستمر يحاول السير مع الله بطريقة مستقيمة.‏ لذلك كان هذا النبي الامين على ثقة بأن يهوه سيغفر له خطاياه ولن يحاسبه عليها.‏ (‏مزمور ١٠٣:‏​١٠-‏١٤؛‏ اشعياء ١:‏١٨‏)‏ ويريد يهوه ان يتذكر الاعمال الحسنة التي يقوم بها خدامه الامناء.‏ (‏عبرانيين ٦:‏١٠‏)‏ لذلك دعا ملاك يهوه دانيال مرتين «الرجل المحبوب».‏ (‏دانيال ١٠:‏​١١،‏ ١٩‏)‏ وعنى ذلك ان الله كان يعزّ دانيال كثيرا.‏ وكان بإمكان دانيال ان يذهب ويستريح مطمئنا،‏ عالما ان صيته حسن امام يهوه.‏

١٧ لماذا من الملح ان يكون صيتنا حسنا امام يهوه اليوم؟‏

١٧ يحسن بكل شخص ان يسأل نفسه:‏ ‹هل صيتي حسن امام يهوه؟‏› فنحن نعيش في ازمنة مضطربة.‏ واعتراف المرء بأن الموت قد يوافي ايّ واحد منا في اية لحظة دليل على التفكير الواقعي لا على التشاؤم.‏ (‏جامعة ٩:‏١١‏)‏ فكم هو ضروري اذًا ان يصمِّم كل واحد منا الآن على صنع صيت حسن امام الله،‏ ودون ايّ تأخير.‏ وإذا فعلنا ذلك،‏ فلن نخاف الموت.‏ فهو مجرد راحة،‏ كالنوم.‏ والموت —‏ كالنوم —‏ يتبعه استيقاظ!‏

‏«تقوم»‏

١٨،‏ ١٩ (‏أ)‏ ماذا قصد الملاك عندما انبأ بأن دانيال ‹سيقوم› في المستقبل؟‏ (‏ب)‏ لماذا كان رجاء القيامة مألوفا جدا لدانيال؟‏

١٨ يُختتم سفر دانيال بأحد اجمل الوعود التي قطعها الله لإنسان.‏ فقد قال ملاك يهوه لدانيال:‏ «تقوم لقُرعتك في نهاية الايام».‏ فماذا قصد الملاك هنا؟‏ بما ان ‹الراحة› التي سبق فتحدَّث عنها تشير الى الموت،‏ فالوعد بأن دانيال ‹سيقوم› في وقت لاحق لا يمكن ان يعني إلا امرا واحدا:‏ القيامة من الموت.‏ * وفي الواقع،‏ يؤكد بعض العلماء ان الاصحاح ١٢ من سفر دانيال يحتوي على اول اشارة صريحة في الاسفار العبرانية الى القيامة.‏ (‏دانيال ١٢:‏٢‏)‏ لكنهم في ذلك مخطئون.‏ فرجاء القيامة كان مألوفا جدا لدانيال.‏

١٩ مثلا،‏ كان دانيال يعرف دون شك هذه الكلمات التي سجلها اشعياء قبل قرنين:‏ «ستحيا موتاك وجثثك يقومون فانتبهوا وترنموا ايها الساكنون في التراب لأن .‏ .‏ .‏ الارض تطرح الموتى».‏ (‏اشعياء ٢٦:‏١٩‏،‏ ترجمة الشدياق‏)‏ وقبل ذلك بوقت طويل،‏ منح يهوه ايليا وأليشع القدرة على إقامة موتى.‏ (‏١ ملوك ١٧:‏​١٧-‏٢٤؛‏ ٢ ملوك ٤:‏​٣٢-‏٣٧‏)‏ وقبل ذلك اعترفت حنة،‏ ام النبي صموئيل،‏ بأن يهوه قادر على اقامة الناس من الهاوية،‏ او المدفن.‏ (‏١ صموئيل ٢:‏٦‏)‏ وقبل ذلك ايضا،‏ عبَّر ايوب الامين عن رجائه بهذه الكلمات:‏ «إن مات رجل أفيحيا.‏ كل ايام جهادي اصبر الى ان يأتي بدلي.‏ تدعو فأنا اجيبك.‏ تشتاق الى عمل يدك».‏ —‏ ايوب ١٤:‏​١٤،‏ ١٥‏.‏

٢٠،‏ ٢١ (‏أ)‏ اية قيامة سيكون دانيال جزءا منها دون شك؟‏ (‏ب)‏ بأية طريقة يُحتمل ان تحصل القيامة في الفردوس؟‏

٢٠ كأيوب،‏ كان لدانيال سبب يدفعه الى الثقة بأن يهوه سيشتاق الى اعادته الى الحياة يوما ما في المستقبل.‏ ولكن لا بد انه تعزّى كثيرا لسماعه مخلوقا روحانيا جبارا يؤكد له هذا الرجاء.‏ نعم،‏ سيقوم دانيال في «قيامة الابرار» التي ستحدث خلال حكم المسيح الالفي.‏ (‏لوقا ١٤:‏١٤‏)‏ وماذا سيرى دانيال آنذاك؟‏ تخبرنا كلمة الله الكثير عن ذلك.‏

٢١ ليس يهوه «اله تشويش،‏ بل اله سلام».‏ (‏١ كورنثوس ١٤:‏٣٣‏)‏ لذلك من الواضح ان القيامة في الفردوس ستحصل بطريقة منظمة.‏ وربما ستمرّ فترة من الوقت بعد هرمجدون قبل ان تبدأ.‏ (‏كشف ١٦:‏​١٤،‏ ١٦‏)‏ وسيكون كل اثر لنظام الاشياء القديم قد أُزيل،‏ ولا شك ان الاستعدادات لاستقبال الموتى ستكون متمَّمة.‏ أما بالنسبة الى الترتيب الذي يعود بحسبه الموتى،‏ فيخبرنا الكتاب المقدس بهذه السابقة التي يمكن ان تُطبَّق في المستقبل:‏ «كل واحد في رتبته».‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٣‏)‏ ومن المحتمل انه عندما تحين ‹قيامة الابرار والاثمة›،‏ سيعود الابرار اولا.‏ (‏اعمال ٢٤:‏١٥‏)‏ وبهذه الطريقة يتمكن الرجال القدماء،‏ كدانيال،‏ من المساعدة على ادارة الشؤون الارضية،‏ بما في ذلك تعليم بلايين «الاثمة» المقامين.‏ —‏ مزمور ٤٥:‏١٦‏.‏

٢٢ ما هي بعض الامور التي سيكون دانيال توّاقا دون شك الى معرفتها؟‏

٢٢ قبل ان يصير دانيال جاهزا لتولّي هذه المسؤوليات،‏ سيكون عنده دون شك بعض الاسئلة.‏ أفَلم يقل عن بعض النبوات العميقة التي اؤتمن عليها انه ‹سمع وما فهم›؟‏ (‏دانيال ١٢:‏٨‏)‏ وكم سيفرح عندما يفهم هذه الاسرار الالهية اخيرا!‏ ولا شك انه سيرغب في سماع كل التفاصيل عن المسيَّا.‏ وسيولي دانيال انتباهه الشديد للتعلم عن تعاقُب الدول العالمية من ايامه حتى ايامنا،‏ عن هوية «قديسي العلي» الامناء الذين حافظوا على ثباتهم رغم الاضطهاد في «وقت النهاية»،‏ وعن الدمار الاخير لكل الممالك البشرية بواسطة ملكوت الله المسيَّاني.‏ —‏ دانيال ٢:‏٤٤؛‏ ٧:‏٢٢؛‏ ١٢:‏٤‏.‏

قُرعة دانيال في الفردوس —‏ وقُرعتكم انتم!‏

٢٣،‏ ٢٤ (‏أ)‏ كيف سيكون العالم،‏ الذي سيجد دانيال نفسه مقاما فيه،‏ مختلفا عن العالم الذي عرفه قبلا؟‏ (‏ب)‏ هل يكون لدانيال مكان في الفردوس،‏ وكيف نعرف ذلك؟‏

٢٣ سيرغب دانيال في ان يعرف عن العالم الذي سيجد نفسه فيه،‏ عالم مختلف جدا عن عالمه القديم.‏ فسيزول فيه كل اثر للحروب والظلم،‏ امور شوَّهت العالم الذي عرفه.‏ ولن يكون هنالك حزن ولا مرض ولا موت.‏ (‏اشعياء ٢٥:‏٨؛‏ ٣٣:‏٢٤‏)‏ بل ستكون هنالك اطعمة وفيرة وبيوت كثيرة،‏ وسيكون لكل شخص عمل يُسرّ به.‏ (‏مزمور ٧٢:‏١٦؛‏ اشعياء ٦٥:‏​٢١،‏ ٢٢‏)‏ وسيشكّل الجنس البشري عائلة واحدة متحدة وسعيدة.‏

٢٤ وسيكون لدانيال طبعا مكان في ذلك العالم.‏ فقد قال له الملاك:‏ «تقوم لقُرعتك».‏ ان الكلمة العبرانية المترجمة هنا «قُرعة» هي نفسها التي تُستعمل للاشارة الى قِطع ارض حرفية.‏ * وربما كان دانيال يعرف نبوة حزقيال التي تتحدَّث عن تقسيم ارض اسرائيل المستردة الى حصص.‏ (‏حزقيال ٤٧:‏١٣–‏٤٨:‏٣٥‏)‏ فإلى ماذا تشير نبوة حزقيال في اتمامها الفردوسي؟‏ انها تشير الى ان كل شعب الله سيكون لهم مكان في الفردوس،‏ حتى الارض ستُقسَّم الى حصص بطريقة منظمة ومنصفة.‏ وطبعا،‏ ستشتمل قُرعة دانيال على اكثر من مجرد ارض.‏ فسيكون له دور في قصد الله هناك.‏ والمكافأة الموعود بها مضمونة.‏

٢٥ (‏أ)‏ ما هي بعض اوجه الحياة في الفردوس التي تروقكم؟‏ (‏ب)‏ لماذا يمكن القول ان مكان البشر هو في الفردوس؟‏

٢٥ ولكن ماذا عن قُرعتكم؟‏ يمكن ان تنطبق الوعود نفسها عليكم.‏ ويهوه يريد ان ينال البشر الطائعون قُرعتهم،‏ ان يكون لهم مكان في الفردوس.‏ تخيَّلوا هذا!‏ وسيكون مفرحا بالتأكيد ان تلتقوا دانيال شخصيا،‏ هو وغيره من الرجال والنساء الامناء من ازمنة الكتاب المقدس.‏ وستعود بعد ذلك اعداد لا تحصى من الموتى الى الحياة،‏ وسيحتاجون الى التعليم لكي يعرفوا يهوه الله ويحبوه.‏ تصوَّروا نفسكم تعتنون بموطننا الجميل وتساهمون في تحويله الى فردوس بتنوُّعه الذي لا ينتهي وجماله الذي لا يذوي.‏ وتخيَّلوا انكم تتعلمون من يهوه كيف تعيشون حسبما قصد للجنس البشري ان يعيش.‏ (‏اشعياء ١١:‏٩؛‏ يوحنا ٦:‏٤٥‏)‏ نعم،‏ لكم مكان ودور في الفردوس.‏ ومع ان فكرة الفردوس تبدو غريبة للبعض اليوم،‏ تذكّروا ان يهوه صنع البشر اصلا ليعيشوا في مكان كهذا.‏ (‏تكوين ٢:‏​٧-‏٩‏)‏ ومن هذا المنطلَق يكون الفردوس الموطن الطبيعي لبلايين الاشخاص على الارض.‏ فمكانهم هناك.‏ وبلوغ هذا الفردوس سيكون مثل عودة المرء الى بيته.‏

٢٦ ما الدليل على ان يهوه يعرف ان انتظار نهاية هذا النظام ليس سهلا علينا؟‏

٢٦ ألا تفيض قلوبنا بالتقدير عندما نفكّر في كل هذه الامور؟‏ أوَلا تتوقون الى العيش هناك؟‏ لا عجب اذًا ان يتحرَّق شهود يهوه شوقا الى معرفة تاريخ نهاية نظام الاشياء هذا!‏ فالانتظار ليس سهلا.‏ ويهوه يعرف ذلك،‏ لأنه يحثنا ان ‹ننتظر› النهاية حتى «إن توانت».‏ وهو يقصد تَوانيها من وجهة نظرنا نحن،‏ لأنه يؤكد لنا في الآية نفسها انها «لا تتأخر».‏ (‏حبقوق ٢:‏٣‏؛‏ قارنوا امثال ١٣:‏١٢‏.‏)‏ نعم،‏ ستأتي النهاية في وقتها.‏

٢٧ ماذا يجب ان تفعلوا لتقفوا امام الله الى ابد الآبدين؟‏

٢٧ وماذا ينبغي ان تفعلوا ما دامت النهاية تقترب؟‏ احتملوا بأمانة،‏ كما فعل نبي يهوه المحبوب دانيال.‏ ادرسوا كلمة الله باجتهاد.‏ صلّوا بحرارة.‏ عاشروا الرفقاء المؤمنين بمحبة.‏ علّموا الآخرين الحق بغيرة.‏ وباقتراب نظام الاشياء الشرير هذا من نهايته يوما بعد يوم،‏ ابقوا مصمِّمين على خدمة العلي بولاء وعلى المدافعة عن كلمته بعزم.‏ وانتبهوا كل الانتباه لنبوة دانيال!‏ وليمنحكم السيد الرب يهوه امتياز الوقوف امامه بفرح الى ابد الآبدين!‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 4‏ سُبي دانيال الى بابل سنة ٦١٧ ق‌م عندما كان على الارجح في سن المراهقة.‏ ونال هذه الرؤيا في السنة الثالثة لكورش،‏ اي سنة ٥٣٦ ق‌م.‏ —‏ دانيال ١٠:‏١‏.‏

^ ‎الفقرة 18‏ حسب معجم براون-‏درايڤر-‏بريڠز العبراني والانكليزي ‏(‏بالانكليزية)‏،‏ ان الكلمة العبرانية المترجمة هنا «تقوم» تشير الى «اعادة إحياء بعد الموت».‏

^ ‎الفقرة 24‏ ترتبط هذه الكلمة العبرانية بكلمة تعني «حصاة»،‏ لأنه كانت تُستعمل حجارة صغيرة لإلقاء القُرعة.‏ وكانت الارض تُقسم احيانا بهذه الطريقة.‏ (‏عدد ٢٦:‏​٥٥،‏ ٥٦‏)‏ ويقول دليل الى سفر دانيال ‏(‏بالانكليزية)‏ ان الكلمة تعني هنا «ما يُخَصُّ به شخص (‏من الله)‏».‏

ماذا فهمتم؟‏

‏• ماذا ساعد دانيال على الاحتمال الى النهاية؟‏

‏• لماذا لم تكن فكرة الموت ترعب دانيال؟‏

‏• كيف سيتمّ وعد الملاك بأن دانيال ‹سيقوم لقُرعته›؟‏

‏• كيف استفدتم شخصيا من الانتباه لنبوة دانيال؟‏

‏[اسئلة الدرس]‏

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٣٠٧]‏

‏[الصورة في الصفحة ٣١٨]‏

هل تنتبهون كدانيال لكلمة الله النبوية؟‏