اَلْفَصْلُ ٱلسَّادِسَ عَشَرَ
تصرفتْ بحكمة وشجاعة وعدم انانية
١-٣ (أ) كَيْفَ شَعَرَتْ أَسْتِيرُ وَهِيَ تَدْنُو مِنْ عَرْشِ زَوْجِهَا؟ (ب) مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلْمَلِكِ حِيَالَ زِيَارَةِ أَسْتِيرَ؟
دَنَتْ أَسْتِيرُ مِنَ ٱلْعَرْشِ خُطْوَةً فَخُطْوَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ. يُخَيِّمُ اَلسُّكُونُ عَلَى ٱلْقَاعَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ ٱلضَّخْمَةِ دَاخِلَ ٱلْقَصْرِ ٱلْفَارِسِيِّ فِي شُوشَنَ، سُكُونٌ عَمِيقٌ إِلَى حَدٍّ تَسْمَعُ مَعَهُ أَسْتِيرُ وَقْعَ خُطُوَاتِهَا ٱلنَّاعِمَةِ وَحَفِيفَ حُلَّتِهَا ٱلْمَلَكِيَّةِ. لَا بُدَّ أَنَّهَا حَرِصَتْ فِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلْحَرِجَةِ أَلَّا تَتَلَهَّى بِأُبَّهَةِ ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ، أَوْ بِأَعْمِدَتِهِ ٱلْمَهِيبَةِ، أَوْ بِٱلنُّقُوشِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي تُزَخْرِفُ سَقْفَهُ ٱلْمَصْنُوعَ مِنْ أَرْزِ لُبْنَانَ. فَكُلُّ ٱنْتِبَاهِهَا مُنْصَبٌّ عَلَى ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلْجَالِسِ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلْمُلْكِ، ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي حَيَاتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ.
٢ أَمَّا هُوَ فَرَاحَ يُمْعِنُ ٱلنَّظَرَ فِيهَا وَهِيَ تَقْتَرِبُ، مَادًّا لَهَا صَوْلَجَانَهُ ٱلذَّهَبِيَّ. إِنَّ هٰذِهِ ٱلْإِيمَاءَةَ عَلَى بَسَاطَتِهَا عَمِيقَةُ ٱلْمَغْزَى. فَهِيَ تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَلِكَ ٱسْتَحْيَاهَا صَافِحًا عَنْ ذَنْبٍ ٱرْتَكَبَتْهُ لِلتَّوِّ، أَلَا وَهُوَ ٱلْمُثُولُ أَمَامَهُ دُونَ دَعْوَةٍ مَلَكِيَّةٍ. وَفِيمَا هِيَ تَتَقَدَّمُ نَحْوَ ٱلْعَرْشِ، تَمُدُّ يَدَهَا وَتَلْمُسُ رَأْسَ ٱلصَّوْلَجَانِ بِكُلِّ ٱمْتِنَانٍ. — اس ٥:١، ٢.
٣ كُلُّ مَا يَخُصُّ ٱلْمَلِكَ يَنْطِقُ بِٱلْعَظَمَةِ وَٱلْقُوَّةِ وَٱلْغِنَى. فَٱلْحُلَّةُ ٱلْمَلَكِيَّةُ ٱلَّتِي تَسَرْبَلَ بِهَا ٱلْحُكَّامُ ٱلْفُرْسُ فِي تِلْكَ ٱلْأَزْمِنَةِ كَلَّفَتْ، بِحَسَبِ ٱعْتِقَادِ ٱلْعُلَمَاءِ، مَا يُعَادِلُ ٱلْيَوْمَ مِئَاتِ مَلَايِينِ ٱلدُّولَارَاتِ. رَغْمَ كُلِّ ذٰلِكَ، ٱسْتَشَفَّتْ أَسْتِيرُ دِفْئًا فِي نَظَرَاتِ زَوْجِهَا. فَهُوَ يُكِنُّ لَهَا ٱلْحُبَّ وَلَوْ عَلَى طَرِيقَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ. قَالَ لَهَا: «مَا لَكِ يَا أَسْتِيرُ ٱلْمَلِكَةُ، وَمَا سُؤْلُكِ؟ وَلَوْ كَانَ نِصْفَ ٱلْمَمْلَكَةِ، فَإِنَّهُ يُعْطَى لَكِ!». — اس ٥:٣.
٤ أَيَّةُ تَحَدِّيَاتٍ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَ أَسْتِيرَ؟
٤ لَقَدْ بَرْهَنَتْ أَسْتِيرُ عَنْ إِيمَانِهَا وَشَجَاعَتِهَا بِمُجَرَّدِ مَجِيئِهَا إِلَى ٱلْمَلِكِ
لِتَحْمِيَ شَعْبَهَا مِنَ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلْهَادِفَةِ إِلَى إِبَادَتِهِمْ. وَقَدْ حَالَفَهَا ٱلنَّجَاحُ حَتَّى تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ. غَيْرَ أَنَّ تَحَدَّيَاتٍ أَكْبَرَ كَانَتْ تَكْمُنُ أَمَامَهَا. فَعَلَيْهَا أَنْ تُقْنِعَ هٰذَا ٱلْحَاكِمَ ٱلْمُتَشَامِخَ بِأَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ مَا هُوَ إِلَّا رَجُلٌ شِرِّيرٌ مُخَادِعٌ جَرَّهُ إِلَى إِنْزَالِ حُكْمِ ٱلْمَوْتِ بِشَعْبِهَا. فَهَلْ تَتَوَفَّقُ فِي مَسْعَاهَا؟ وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ إِيمَانِهَا؟اِخْتَارَتْ بِحِكْمَةٍ ‹ٱلْوَقْتَ لِلتَّكَلُّمِ›
٥، ٦ (أ) كَيْفَ طَبَّقَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمَبْدَأَ فِي ٱلْجَامِعَة ٣:١، ٧؟ (ب) كَيْفَ أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنِ ٱلْحِكْمَةِ؟
٥ هَلْ كَانَ مِنَ ٱلْمُنَاسِبِ أَنْ تَطْرَحَ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ عَلَى ٱلْمَلِكِ أَمَامَ جَمِيعِ ٱلْحَاضِرِينَ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ؟ لَوْ فَعَلَتْ ذٰلِكَ، لَرُبَّمَا أَهَانَتْهُ بِتَصَرُّفِهَا وَمَنَحَتْ مُشِيرَهُ هَامَانَ ٱلْوَقْتَ أَنْ يَدْحَضَ ٱلتُّهَمَ. فَمَاذَا فَعَلَتْ إِذًا؟ قَبْلَ قُرُونٍ، كَتَبَ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَكِيمُ سُلَيْمَانُ بِٱلْوَحْيِ: «لِكُلِّ شَيْءٍ زَمَانٌ مُعَيَّنٌ، . . . لِلصَّمْتِ وَقْتٌ، وَلِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ». (جا ٣:١، ٧) وَلَا بُدَّ أَنَّ أَسْتِيرَ تَعَلَّمَتْ مَبَادِئَ كَهٰذِهِ وَهِيَ تَكْبُرُ فِي كَنَفِ أَبِيهَا بِٱلتَّبَنِّي، ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ مُرْدَخَايَ. فَبَاتَتْ تُدْرِكُ دُونَ شَكٍّ أَهَمِّيَّةَ ٱخْتِيَارِ ‹ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِلتَّكَلُّمِ›.
٦ قَالَتْ: «إِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ، فَلْيَأْتِ ٱلْمَلِكُ وَهَامَانُ ٱلْيَوْمَ إِلَى ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلَّتِي أَقَمْتُهَا لَهُ». (اس ٥:٤) فَنَزَلَ ٱلْمَلِكُ عِنْدَ رَغْبَتِهَا وَٱسْتَدْعَى هَامَانَ. هَلْ تَرَى كَمِ ٱتَّصَفَتْ أَسْتِيرُ بِٱلْحِكْمَةِ؟ لَقَدْ حَافَظَتْ عَلَى كَرَامَةِ زَوْجِهَا وَرَتَّبَتْ أَنْ تَكْشِفَ لَهُ عَنْ هَوَاجِسِهَا فِي مُنَاسَبَةٍ مُؤَاتِيَةٍ أُخْرَى. — اقرإ الامثال ١٠:١٩.
٧، ٨ كَيْفَ كَانَتِ ٱلْمَأْدُبَةُ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي أَعَدَّتْهَا أَسْتِيرُ، وَلِمَ أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟
٧ لَا رَيْبَ أَنَّ أَسْتِيرَ أَعَدَّتْ تِلْكَ ٱلْوَلِيمَةَ بِعِنَايَةٍ فَائِقَةٍ، وَحَرِصَتْ عَلَى إِرْضَاءِ ذَوْقِ ٱلْمَلِكِ بِأَدَقِّ ٱلتَّفَاصِيلِ. وَلَمْ تَخْلُ مَأْدُبَتُهَا مِنَ ٱلْخَمْرِ ٱلْفَاخِرَةِ ٱلَّتِي تَطِيبُ لَهَا ٱلنَّفْسُ. (مز ١٠٤:١٥) فَقَضَى أَحَشْوِيرُوشُ وَقْتًا مُمْتِعًا، وَسَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا. فَهَلْ آنَ ٱلْأَوَانُ لِتَتَكَلَّمَ؟
٨ رَأَتْ أَسْتِيرُ أَنَّ ٱلْوَقْتَ لَمْ يَحِنْ بَعْدُ. فَدَعَتِ ٱلْمَلِكَ وَهَامَانَ إِلَى مَأْدُبَةٍ ثَانِيَةٍ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي. (اس ٥:٧، ٨) وَلِمَاذَا أَرْجَأَتِ ٱلْإِفْصَاحَ عَمَّا فِي قَلْبِهَا؟ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِكَ أَنَّ شَعْبَ أَسْتِيرَ بِرُمَّتِهِ كَانَ يَتَهَدَّدُهُ خَطَرُ ٱلْمَوْتِ بِفِعْلِ مَرْسُومِ ٱلْمَلِكِ. وَنَظَرًا إِلَى هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْحَرِجِ لِلْغَايَةِ، لَزِمَ أَنْ تَتَحَيَّنَ ٱلْوَقْتَ ٱلْأَنْسَبَ لِلْكَلَامِ. فَقَرَّرَتِ ٱلِٱنْتِظَارَ، وَهَيَّأَتْ فُرْصَةً أُخْرَى تُبَرْهِنُ مِنْ خِلَالِهَا لِزَوْجِهَا كَمْ تُقَدِّرُهُ وَتَحْتَرِمُهُ.
٩ مَا أَهَمِّيَّةُ ٱلصَّبْرِ، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِ أَسْتِيرَ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ؟
٩ إِنَّ ٱلصَّبْرَ مَزِيَّةٌ نَادِرَةٌ وَقَيِّمَةٌ. فَرَغْمَ قَلَقِ أَسْتِيرَ ٱلشَّدِيدِ وَرَغْبَتِهَا ٱلْقَوِيَّةِ فِي قَوْلِ مَا عِنْدَهَا، ٱنْتَظَرَتْ بِصَبْرٍ ٱللَّحْظَةَ ٱلْمُؤَاتِيَةَ. فَكَمْ نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِهَا فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ! فَجَمِيعُنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ نَرَى أَخْطَاءً يَلْزَمُ تَصْوِيبُهَا. لِذَا عِنْدَمَا نَسْعَى إِلَى إِقْنَاعِ شَخْصٍ فِي مَرْكَزِ مَسْؤُولِيَّةٍ بِمُعَالَجَةِ مُشْكِلَةٍ مَا، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَكُونَ صَبُورِينَ ٱقْتِدَاءً بِهَا. تَقُولُ ٱلْأَمْثَال ٢٥:١٥: «بِٱلصَّبْرِ يُسْتَمَالُ صَاحِبُ ٱلْأَمْرِ، وَٱللِّسَانُ ٱللَّيِّنُ يَكْسِرُ ٱلْعَظْمَ». فَإِذَا ٱنْتَظَرْنَا ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ بِصَبْرٍ وَتَكَلَّمْنَا بِلُطْفٍ وَوَدَاعَةٍ، مِثْلَ أَسْتِيرَ، نَتَمَكَّنُ مِنْ تَلْيِينِ ٱلْمَوَاقِفِ ٱلْمُتَصَلِّبَةِ وَٱلْمُعَانِدَةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قَاسِيَةً كَٱلْعَظْمِ. وَهَلْ بَارَكَ يَهْوَهُ، إِلٰهُ أَسْتِيرَ، صَبْرَهَا وَحِكْمَتَهَا؟
اَلصَّبْرُ يُثْمِرُ
١٠، ١١ لِمَ تَغَيَّرَ مِزَاجُ هَامَانَ بَعْدَمَا غَادَرَ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى، وَعَلَامَ حَثَّتْهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ؟
١٠ مَهَّدَ صَبْرُ أَسْتِيرَ ٱلسَّبِيلَ لِسِلْسِلَةٍ مِنَ ٱلْحَوَادِثِ ٱلْهَامَّةِ. لَقَدْ غَادَرَ هَامَانُ ٱلْمَأْدُبَةَ ٱلْأُولَى «فَرِحًا وَطَيِّبَ ٱلْقَلْبِ» لِأَنَّ ٱلْمَلِكَ وَٱلْمَلِكَةَ خَصَّاهُ بِمُعَامَلَةٍ مُمَيَّزَةٍ. وَفِيمَا هُوَ يَعْبُرُ بَوَّابَةَ ٱلْقَلْعَةِ، وَقَعَ نَظَرُهُ عَلَى مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ ٱلَّذِي بَقِيَ رَافِضًا أَنْ يَنْحَنِيَ لَهُ. وَكَمَا لَاحَظْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ، لَمْ يَكُنْ قَصْدُ مُرْدَخَايَ أَنْ يُقَلِّلَ مِنِ ٱحْتِرَامِ هَامَانَ، بَلْ أَرَادَ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى ضَمِيرٍ طَاهِرٍ وَعَلَاقَةٍ جَيِّدَةٍ بِيَهْوَهَ ٱللهِ. مَعَ ذٰلِكَ، تَذْكُرُ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ هَامَانَ «ٱمْتَلَأَ سُخْطًا». — اس ٥:٩.
١١ وَعِنْدَمَا أَخْبَرَ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِهٰذِهِ ٱلْإِهَانَةِ، حَثُّوهُ أَنْ يُعِدَّ خَشَبَةً ضَخْمَةً طُولُهَا أَكْثَرُ مِنِ ٢٢ م، ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ ٱلْمَلِكَ فِي تَعْلِيقِ مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا. فَرَحَّبَ بِٱلْفِكْرَةِ وَبَادَرَ فَوْرًا إِلَى تَنْفِيذِهَا. — اس ٥:١٢-١٤.
١٢ لِمَ قُرِئَتْ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ عَلَى ٱلْمَلِكِ، وَلِأَيِّ أَمْرٍ تَيَقَّظَ بَعْدَ سَمَاعِهَا؟
١٢ بَعْدَ ٱنْتِهَاءِ ٱلْمَأْدُبَةِ ٱلْأُولَى، أَمْضَى أَحَشْوِيرُوشُ لَيْلَةً غَيْرَ ٱعْتِيَادِيَّةٍ. فَقَدْ ‹طَارَ ٱلنَّوْمُ› مِنْ عَيْنَيْهِ، حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. لِذَا أَمَرَ أَنْ تُقْرَأَ عَلَى مَسْمَعِهِ سِجِلَّاتُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلرَّسْمِيَّةُ، وَفِيهَا وُجِدَ خَبَرُ ٱلْمَكِيدَةِ ٱلَّتِي دُبِّرَتْ لِٱغْتِيَالِهِ. فَتَذَكَّرَ تِلْكَ ٱلْحَادِثَةَ وَأَنَّ ٱلرَّجُلَيْنِ ٱللَّذَيْنِ تَآمَرَا عَلَيْهِ ٱعْتُقِلَا وَأُعْدِمَا. وَلٰكِنْ مَاذَا صُنِعَ لِمُرْدَخَايَ ٱلَّذِي كَشَفَ ٱلْمُؤَامَرَةَ؟ حِينَ تَيَقَّظَ ٱلْمَلِكُ فَجْأَةً لِهٰذِهِ ٱلْفِكْرَةِ ٱلْمُهِمَّةِ، ٱسْتَعْلَمَ كَيْفَ كُوفِئَ مُرْدَخَايُ عَلَى مَعْرُوفِهِ. وَمَاذَا كَانَ ٱلْجَوَابُ؟ مَا مِنْ شَيْءٍ أَلْبَتَّةَ عُمِلَ لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ. — اقرأ١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ بَدَأَتِ ٱلْأُمُورُ تَنْقَلِبُ عَلَى هَامَانَ؟ (ب) حِينَ أَخْبَرَ هَامَانُ زَوْجَتَهُ وَأَصْدِقَاءَهُ بِمَا حَدَثَ، مَاذَا قَالُوا لَهُ؟
اس ٦:٤-١٠.
١٣ اِسْتَاءَ أَحَشْوِيرُوشُ وَأَرَادَ تَصْحِيحَ ٱلْخَطَإِ، فَسَأَلَ إِنْ كَانَ هُنَاكَ أَيٌّ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ لِمُسَاعَدَتِهِ فِي ذٰلِكَ. وَلٰكِنْ مِنْ بَيْنِهِمْ جَمِيعًا، لَمْ يُوجَدْ فِي ٱلْبَلَاطِ حِينَذَاكَ سِوَى هَامَانَ! فَعَلَى مَا يَظْهَرُ، بَكَّرَ فِي ٱلْمَجِيءِ إِلَى ٱلْمَلِكِ مُتَحَمِّسًا لِٱسْتِئْذَانِهِ فِي إِعْدَامِ مُرْدَخَايَ. وَلٰكِنْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بِطَلَبِهِ، سَأَلَهُ ٱلْمَلِكُ عَنِ ٱلْوَسِيلَةِ ٱلْفُضْلَى لِتَكْرِيمِ رَجُلٍ نَالَ ٱسْتِحْسَانَهُ. وَلَمَّا ظَنَّ هَامَانُ أَنَّهُ ٱلْمَقْصُودُ، ٱقْتَرَحَ تَكْرِيمًا فِي غَايَةِ ٱلْعَظَمَةِ: أَنْ يُلْبَسَ ٱلرَّجُلُ لِبَاسًا مَلَكِيًّا، وَيُؤْخَذَ عَلَى ٱلْفَرَسِ ٱلْمَلَكِيِّ فِي مَوْكِبٍ رَسْمِيٍّ ضَخْمٍ فِي أَنْحَاءِ شُوشَنَ، وَيُنَادَى عَلَى كُلِّ ٱلْمَلَإِ بِحَسَنَاتِهِ. وَلٰكِنْ تَخَيَّلْ مَلَامِحَ وَجْهِهِ حِينَ عَلِمَ أَنَّ ٱلْمَقْصُودَ هُوَ مُرْدَخَايُ! وَمَنْ يَا تُرَى عَيَّنَ ٱلْمَلِكُ لِيُشِيدَ بِمَزَايَا هٰذَا ٱلرَّجُلِ؟ لَيْسَ آخَرُ سِوَاهُ! —١٤ نَفَّذَ هَامَانُ بِٱمْتِعَاضٍ هٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلْبَغِيضَةَ، ثُمَّ أَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ مَغْمُومًا يَجُرُّ أَذْيَالَ ٱلْخَيْبَةِ. فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ وَأَصْدِقَاؤُهُ إِنَّ مَا حَدَثَ لَا يُنْذِرُ إِلَّا بِٱلشَّرِّ، فَمَعْرَكَتُهُ ضِدَّ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ خَاسِرَةٌ. — اس ٦:١٢، ١٣.
١٥ (أ) كَيْفَ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ؟ (ب) لِمَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نُعْرِبَ عَنْ مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›؟
١٥ لَقَدْ أَثْمَرَ صَبْرُ أَسْتِيرَ. فَهٰذَا ٱلْيَوْمُ ٱلْإِضَافِيُّ ٱلَّذِي ٱنْتَظَرَتْهُ قَبْلَ أَنْ تُعْلِمَ ٱلْمَلِكَ بِطَلَبِهَا جَعَلَ هَامَانَ يَحْفِرُ قَبْرَهُ بِيَدَيْهِ. أَوَلَيْسَ مُحْتَمَلًا أَيْضًا أَنْ يَكُونَ يَهْوَهُ وَرَاءَ ٱلْأَرَقِ ٱلَّذِي أَصَابَ ٱلْمَلِكَ؟ (ام ٢١:١) لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ تُشَجِّعَنَا كَلِمَةُ ٱللهِ عَلَى تَبَنِّي مَوْقِفِ ‹ٱلِٱنْتِظَارِ›. (اقرأ ميخا ٧:٧.) فَحِينَ نَنْتَظِرُ ٱللهَ، نَجِدُ أَنَّ ٱلْحُلُولَ ٱلَّتِي يُهَيِّئُهَا لِمُعَالَجَةِ مَشَاكِلِنَا أَفْضَلُ بِكَثِيرٍ مِنْ أَيَّةِ حُلُولٍ نَبْتَكِرُهَا نَحْنُ.
جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ
١٦، ١٧ (أ) مَتَى حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ› أَسْتِيرُ؟ (ب) كَيْفَ ٱخْتَلَفَتْ أَسْتِيرُ عَنْ زَوْجَةِ ٱلْمَلِكِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي؟
١٦ لَمْ تَجْسُرْ أَسْتِيرُ أَنْ تَسْتَنْفِدَ صَبْرَ ٱلْمَلِكِ. فَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تُطْلِعَهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي مَأْدُبَتِهَا ٱلثَّانِيَةِ. وَلٰكِنْ كَيْفَ؟ كَمَا يَتَبَيَّنُ، أَتَاحَ لَهَا هُوَ نَفْسُهُ هٰذِهِ ٱلْفُرْصَةَ حِينَ سَأَلَهَا مُجَدَّدًا عَنْ طِلْبَتِهَا. (اس ٧:٢) وَهٰكَذَا، حَانَ ‹ٱلْوَقْتُ لِتَتَكَلَّمَ›.
اس ٧:٣) لَاحِظْ أَنَّهَا عَبَّرَتْ لِلْمَلِكِ عَنِ ٱحْتِرَامِهَا لِمَا يَرَاهُ صَائِبًا. فَشَتَّانَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ ٱلسَّابِقَةِ وَشْتِي ٱلَّتِي تَعَمَّدَتْ تَحْقِيرَهُ! (اس ١:١٠-١٢) أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِدْهُ عَلَى ثِقَتِهِ ٱلْعَمْيَاءِ بِهَامَانَ، بَلْ تَوَسَّلَتْ إِلَيْهِ أَنْ يَحْمِيَهَا مِنْ خَطَرٍ مُحْدِقٍ بِهَا.
١٧ لَعَلَّ أَسْتِيرَ قَدَّمَتْ صَلَاةً صَامِتَةً إِلَى إِلٰهِهَا قَبْلَ أَنْ تَقُولَ لِزَوْجِهَا: «إِنْ نِلْتُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْكَ أَيُّهَا ٱلْمَلِكُ، وَإِنْ حَسُنَ عِنْدَ ٱلْمَلِكِ، فَهَبْ لِي نَفْسِي وَشَعْبِي، هٰذِهِ هِيَ طِلْبَتِي وَهٰذَا هُوَ سُؤْلِي». (١٨ كَيْفَ طَرَحَتْ أَسْتِيرُ ٱلْمُشْكِلَةَ؟
١٨ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْتِمَاسَ أَسْتِيرَ أَثَارَ دَهْشَةَ ٱلْمَلِكِ. فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي يَجْرُؤُ عَلَى تَهْدِيدِ مَلِيكَتِهِ؟! تَابَعَتْ أَسْتِيرُ: «إِنَّنَا مَبِيعُونَ أَنَا وَشَعْبِي لِلْإِبَادَةِ وَٱلْقَتْلِ وَٱلْهَلَاكِ. فَلَوْ كُنَّا مَبِيعِينَ عَبِيدًا وَجَوَارِيَ فَقَطْ لَسَكَتُّ. لٰكِنْ لَا يُمْكِنُ ٱلْقُبُولُ بِهٰذِهِ ٱلْمِحْنَةِ لِمَا يُرَافِقُهَا مِنْ ضَرَرٍ بِٱلْمَلِكِ». (اس ٧:٤) لَاحِظْ أَنَّهَا طَرَحَتِ ٱلْمُشْكِلَةَ بِصَرَاحَةٍ، لٰكِنَّهَا أَضَافَتْ أَنَّهَا مَا كَانَتْ لِتُفَاتِحَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ لَوِ ٱقْتَصَرَتِ ٱلنَّتِيجَةُ عَلَى عُبُودِيَّتِهَا هِيَ وَشَعْبِهَا. غَيْرَ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْإِبَادَةَ تُلْحِقُ بِهِ ضَرَرًا كَبِيرًا لَا يُمْكِنُ ٱلسُّكُوتُ عَنْهُ.
١٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ أَسْتِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ؟
١٩ يُعَلِّمُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ ٱلْكَثِيرَ عَنْ فَنِّ ٱلْإِقْنَاعِ. فَإِذَا أَرَدْتَ يَوْمًا أَنْ تَعْرِضَ مُشْكِلَةً خَطِيرَةً عَلَى أَحَدِ أَحِبَّائِكَ أَوْ عَلَى شَخْصٍ يَشْغَلُ مَنْصِبًا هَامًّا، يُسَاعِدُكَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ وَٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلصِّدْقِ عَلَى بُلُوغِ مُرَادِكَ. — ام ١٦:٢١، ٢٣.
٢٠، ٢١ (أ) كَيْفَ شَهَّرَتْ أَسْتِيرُ هَامَانَ، مِمَّا أَثَارَ أَيَّ رَدِّ فِعْلٍ لَدَى ٱلْمَلِكِ؟ (ب) مَاذَا فَعَلَ هَامَانُ بَعْدَمَا كُشِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ؟
اس ٧:٥-٧.
٢٠ سَأَلَ أَحَشْوِيرُوشُ: «مَنْ هُوَ وَأَيْنَ هُوَ ذَاكَ ٱلَّذِي يَتَجَرَّأُ أَنْ يَفْعَلَ هٰكَذَا؟». تَخَيَّلْ أَسْتِيرَ تُشِيرُ بِإِصْبَعِهَا قَائِلَةً: «اَلرَّجُلُ ٱلْخَصْمُ وَٱلْعَدُوُّ هُوَ هَامَانُ هٰذَا ٱلشِّرِّيرُ». لَقَدْ نَزَلَتْ كَلِمَاتُهَا عَلَيْهِمَا نُزُولَ ٱلصَّاعِقَةِ. فَٱسْتَحْوَذَ ٱلرُّعْبُ عَلَى قَلْبِ هَامَانَ. أَمَّا ٱلْمَلِكُ فَٱسْتَشَاطَ غَضَبًا حِينَ أَدْرَكَ أَنَّ مُشِيرَهُ ٱلْمَوْثُوقَ بِهِ خَدَعَهُ وَجَرَّهُ إِلَى تَوْقِيعِ مَرْسُومٍ كَانَ سَيُودِي بِزَوْجَتِهِ ٱلْحَبِيبَةِ. فَخَرَجَ ثَائِرًا إِلَى ٱلْحَدِيقَةِ لِيَسْتَعِيدَ هُدُوءَهُ. —٢١ عِنْدَئِذٍ، وَقَعَ هَامَانُ ٱلْخَسِيسُ عِنْدَ قَدَمَيِ ٱلْمَلِكَةِ مُتَذَلِّلًا بَعْدَمَا شُهِّرَ كَذِبُهُ وَكُشِفَتْ مَكِيدَتُهُ. وَعِنْدَمَا عَادَ ٱلْمَلِكُ إِلَى ٱلْغُرْفَةِ وَرَآهُ عَلَى أَرِيكَتِهَا يَتَوَسَّلُ إِلَيْهَا، ثَارَتْ ثَائِرَتُهُ وَٱتَّهَمَهُ بِمُحَاوَلَةِ ٱغْتِصَابِهَا فِي عُقْرِ دَارِهِ. فَكَانَ ٱتِّهَامُهُ هٰذَا بِمَثَابَةِ حُكْمٍ بِٱلْإِعْدَامِ عَلَى هَامَانَ ٱلَّذِي أُخِذَ إِثْرَ ذٰلِكَ مُغَطَّى ٱلْوَجْهِ. بَعْدَ ذٰلِكَ، أَخْبَرَ أَحَدُ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْمَلِكَ عَنِ ٱلْخَشَبَةِ ٱلضَّخْمَةِ ٱلَّتِي أَعَدَّهَا هَامَانُ لِمُرْدَخَايَ. فَمَا كَانَ مِنْ أَحَشْوِيرُوشَ إِلَّا أَنْ أَصْدَرَ أَمْرًا بِتَعْلِيقِ ذَاكَ ٱلرَّجُلِ ٱلشِّرِّيرِ عَلَيْهَا. — اس ٧:٨-١٠.
٢٢ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ أَسْتِيرَ أَلَّا نَسْتَسْلِمَ أَوْ نَفْقِدَ ٱلْأَمَلَ أَوْ نَخْسَرَ إِيمَانَنَا؟
٢٢ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْمَلِيءِ بِٱلْمَظَالِمِ، قَدْ نَخَالُ أَنَّ ٱلْعَدْلَ لَنْ يَأْخُذَ مَجْرَاهُ المزمور ٧:١١-١٦.
أَبَدًا. فَهَلْ رَاوَدَكَ يَوْمًا هٰذَا ٱلشُّعُورُ؟ إِنَّ أَسْتِيرَ لَمْ تَسْتَسْلِمْ قَطُّ، وَلَا فَقَدَتِ ٱلْأَمَلَ، وَلَا خَسِرَتْ ذَرَّةً مِنْ إِيمَانِهَا. فَحِينَ آنَ ٱلْأَوَانُ، جَاهَرَتْ بِٱلْحَقِّ بِكُلِّ شَجَاعَةٍ وَٱتَّكَلَتْ عَلَى يَهْوَهَ كَيْ يَتَكَفَّلَ بِٱلْبَاقِي. فَلْنَحْذُ جَمِيعُنَا حَذْوَهَا! فَيَهْوَهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَمَا زَالَ قَادِرًا عَلَى إِيقَاعِ ٱلْأَشْرَارِ وَٱلْمُخَادِعِينَ فِي نَفْسِ ٱلْحُفْرَةِ ٱلَّتِي حَفَرُوهَا لِلْآخَرِينَ، تَمَامًا كَمَا فَعَلَ مَعَ هَامَانَ. — اقرإشَابَّةٌ غَيْرُ أَنَانِيَّةٍ
٢٣ (أ) كَيْفَ كَافَأَ ٱلْمَلِكُ مُرْدَخَايَ وَأَسْتِيرَ؟ (ب) كَيْفَ تَحَقَّقَتِ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا يَعْقُوبُ عَلَى فِرَاشِ ٱلْمَوْتِ بِشَأْنِ بِنْيَامِينَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « نُبُوَّةٌ تَتَحَقَّقُ».)
٢٣ أَخِيرًا، عَرَفَ أَحَشْوِيرُوشُ أَنَّ مُرْدَخَايَ لَيْسَ ٱلرَّجُلَ ٱلْوَلِيَّ ٱلَّذِي حَمَاهُ مِنَ ٱلِٱغْتِيَالِ فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا وَالِدُ أَسْتِيرَ بِٱلتَّبَنِّي. فَوَلَّاهُ مَنْصِبَ رَئِيسِ ٱلْوُزَرَاءِ ٱلَّذِي كَانَ يَشْغَلُهُ هَامَانُ. وَأَعْطَى بَيْتَ هَامَانَ، بِمَا فِي ذٰلِكَ ثَرْوَتُهُ ٱلطَّائِلَةُ، لِأَسْتِيرَ ٱلَّتِي أَقَامَتْ مُرْدَخَايَ مُشْرِفًا عَلَيْهِ. — اس ٨:١، ٢.
٢٤، ٢٥ (أ) لِمَاذَا لَمْ يَهْدَأْ بَالُ أَسْتِيرَ حَتَّى بَعْدَمَا فُضِحَتْ مَكِيدَةُ هَامَانَ؟ (ب) كَيْفَ جَازَفَتْ أَسْتِيرُ بِحَيَاتِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً؟
٢٤ بَعْدَمَا أَصْبَحَتْ أَسْتِيرُ وَمُرْدَخَايُ فِي أَمَانٍ، هَلْ زَالَ ٱضْطِرَابُهَا وَقَلَقُهَا؟ لَوْ كَانَتْ أَنَانِيَّةً لَهَدَأَ بَالُهَا وَٱرْتَاحَتْ. وَلٰكِنْ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ، كَانَ مَرْسُومُ هَامَانَ ٱلْقَاضِي بِقَتْلِ ٱلْيَهُودِ فِي طَرِيقِهِ إِلَى كُلِّ زَاوِيَةٍ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ. فَهٰذَا ٱلشِّرِّيرُ كَانَ قَدْ أَلْقَى ٱلْقُرْعَةَ، أَوِ ٱلْفُورَ ٱلَّتِي هِيَ كَمَا يَتَّضِحُ شَكْلٌ مِنْ أَشْكَالِ ٱلْأَرْوَاحِيَّةِ، كَيْ يُحَدِّدَ ٱلْيَوْمَ ٱلْأَنْسَبَ لِتَنْفِيذِ هُجُومِهِ ٱلْوَحْشِيِّ عَلَى ٱلْيَهُودِ. (اس ٩:٢٤-٢٦) صَحِيحٌ أَنَّ أَشْهُرًا لَا تَزَالُ تَفْصِلُهُمْ عَنِ ٱلْمَوْعِدِ، إِلَّا أَنَّ ٱلْأَيَّامَ تُوَلِّي بِسُرْعَةٍ. فَهَلْ يُمْكِنُ تَفَادِي ٱلْكَارِثَةِ؟
دا ٦:١٢، ١٥) لِذَا، عَهِدَ أَحَشْوِيرُوشُ إِلَى أَسْتِيرَ وَمُرْدَخَايَ بِسَنِّ قَانُونٍ جَدِيدٍ. فَأُصْدِرَ بَلَاغٌ ثَانٍ يَمْنَحُ ٱلْيَهُودَ حَقَّ ٱلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ. وَسَارَعَ ٱلسُّعَاةُ عَلَى صَهْوَةِ خُيُولِهِمْ إِلَى كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ حَامِلِينَ إِلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْأَخْبَارَ ٱلسَّارَّةَ. فَأُضْرِمَ ٱلْأَمَلُ مُجَدَّدًا فِي قُلُوبِ كَثِيرِينَ. (اس ٨:٣-١٦) تَخَيَّلِ ٱلْيَهُودَ فِي أَرْجَاءِ هٰذِهِ ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلشَّاسِعَةِ يَتَسَلَّحُونَ وَيُعِدُّونَ ٱلْعُدَّةَ لِلْحَرْبِ. فَلَوْلَا ٱلْمَرْسُومُ ٱلْجَدِيدُ، لَٱسْتَحَالَ عَلَيْهِمْ فِعْلُ ذٰلِكَ. لٰكِنَّ ٱلْأَهَمَّ: هَلْ يَقِفُ «يَهْوَهُ ٱلْجُنُودِ» إِلَى جَانِبِ شَعْبِهِ؟ — ١ صم ١٧:٤٥.
٢٥ مِنْ جَدِيدٍ، أَعْرَبَتْ أَسْتِيرُ عَنْ عَدَمِ ٱلْأَنَانِيَّةِ وَخَاطَرَتْ بِحَيَاتِهَا، فَمَثَلَتْ أَمَامَ ٱلْمَلِكِ دُونَ دَعْوَةٍ مِنْهُ. وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ، بَكَتْ مِنْ أَجْلِ شَعْبِهَا وَتَوَسَّلَتْ إِلَى زَوْجِهَا كَيْ يُلْغِيَ ٱلْمَرْسُومَ ٱلْمُرِيعَ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْقَوَانِينَ ٱلَّتِي تَصْدُرُ بِٱسْمِ ٱلْمَلِكِ ٱلْفَارِسِيِّ لَا يُمْكِنُ إِبْطَالُهَا. (٢٦، ٢٧ (أ) أَيُّ هَزِيمَةٍ أَنْزَلَهَا شَعْبُ ٱللهِ بِأَعْدَائِهِمْ؟ (ب) مَا هِيَ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي تَمَّتْ بِهَلَاكِ أَبْنَاءِ هَامَانَ؟
٢٦ عِنْدَمَا حَانَ أَخِيرًا ٱلْيَوْمُ ٱلْمُعَيَّنُ، كَانَ شَعْبُ ٱللهِ عَلَى أَتَمِّ ٱلِٱسْتِعْدَادِ لِلْمُوَاجَهَةِ. حَتَّى إِنَّ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلرَّسْمِيِّينَ ٱلْفُرْسِ ٱصْطَفُّوا إِلَى جَانِبِهِمْ، لِأَنَّ خَبَرَ * — اس ٩:١-٦.
تَعْيِينِ مُرْدَخَايَ ٱلْيَهُودِيِّ رَئِيسًا جَدِيدًا لِلْوُزَرَاءِ كَانَ قَدِ ٱنْتَشَرَ فِي طُولِ ٱلْبِلَادِ وَعَرْضِهَا. وَقَدْ مَنَحَ يَهْوَهُ شَعْبَهُ نَصْرًا عَظِيمًا. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ زَوَّدَهُمْ بِٱلْحِمَايَةِ، مُلْحِقًا بِأَعْدَائِهِمْ هَزِيمَةً سَاحِقَةً لِئَلَّا يُحَاوِلُوا ٱلِٱنْتِقَامَ مِنْهُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ.٢٧ وَبِمَا أَنَّ مُرْدَخَايَ كَانَ سَيَتَعَرَّضُ لِلْخَطَرِ لَوْ أَشْرَفَ عَلَى بَيْتِ هَامَانَ فِيمَا أَبْنَاؤُهُ ٱلْعَشَرَةُ لَا يَزَالُونَ عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ، قُضِيَ عَلَيْهِمْ هُمْ أَيْضًا. (اس ٩:٧-١٠) وَهٰكَذَا تَمَّتْ إِحْدَى نُبُوَّاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّتِي تَحَدَّثَ فِيهَا ٱللهُ عَنِ ٱلْهَلَاكِ ٱلتَّامِّ لِلْعَمَالِيقِيِّينَ ٱلَّذِينَ كَانُوا مِنْ أَعْدَاءِ شَعْبِهِ ٱلْأَلِدَّاءِ. (تث ٢٥:١٧-١٩) وَيُرَجَّحُ أَنَّ أَبْنَاءَ هَامَانَ كَانُوا بَيْنَ آخِرِ ٱلْبَاقِينَ مِنْ تِلْكَ ٱلْأُمَّةِ ٱلْمُدَانَةِ بِٱلْهَلَاكِ.
٢٨، ٢٩ (أ) لِمَ شَاءَ يَهْوَهُ أَنْ تَخُوضَ أَسْتِيرُ وَشَعْبُهَا حَرْبًا ضِدَّ أَعْدَائِهِمْ؟ (ب) لِمَ مِثَالُ أَسْتِيرَ بَرَكَةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟
٢٨ لَقَدْ حَمَلَتْ أَسْتِيرُ عَلَى أَكْتَافِهَا حِمْلًا ثَقِيلًا وَهِيَ بَعْدُ فَتِيَّةٌ، مِثْلَ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِي إِصْدَارِ مَرَاسِيمَ مَلَكِيَّةٍ تَقْضِي بِٱلْحَرْبِ وَٱلْإِعْدَامِ. وَلَمْ يَكُنْ ذٰلِكَ بِٱلْأَمْرِ ٱلْهَيِّنِ. إِلَّا أَنَّ مَشِيئَةَ يَهْوَهَ ٱسْتَلْزَمَتْ حِمَايَةَ شَعْبِهِ مِنَ ٱلْفَنَاءِ. فَمِنْ أُمَّةِ إِسْرَائِيلَ كَانَ سَيَأْتِي ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودُ بِهِ، مَصْدَرُ ٱلرَّجَاءِ ٱلْوَحِيدِ لِكُلِّ ٱلْبَشَرِ. (تك ٢٢:١٨) أَمَّا ٱلْيَوْمَ فَٱلْوَضْعُ مُخْتَلِفٌ. فَخُدَّامُ ٱللهِ مَسْرُورُونَ لِأَنَّ ٱلْمَسِيَّا يَسُوعَ حِينَ أَتَى إِلَى ٱلْأَرْضِ حَرَّمَ عَلَى أَتْبَاعِهِ ٱلِٱشْتِرَاكَ فِي ٱلْحُرُوبِ. — مت ٢٦:٥٢.
٢٩ إِلَّا أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَخُوضُونَ حَرْبًا مِنْ نَوْعٍ ثَانٍ: حَرْبًا رُوحِيَّةً. فَٱلشَّيْطَانُ يَتُوقُ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى إِلَى كَسْرِ إِيمَانِنَا بِيَهْوَهَ. (اقرأ ٢ كورنثوس ١٠:٣، ٤.) فَكَمْ نَحْنُ شَاكِرُونَ لِلهِ عَلَى مِثَالِ أَسْتِيرَ! فَلْنَسِرْ عَلَى خُطَاهَا وَنُظْهِرِ ٱلْإِيمَانَ. كَيْفَ؟ حِينَ نَتَحَلَّى بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلصَّبْرِ عِنْدَ إِقْنَاعِ ٱلْآخَرِينَ، نَتَّصِفُ بِٱلشَّجَاعَةِ، وَنَسْعَى بِعَدَمِ أَنَانِيَّةٍ إِلَى تَأْيِيدِ شَعْبِ ٱللهِ.
^ الفقرة 26 مَنَحَ ٱلْمَلِكُ ٱلْيَهُودَ يَوْمًا ثَانِيًا لِيَتَغَلَّبُوا نِهَائِيًّا عَلَى خُصُومِهِمْ. (اس ٩:١٢-١٤) وَلَا يَزَالُ ٱلْيَهُودُ حَتَّى ٱلْآنَ يُحْيُونَ ذِكْرَى هٰذَا ٱلنَّصْرِ كُلَّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ أَذَارَ ٱلَّذِي يُقَابِلُ فِي تَقْوِيمِنَا نِهَايَةَ شُبَاطَ (فِبْرَايِر) وَأَوَائِلَ آذَارَ (مَارِس). وَيُدْعَى هٰذَا ٱلِٱحْتِفَالُ عِيدَ ٱلْفُورِيمِ نِسْبَةً إِلَى ٱلْفُورِ، أَيِ ٱلْقُرْعَةِ ٱلَّتِي أَلْقَاهَا هَامَانُ سَعْيًا إِلَى إِهْلَاكِ إِسْرَائِيلَ.