ايسلندا
ايسلندا
حين يسمع المرء باسم ايسلندا قد تتبادر الى ذهنه صوَر الثلج والجليد وبيوت الإسكيمو المقبَّبة. ويترسخ هذا الانطباع في مخيِّلته حين يلقي نظرة على الخريطة. فهذا البلد هو من البلدان القليلة الواقعة في اقصى شمال الكرة الارضية، ويكاد طرفه الشمالي يلامس الدائرة القطبية الشمالية.
لكنَّ الحقيقة هي ان ايسلندا ليست باردة قدر ما يوحي اسمها وموقعها. فتيار الخليج الدافئ الذي يهبّ من شمال خط الاستواء يساعد على جعل المناخ معتدل البرودة. ولا توجد في الجزيرة بيوت مقبَّبة مصنوعة من الثلج. فالمجتمع الايسلندي متحضِّر للغاية، والناس يعيشون في بيوت عصرية مجهَّزة بأنظمة تدفئة تعتمد على المياه الجوفية الحارة.
ايسلندا هي بلد التناقضات. ففي منتصف فصل الشتاء، تطلّ الشمس بخجل من وراء الافق ساعات قليلة في النهار. فيبدو انها تأبى الشروق على تلك البقعة من الارض، في حين ان الاضواء المدهشة للشفق القطبي الشمالي غالبا ما تنير ليالي الشتاء الطويلة والدامسة. أما في اشهر الصيف فيسطع نور الشمس طوال النهار والليل، مما يعوِّض عن ظلمة الشتاء. وفي اقصى شمال البلاد، تبقى الشمس طوال اسابيع اعلى بقليل من الافق، حتى ان المرء يراها في منتصف الليل.
تُدعى ايسلندا ارض الصقيع والنار، وهي اسم على مسمّى. فالانهار الجليدية تغطي عُشر مساحتها. كما انها زاخرة بالينابيع الحارة والمياه الجوفية الحارة والبراكين الناشطة. ففي القرون الاخيرة، ثارت عشرات البراكين، بمعدل بركان كل خمس او ست سنوات.
يتمتع هذا البلد القليل السكان بجمال طبيعي أخّاذ ووفرة من الحياة البرية. فالهواء النقي، الشلالات المهيبة، الجبال الوعرة، والبراري الشاسعة تجذب اعدادا كبيرة من الزوّار. وفي اوائل الربيع، تعود الطيور المهاجرة الى مقرّها الصيفي في الجروف الساحلية والاراضي الرطبة. وأحد هذه الطيور هو خرشنة القطب الشمالي التي تهاجر سنويا الى القارة القطبية الجنوبية في الطرف الآخر من الكرة الارضية. كما تتقاطر طيور البَفَن والنورس والبط القطبي الى الجروف والشواطئ. وفي الارياف، ترعى الخراف العشب الاخضر وتجول خيول الپوني الصغيرة الشديدة الاحتمال في المناطق الجبلية. وفي اوائل الصيف، تعود الى ايسلندا حشود من اسماك السلمون التي تسبح وتقفز بعكس التيار في الانهار والشلالات لتصل الى المكان الذي تضع فيه بيوضها.
يتحدر سكان ايسلندا البالغ عددهم ٥٧٠,٢٩٠ نسمة من الڤايكنڠ الذين استقروا في البلاد منذ اكثر من ١٠٠,١ سنة. وقد اتى معظم هؤلاء المستعمِرين من النَّروج. وكانوا يتكلمون اللغة الاسكندينافية القديمة التي تحدَّرت منها اللغة الايسلندية. وقد ساهم التراث الادبي العريق بالاضافة الى بُعد البلاد في احتفاظ اللغة بميزاتها القديمة. لذلك فإن الناس اليوم ما زالوا قادرين على قراءة القصص البطولية القديمة التي كُتبت في معظمها خلال القرن الثالث عشر. والايسلنديون يفتخرون بلغتهم ويرفضون ان يُدخِلوا عليها اية كلمات من اصل اجنبي.
كان معظم سكان البلاد الاوائل اشخاصا اعتُبروا «وثنيين». وفي الجزء الاخير من القرن العاشر، حاول البعض هدايتهم الى الدين المسيحي. وقبيل نهاية ذلك القرن، اهتدى بعض القادة البارزين في ايسلندا. وفي سنة ١٠٠٠، طلب الألثينڠ، اي البرلمان الايسلندي، من احد ابرز القادة الدينيين الوثنيين ان يحكم ايّا من الدينَين هو الافضل. فاتّخذ قرارا يثير العجب مفاده ان الدين الوحيد الذي يلزم
اتّباعه هو الدين المسيحي، وتقبَّل الناس قراره دون اية معارضة. ولكن رغم اختياره الدين المسيحي، فقد سمح لهم بعبادة الآلهة الوثنية سرًّا والاستمرار في ممارسة عاداتهم الوثنية. ومع ان الدافع وراء هذا القرار كان سياسيا اكثر منه دينيا، فلربما ساهم في جعل الشعب الايسلندي مستقلا في تفكيره وبالتالي منفتحا في المسائل الدينية.في الوقت الحاضر، ينتمي حوالي ٩٠ في المئة من السكان الى الكنيسة اللوثرية الانجيلية التي تُعتبَر دين الدولة الرسمي. ومع ان الكتاب المقدس موجود في كل بيت تقريبا، يؤمن قليلون انه كلمة اللّٰه.
البشارة تصل الى ايسلندا
بحلول بداية القرن العشرين، كان كثيرون من الايسلنديين قد هاجروا الى كندا هربا من ثوران البراكين والبرد القارس. وهناك، سمع البعض منهم للمرة الاولى بشارة ملكوت اللّٰه. وأحد هؤلاء الاشخاص
هو چِيورڠ فيولنير ليندال، الذي نذر حياته ليهوه اللّٰه وصار فاتحا بعد فترة قصيرة. وبما انه يتكلم اللغة الايسلندية، فقد قرر سنة ١٩٢٩ — بعمر ٤٠ سنة — ان ينتقل الى ايسلندا. وفي الاول من حزيران (يونيو) في تلك السنة، وصل الى ريكياڤيك وصار اول كارز بالبشارة في هذا البلد.انتظر الاخ ليندال ثلاثة اشهر حتى وصلته اول شحنة من المطبوعات. ولكن ما إن استلمها حتى باشر بالشهادة لكل الناس في البلد. وفي نهاية تشرين الاول (اكتوبر) ١٩٢٩، كان قد وزَّع ٨٠٠ نسخة من كتاب قيثارة اللّٰه باللغة الايسلندية. كتب في تلك السنة: «منذ وصولي الى هنا، كرزت في بلدات يبلغ مجموع عدد سكانها حوالي ٠٠٠,١١ نسمة. لكنَّ عدد سكان ايسلندا هو حوالي ٠٠٠,١٠٠ نسمة او اكثر بقليل. لذلك عليَّ ان ابشِّر بعد نحو ٠٠٠,٩٠ شخص. وبما انني اكرز وحدي في المقاطعة، فإن تغطيتها تتطلب وقتا طويلا، وخصوصا لأن التنقلات صعبة للغاية. فإيسلندا بلد تكثر فيه الجبال والشواطئ المتعرجة. ولا وجود فيه للسكك الحديدية. كما ان الطرقات التي يمكن ان تسير عليها السيارات قليلة جدا. لذلك فأنا استعمل المركب في معظم تنقلاتي».
لا يلاحظ المرء اي اثر للتشكي في الرسائل القليلة المكتوبة بخط اليد والموضوعة في ملف صُنع من ورق المانيلّا المتين وكُتب عليه كلمة «ايسلندا». قال ليندال في الرسالة نفسها التي كتبها سنة ١٩٢٩: «يفرحني كثيرا ان اروي لكم اختبارا مشجِّعا حصل معي مؤخرا. فقد سنحت لي الفرصة ان اعود الى احد الاماكن حيث كرزت سابقا. وهناك، التقيت عدة اشخاص اشتروا مني كتبا في المرة الاولى. قال لي احد الرجال: ‹قرأت كتاب قيثارة اللّٰه مرتين، وأنا الآن اقرأه للمرة الثالثة. يا له من كتاب رائع! شكرا على زيارتك›. وذكر شخص آخر: ‹ها قد عدتَ من جديد! لقد اعجبني الكتاب كثيرا. لِمَ لا تنشرون كل كتب القاضي رذرفورد باللغة الايسلندية؟›. فأخبرته ان بإمكانه الحصول
على معظمها باللغة الدانماركية. فقال: ‹أرسِل اليَّ كل ما لديك من مطبوعات، بالاضافة الى كل مجلدات القسّ رصل. وهكذا يكون لدي ما يكفي لدرسه خلال الشتاء›. وقد عبّر اشخاص آخرون ايضا عن تقديرهم للكتب. وأنا اشكر اللّٰه لأنه سمح لي ان انقل رسالة الحق الى اشخاص لديهم آذان صاغية».كان ايصال البشارة الى كل سكان هذه الجزيرة مهمة شاقة للغاية، وخصوصا لأن مساحتها اكبر من نصف مساحة انكلترا. فطول ايسلندا من الشمال الى الجنوب يبلغ ٣٠٠ كيلومتر تقريبا وعرضها نحو ٥٠٠ كيلومتر. اما طول الخط الساحلي المتعرج، الذي يشتمل على عدد من الخلجان والمداخل الضيقة، فيبلغ
حوالي ٤٠٠,٦ كيلومتر. ولكن في غضون عشر سنوات، غطّى الاخ ليندال كل انحاء الجزيرة، كارزا ببشارة الملكوت وموزِّعا المطبوعات. وقد تنقّل على طول الخط الساحلي بواسطة المركب. أما عند زيارة المزارع في الجزء الداخلي من الجزيرة، فكان يستخدم اثنين من خيول الپوني الايسلندية، واحد ليمتطيه وآخر ليضع عليه مطبوعاته وأمتعته. يقول الاخوة الذين حظوا بامتياز العمل مع الاخ ليندال بعض الوقت قبل ان يغادر ايسلندا انه كان شخصا مخلصا، رزينا، خجولا، كتوما، وقليل الكلام. كما كان طويل القامة الى حد ان طوله لم يتناسب مع حجم خيول الپوني الصغيرة التي امتطاها خلال رحلاته. وعندما كان يتنقل دون حصانه، كانت بنيته القوية تساعده على حمل كتبه وأغراضه.لم يدرك الاخ ليندال حين بدأ مهمّته في ايسلندا سنة ١٩٢٩ كم
ستكون شاقّة وكم يلزمه من الاحتمال والمثابرة من اجل إذابة الجليد بينه وبين الناس ليبدأوا بالتجاوب مع كرازته. فطوال ١٨ سنة تقريبا، بقي الاخ ليندال الشاهد الوحيد في ايسلندا. ورغم جهوده الدؤوبة، لم يرَ احدا يتخذ موقفا الى جانب الملكوت. كتب سنة ١٩٣٦: «خلال فترة إقامتي هنا، وزّعت على الناس كتبا يتراوح عددها بين ٠٠٠,٢٦ و ٠٠٠,٢٧ كتاب. وكثيرون من الناس قرأوا هذه الكتب. وفي حين ان البعض اتخذوا موقفا ضد الحق، فإن الغالبية الساحقة لا تزال غير مبالية».رغم ذلك، قدّر البعض الرسالة التي حملها اليهم الاخ ليندال. على سبيل المثال، قبِل احد المسنين نسخة من كتاب قيثارة اللّٰه. وعندما اتى الاخ ليندال لزيارته بعد عدة اشهر، التقى ابنته التي اخبرته ان اباها أُعجب كثيرا بالكتاب ودرسه بإمعان قبل ان يموت. حتى إنه طلب، وفقا لإحدى العادات الوثنية المتّبعة هناك، ان يوضَع الكتاب في تابوته بعد ان يموت. وقد لبّى اقرباؤه طلبه هذا.
بقي الاخ ليندال الشاهد الوحيد المقيم في ايسلندا حتى ٢٥ آذار (مارس) ١٩٤٧، تاريخ وصول خرِّيجي مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس. وقد واصل خدمته في الجزيرة حتى عاد الى كندا سنة ١٩٥٣. وبعد ١٦ سنة، قرر پول هاين پيثرسن، الذي كان يخدم آنذاك كفاتح خصوصي في ايسلندا، ان يسافر الى مدينة وينِّيپيڠ في كندا لكي يلتقي الاخ ليندال، ويسمع منه مباشرة بعض المعلومات عن خدمته في ايسلندا. فالمرسلون الذين عملوا مع الاخ ليندال في الجزيرة كانوا قد غادروها. وعندما كان الاخ پيثرسن يقضي عطلته في الولايات المتحدة، سافر بالباص الى وينِّيپيڠ. لكنه علِم حين وصل الى هناك ان الاخ ليندال انهى مسلكه الارضي في ذلك الصباح. لقد خدم يهوه بأمانة حتى موته.
المزيد من العمال يشاركون في الحصاد
مع وصول مرسلَين دانماركيَّين من مرسلي جلعاد الاوائل سنة ١٩٤٧، بدأت حقبة جديدة في تاريخ عمل البشارة في ايسلندا. وكان احد هذين المرسلَين ليو لارسن. في كانون الاول (ديسمبر) ١٩٤٨ وصل مرسلان آخران هما: إنڠڤارد ينسن من الدانمارك وأوليڤر ماكدونالد من انكلترا. وقد واصل هؤلاء العمال الجدد عمل الحصاد الذي بدأ به الاخ ليندال ووزّعوا كميات كبيرة من المطبوعات. فكانوا يكرزون خلال الشتاء في ريكياڤيك وضواحيها. اما خلال فصل الصيف القصير، فكانوا يخدمون في المقاطعات البعيدة عن المدن على طول الخط الساحلي. يتذكر إنڠڤارد ينسن احدى الحملات التبشيرية المميزة، قائلا: «خلال الصيف الاول الذي قضيته في ايسلندا، رافقت احد المرسلين الآخرين في رحلة الى المناطق البعيدة عن المدن.
وللوصول الى مقاطعاتنا، كنا نستقل عموما الباص او المركب حاملَين معنا ما احتجنا اليه من دراجات وخيم وأكياس نوم ومطبوعات ومؤن. وفي احدى الامسيات، ابحرنا باتجاه بلدة ستايكسهولمر على الساحل الغربي، ووصلنا الى هناك بعد ظهر اليوم التالي. كنا ننوي ان نزور كل البيوت في البلدة ثم ننتقل بالدراجة الى بلدة بورغارنس التي تبعد حوالي ١٠٠ كيلومتر. ومن هناك، كنا نخطط للعودة على متن احدى العبّارات التي تبحر يوميا الى ريكياڤيك. في اول يوم من الرحلة، كرزنا في جزء من بلدة ستايكسهولمر. وقد سار كل شيء على ما يُرام. فالشمس كانت مشرقة لأننا في منتصف شهر حزيران (يونيو). وفي المساء، اندسّ كلٌّ منا في كيس النوم الخاص به. ولكن طوال الليل، لم نشعر بالدفء. وفي الصباح التالي عرفنا السبب. فقد تساقط الثلج في الليل بسماكة ١٠ سنتيمترات! كان من المستحيل ان نقطع رحلتنا ونعود لأن المراكب لم تكن لتُبحِر من ستايكسهولمر قبل اسبوع. لذلك كان علينا ان نتابع رحلتنا، نكرز في البلدة، ونقود دراجتينا على الطريق الجبلي كارزين في المزارع الواقعة على طول الطريق، وصولا الى البلدة التالية».وصل المرسلان الى بورغارنس بعد ان قادا دراجتيهما طوال اربعة ايام في البرَد والمطر والرياح التي وصلت سرعتها الى ١١٠ كيلومترات في الساعة. ولكنهما نسيا رداءة الطقس لأن المزارعين على طول الطريق كانوا يستقبلونهما بحفاوة ويدعونهما الى تناول القهوة والطعام. يتذكر الاخ ينسن انهما كانا يتناولان بين ثماني وعشر وجبات يوميا! ويقول: «كنت اشعر ان الناس سيتضايقون اذا لم نقبل دعواتهم اللطيفة. وقد اتاح لنا ذلك الفرصة ان نشهد لهم كاملا عن ملكوت يهوه».
خلال السنوات الثلاث الاولى من النشاط الارسالي في ايسلندا، وزّع الاخوة اكثر من ٠٠٠,١٦ مطبوعة. غير ان الزيارات المكررة والدروس لم تزدد كثيرا. فالناس كانوا يقبلون المطبوعات بسرور ولكن دون ان يتجاوبوا مع الرسالة. مثلا، ذهب الاخ لارسن وزوجته ميسّي — التي اتت من الدانمارك سنة ١٩٥٠ لكي تتزوجه — الى الشاطئ الشرقي حيث خدما في بلدات اسكفجوردور، سيديسفجوردور، نسكايوبستادور، وهوفن. وخلال هذه الرحلة المجهِدة، وزّعا ٣٠٠ كتاب ونحو ٣٠٠ كراس ايضا. وقد وضعا في كل الكتب علامات لتحديد الصفحة طُبع على كلٍّ منها عبارة من الكتاب المقدس وعنوان المرسلين في ريكياڤيك. ودُعي جميع الذين اخذوا المطبوعات ان يكتبوا الى هذا العنوان للحصول على المزيد من المعلومات عن الحق. لكنَّ احدا لم يكتب اية رسالة!
رأى الاخوة سنة ١٩٥٢ ان المقاطعة الواقعة على الساحل الشمالي
تستأهل المزيد من الاهتمام. لذلك في حزيران (يونيو) من تلك السنة، عُيِّن أوليڤر ماكدونالد وزوجته سالي، التي كانت قد اتت من انكلترا سنة ١٩٤٩ لكي تتزوجه، كفاتحَين خصوصيَّين في مدينة اكوريري. وقد واجها هناك مقاومة شرسة سبَّبتها احدى الفئات البروتستانتية بقيادة القنصل البريطاني في المنطقة. وكان لهذا القنصل أتباع كُثُر، وأصغى العديد من الناس الى محاضراته وقرأوا مقالاته التي هاجمت الشهود. ومع ان الزوجين الفاتحين لم يكونا معتادَين على هذا النوع من المقاومة في ريكياڤيك، فقد واجهاها ببسالة اذ تابعا عملهما كالمعتاد وانتهزا كل فرصة مناسبة للرد على الاتهامات الكاذبة. وقد نشرت بعض الصحف ردودهما هذه.بالاضافة الى العمل في البلدة، ذهب هذان الزوجان الفاتحان في
رحلات تبشيرية الى المناطق النائية. ومع انهما وزّعا المطبوعات واستُقبلا بحفاوة، لم يجدا اهتماما اصيلا برسالة الملكوت. وفي تموز (يوليو) ١٩٥٣، غادر الاخ والاخت ماكدونالد مدينة اكوريري وعادا الى ريكياڤيك، بعد ان غرسا بذور الحق التي كانت ستنمو لاحقا.وضع الاساس
اخيرا، بعد ٢٧ سنة من الغرس والسقي، بدأ الاخوة في ايسلندا يحصدون ثمار جهودهم. ففي اوائل سنة ١٩٥٦، اتّخذ سبعة اشخاص جدد موقفهم الى جانب الحق ونذروا حياتهم ليهوه. وحتى ذلك الوقت، لم يكن معظم الذين اظهروا اهتماما بالحق قد ثبتوا على موقفهم، باستثناء الاخت آيرس أوبرڠ الانكليزية الاصل التي غادرت البلاد في وقت لاحق. أما في تلك السنة فقد وُضع اساس روحي متين بمعمودية هؤلاء الاشخاص السبعة. ولكن في سنة ١٩٥٧، كان المرسلون والفاتحون الذين عملوا بدأب لكي يروا الحق يترسخ في ايسلندا قد اضطروا الى مغادرتها، وفي الغالب لأسباب صحية.
فلم يبقَ آنذاك مع الاخوة السبعة في الجماعة الصغيرة سوى فاتحة خصوصية واحدة: الاخت إديد ماركس التي وصلت في السنة السابقة من الدانمارك. لذلك نشأت الحاجة الى حصّادين يدعمون اعضاء هذا الفريق الذين حُرموا فجأة من الفاتحين الذين ساعدوا الجدد ان يتعلّموا المبادئ المسيحية ويتقوّوا في الحق. ولكن بعد فترة وجيزة، وصل فاتحون خصوصيون من الدانمارك والسويد وألمانيا. بالاضافة الى ذلك، انتقل كثيرون من الناشرين والفاتحين الى ايسلندا لكي يشتركوا في نشر بشارة الملكوت. ومذّاك بدأ عدد الشهود في الجزيرة يزداد ببطء انما بشكل متواصل.
ادّى نموّ عمل الملكوت الى تطورات رائعة شملت زيارات منتظمة لنظار الدوائر ومحافل كورية سنوية. ونشأت الحاجة الى المزيد من المطبوعات باللغة الايسلندية. وكان اول عدد
من برج المراقبة صدر بالايسلندية هو عدد ١ كانون الثاني (يناير) ١٩٦٠. وحين أُعلن في محفل دائري عُقد في ريكياڤيك ان برج المراقبة ستصدر بالايسلندية، عُرضت وراء الخطيب صورة مكبَّرة للمجلة. وكم ابتهج الاخوة بهذه الهدية الجديدة التي قدَّمها لهم يهوه! وقد اعطى ذلك زخما كبيرا للعمل. ويا للفرح الذي شعر به الاخوة لأنه صار بإمكانهم تقديم هذه المطبوعة الى الايسلنديين بلغتهم الأم! وكم تقوّى ايمانهم بعد ان صاروا يستفيدون شهريا من الطعام المغذّي روحيا!حين وصل الاخ پيثرسن الى ايسلندا في تشرين الاول (اكتوبر) ١٩٥٩، كانت كراسة «بشارة الملكوت هذه» المطبوعة الايسلندية الوحيدة التي يوزِّعها الناشرون في الحقل، وكثيرون من اصحاب البيوت امتلكوا نسخة منها. اما برج المراقبة و استيقظ! فكانوا يقدِّمونهما باللغة الالمانية، الانكليزية، الدانماركية، او السويدية للأشخاص الذين يستطيعون قراءة احدى هذه اللغات. ومع ان كثيرين كانوا يفهمون احداها، فقد مسّت قلوبهم قراءة برج المراقبة بلغتهم الأم. فهذه المطبوعة باللغة الايسلندية كان لها تأثير كبير في عمل الكرازة. فقد حصل الناشرون والفاتحون البالغ عددهم ٤١ شخصا على ٨٠٩ اشتراكات ووزّعوا ٤٧٩,٢٦ مجلة خلال سنة الخدمة تلك. كما شهد الاخوة زيادة في عدد دروس الكتاب المقدس.
شهدت ايسلندا نقطة تحول ثانية عندما تأسس مكتب الفرع في
١ كانون الثاني (يناير) ١٩٦٢. ففي السابق، كانت ايسلندا تحت اشراف فرع الولايات المتحدة وقبله فرع الدانمارك. وفي سنة ١٩٦٩، حصل شهود يهوه على الاعتراف الشرعي وتسجَّلوا في وزارة العدل والشؤون الكنسية. والآن يتمتع الشهود في ايسلندا بالحقوق نفسها التي تحظى بها كل الفئات الدينية الاخرى. كما سُمح لهم بإجراء عقود الزواج وتأدية مراسم الدفن.رجال الدين يقاومون العمل
في الشهر نفسه الذي شهد تأسيس مكتب الفرع، عانى الاخوة المقاومة الشديدة على يد رجال الدين. فذات صباح، اوردت العناوين الرئيسية في احدى الصحف الكبرى ان اسقف الكنيسة الرسمية في البلد اصدر كتيِّبا بعنوان: تحذير من شهود يهوه. وذلك ليحذِّر الناس من الشهود وينصحهم بعدم الاصغاء اليهم. وقد تابعت بعض الصحف الموضوع. مثلا، نشرت الصحيفة المسائية الرائدة ڤيزير مقابلة مع اخ يخدم في مكتب الفرع، وقد اوضح من خلالها وجهات نظرنا. وسرعان ما حذت حذوها صحف اخرى اذ نشرت مقالات عن الشهود. وهكذا قُدِّمت شهادة شاملة واطَّلع كثيرون على طبيعة عملنا. كما ارسل بعض القراء رسائل يؤيِّدون فيها الشهود. وقد نُشرت هذه الرسائل على صفحات الجرائد. نتيجة لذلك، شنّ الاسقف هجوما مضادّا بنشر «ردّ» على الشهود في احدى الصحف. لكنَّ الاخوة اوضحوا بالتفصيل ماهية عملهم ومعتقداتهم من خلال مقالة على صفحة كاملة في جريدة مورغنبلاديد، ابرز صحيفة في ايسلندا.
وُزِّع الكتيِّب الذي يحذِّر الناس من شهود يهوه في كل انحاء البلاد، فشكَّل ذلك دعاية واسعة لنا. وبقي الاخوة يلمسون طوال سنوات اثر هذه الدعاية على عملنا في المقاطعة. وبسبب ذلك، ذكرت احدى الصحف: «اصبح الاسقف مدير الاعلانات لدى شهود يهوه». وغدا
شهود يهوه معروفين جيدا في المناطق النائية التي لم تكن البشارة قد وصلت اليها. وفي حين اصغى البعض الى نصيحة الاسقف، فقد أُثير فضول الاكثرية. ولكن في مدينة اكوريري الشمالية، اتخذ كثيرون موقفا عدائيا من الاخوة. وفي بعض الاحيان، كان الشبان يرمون الحجارة على هاينريخ وكاتارين كارخ اللذين خدما هناك كفاتحَين. وبعد سنوات، أذِن الاسقف لبعض المقاومين الدينيين في اكوريري ان يطبعوا محليا الكتيِّب الذي الّفه لكي يوزعوه على الناس. ثم حذا الخمسينيون حذوهم في ريكياڤيك، ظنًّا منهم انهم سيتمكنون من ايقاف كرازتنا او عرقلة عملنا.تحدّي تنظيم المحافل
لطالما كانت المحافل مناسبات مفرحة لشعب اللّٰه في ايسلندا. لذلك حتى عندما كان الناشرون قلائل، لم يتردد الاخوة في تنظيمها. وقد عُقد اول محفل في تموز (يوليو) ١٩٥١، حين زار ايسلندا الاخ پيرسي تشاپمن من كندا والاخ كلاوس جنسن من بروكلين قبل ان يذهبا الى اوروبا لعقد سلسلة من المحافل في ذلك الصيف. ومع ان الناشرين في ايسلندا كانوا آنذاك مجرد مجموعة صغيرة، فقد بلغت ذروة حضور المحفل ٥٥ شخصا. وبعد سبع سنوات في حزيران (يونيو) ١٩٥٨، عُقد المحفل التالي خلال زيارة ناظر الاقليم، الاخ فيليپ هوفمان. وقد اصغى الى الخطاب العام ٣٨ شخصا. ومنذ ذلك الحين، بدأت المحافل تُعقَد سنويا.
كان فريذرك ڠيِيسلاسون احد الاخوة القلائل الذين ألقوا خطابات في المحافل خلال الخمسينات. يخبر: «اتذكر اني كنت مسؤولا عن قسم الطعام في المحافل الاولى. ومع انني قمت بمعظم العمل انا بنفسي، كانت تُعيَّن لي ثلاثة او اربعة خطابات في البرنامج كل يوم. فكنت اعمل في المطبخ مرتديا المئزر، ثم عندما يحين وقت القاء
الخطاب، كنت ارتدي سترتي فيما أُسرع الى القاعة. ولكن كان على الاخوة ان يذكِّروني احيانا بنزع المئزر. أما الآن فيتراوح عدد الحضور في المحافل بين ٤٠٠ و ٥٠٠ شخص. وهنالك عدد كبير من الشيوخ الاكفاء المؤهلين لإلقاء الخطابات».ان مسرحيات الكتاب المقدس هي وجه بارز وتعليمي في المحافل الكورية. ولكن بسبب عدد الناشرين الصغير في ايسلندا، كانت المسرحيات تُقدَّم بالصوت فقط. وكان فرع الدانمارك يساعد على جعل المسرحيات اكثر فعّالية بتزويد صور منزلقة بالالوان يمكن عرضها بالتزامن مع التسجيلات الصوتية. ومع ذلك، فقد تطلبت المسرحيات الكثير من الاستعداد. ففي البداية، وجب ترجمتها الى الايسلندية ثم تسجليها بأصوات الاخوة المحليين. علاوة على ذلك، كانت الموسيقى والمؤثرات الصوتية تُضاف اليها من خلال نقلها عن
الكاسيتات الانكليزية. وكان على البعض ان يلعبوا عدة ادوار بتغيير اصواتهم وفق الشخصية المطلوبة. ولكن مع الوقت، صارت بعض المسرحيات تُمثَّل باللباس القديم.وكانت أُولاها مسرحية عن الملكة استير عُرضت في المحفل الكوري سنة ١٩٧٠. فقد انكبّ الاخوة على إتمام هذا المشروع وتدرَّبوا عليه بحماس شديد. وكان اختبارا جديدا بالنسبة اليهم ان يلبسوا ثيابا كالتي لبسها الناس في ازمنة الكتاب المقدس وأن يلصقوا لحًى على وجوههم. لم يعلم الاخوة آنذاك ان المحفل سيتضمن مسرحية حيّة. فكان ذلك مفاجأة سارّة لهم. في المحافل الصغيرة، يعرف الجميع تقريبا واحدهم الآخر ويكون الكل جالسين بالقرب من المسرح. لذلك يحاول البعض ان يحزروا مَن هم الاخوة الذين يلعبون الادوار. قالت اخت بعد مشاهدة احدى المسرحيات: «تخيَّلوا انني لم اعرف سوى اخ واحد من الممثلين، وكان يلعب دور نبوخذنصر!». وكم تفاجأت عندما ذكرت اسم الاخ وعلمَت انها مخطئة! حقا، يقدِّر الاخوة كثيرا الجهد الدؤوب الذي يبذله عدد كبير من الاخوة لكي يقدِّموا المسرحيات في المحافل الصغيرة. ولا شك ان الجميع يستفيدون من الدروس القيّمة التي تتضمنها المسرحيات المعروضة بلغتهم الأم.
المحافل الاممية تبهج القلب
على مرّ السنوات، تمتّع الاخوة في ايسلندا بحضور المحافل في بلدان اخرى. فقد حظي خمسة مندوبين بامتياز حضور محفل «المشيئة الالهية» الاممي الذي عُقد في نيويورك سنة ١٩٥٨. وحضر كثيرون محافل «العبّاد المتحدون» في اوروبا سنة ١٩٦١ ومحافل «البشارة الابدية» سنة ١٩٦٣. كما تمتع آخرون برفقة الاخوة من عدة بلدان في محافل «الانتصار الالهي» الاممية سنة ١٩٧٣. وحضر اكثر من مئة ناشر من ايسلندا محفل «السلام على الارض» الاممي الذي
عُقد في كوبنهاغن بالدانمارك من ٥ الى ١٠ آب (اغسطس) ١٩٦٩. وكان هذا الفريق اكبر مجموعة ايسلنديين تحضر محفلا امميا في بلد اجنبي. ففي ذلك الصيف، حضر ٨٠ في المئة من الناشرين الايسلنديين هذا المحفل خارج بلدهم.بما ان عددا كبيرا من الاخوة في ايسلندا خططوا لحضور هذا المحفل سنة ١٩٦٩، فقد رتّب فرع الدانمارك ان يجلسوا كلهم في قسم واحد في المحفل. وفي صباح كل يوم من ايام المحفل، كان هؤلاء الاخوة يجتمعون قبل ان تبدأ الفترات في القسم المخصَّص لهم ليتمتعوا بسماع خلاصة عن البرنامج بلغتهم الأم.
كان احد الذين حضروا هذا المحفل شاب يُدعى بيادني يونسون، وهو ابن المحامي الذي يملك المبنى الذي استأجره الاخوة في ريكياڤيك ليستعملوه كبيت للمرسلين ومكتب للفرع. كان بيادني لا يعرف سوى القليل عن الحق، ولم يكن هدفه من هذه الرحلة الى كوبنهاغن ان يحضر المحفل هناك. فكيف حدث ذلك؟
كان تشيل ڠيلنارد، خادم الفرع آنذاك، يريد ان يناقش بعض الامور مع والد بيادني. فأخبره عن المحفل الاممي في كوبنهاغن وعن الاخوة الذين يخططون لحضوره. وعندما سمع المحامي بالامر، طلب ان يرافقهم ابنه البكر. وأخبر الاخَ ان ابنه انهى لتوّه تعليمه الثانوي، وهو يريد ان يرسله في رحلة، وقد تكون كوبنهاغن مكانا مناسبا. فراقت للاخ تشيل هذه الفكرة، وقال للمحامي ان بإمكان الاخوة في كوبنهاغن ان يؤمِّنوا لابنه المنامة في حال اراد ان يحضر المحفل ليرى ما يحدث في اجتماع كهذا. فسُرّ المحامي باقتراح الاخ وسأل ابنه إنْ كان يريد ان يرافق فريق الشهود ويحضر المحفل، فرحَّب الشاب بالفكرة.
اتّصل الاخوة بقسم المنامة في كوبنهاغن ليؤمّنوا مكانا يقيم فيه
بيادني. فوجدوا له غرفة في بيت عائلة من الشهود كان من المفترَض ان ينزل فيها مندوب اميركي وأخ ايسلندي يُدعى ياكوب. لكنَّ الاخ الاميركي ألغى حجزه، فحلّ بيادني محلّه. غير ان ياكوب ايضا لم يأتِ الى المحفل. فكان بيادني الشخص الوحيد الذي قصد بيت الاخوة. وبما ان قسم المنامة لم يخبر العائلة المضيفة ان بيادني اتى بدلا من الاخ الاميركي، فقد افترضوا ان ضيفهم هو ياكوب.عادة، يتبادل الاخوة الاختبارات حين يلتقون برفقائهم المؤمنين الذين اتوا من بلدان اخرى. لكنَّ الاخوة الدانماركيين تفاجأوا لأن «ياكوب» لم يروِ لهم اية اختبارات. وبالمقابل، استغرب بيادني ان الاخ والاخت المضيفَين كانا يدعوانه ياكوب. وبما ان ياكوب (اي يعقوب) هو اسم من الكتاب المقدس، فقد ظن بيادني ان شهود يهوه اعتادوا ان يلقِّبوا واحدهم الآخر بأسماء من الكتاب المقدس. لكنَّ سوء الفهم هذا زال حين التقى احد افراد العائلة التي تستضيف بيادني بأخ دانماركي يخدم كفاتح في ايسلندا. فسأله إنْ كان «ياكوب» جديدا في الحق لأنه لم يخبرهم شيئا عن العمل في
ايسلندا. فأوضح الاخ الدانماركي ان «ياكوب» هو في الحقيقة بيادني، طالب من ايسلندا سافر مع الاخوة الى كوبنهاغن. ومع ان مضيفي بيادني عرفوا انه ليس اخا، فقد عاملوه بمودة ودعوه الى البقاء في ضيافتهم اسبوعا اضافيا ليزور بعض المواقع في كوبنهاغن. فمسّ هذا اللطف قلب بيادني.حضر بيادني برنامج المحفل الاممي. ومع انه لم يملك ادنى فكرة عن الحق تمكِّنه من التمتع كاملا بالبرنامج، فقد تأثر كثيرا بما رأه وسمعه. وما ان عاد الى ايسلندا حتى بدأ هو وعائلته يدرسون الكتاب المقدس. فأحرز تقدما ملحوظا واعتمد سنة ١٩٧١. وهو يخدم منذ سنة ١٩٧٩ كعضو في لجنة الفرع في ايسلندا.
يخدم سڤانبرڠ ياكوبسون كمترجم في فرع ايسلندا منذ سنوات عديدة، وهو اليوم المسؤول عن قسم الترجمة. عندما كان سڤانبرڠ ناشرا شابا، حضر محفل «الانتصار الالهي» الاممي في لندن بإنكلترا سنة ١٩٧٣. يروي: «لا ازال اذكر كم شعرت
بالفرح حين رأيت الآلاف يتقاطرون الى المدرَّج حيث عُقد المحفل. وقد سررت برؤية العديد من الاخوة والاخوات الذين اتوا من افريقيا وهم يرتدون ازياء بلدهم الغنية بالالوان. لن انسى البتة هذا المحفل الذي حضرته مع عشرات الآلاف من الاخوة. فقد استمعنا الى البرنامج معا، رنّمنا وصلّينا معا، اكلنا سويًّا، وتمتعنا بمعاشرة واحدنا الآخر».قامت سولبورڠ سڤاينسدوتير، اخت اعتمدت سنة ١٩٥٨، برحلة بحرية دامت ستة ايام لتحضر مع اولادها الاربعة المحفل في كوبنهاغن بالدانمارك سنة ١٩٦١. عادة، كانت سولبورڠ تحضر الاجتماعات مع فريق صغير منعزل في كيفلاڤيك. فأي أثر تركه فيها هذا المحفل الاممي الضخم؟ تقول: «اذهلني سماع اكثر من ٠٠٠,٣٠ اخ ينشدون معا ترانيم الملكوت بخمس لغات، وهذا ما حرَّك مشاعري. فالمحفل بكامله كان منظَّما ادقّ تنظيم».
مع ان الرحلات الى المحافل الاممية كانت مكلفة للغاية، شعر الاخوة ان الامر يستحق العناء. فحضور هذه المأدبة السخية التي اعدَّها يهوه ومعاشرة الآلاف ممن يشاطرونهم ايمانهم هما بركة حقيقية للحاضرين.
زيارة من «نادل» يقدِّم الطعام الروحي
انتقل كثيرون الى ايسلندا ليخدموا حيث الحاجة اعظم. وقد عنى ذلك صراعا طويلا في سبيل تعلّم اللغة الايسلندية المعقَّدة. ولكن في بعض الاحيان، كان لسوء التفاهم اللغوي وجه ايجابي. لنأخذ على سبيل المثال ما حدث مع هاينريخ كارخ حين كان يخدم من بيت الى بيت ويعرِّف بنفسه انه خادم ديني. فعند احد الابواب، ما ان سمعته السيدة الشابة يعرِّف بنفسه حتى دعته
الى الداخل. فلأن كلمة خادم بالايسلندية تعني ايضا نادلا، فقد ظنّت انه احد زملاء زوجها الذي يعمل كنادل في الفندق المحلي. وبما ان زوجها كان على وشك الوصول الى البيت، فقد طلبت من الاخ ان يدخل وينتظر مجيء زوجها. وكم ضحِكا عندما زال سوء التفاهم هذا!وبعد ان وصل الزوج، قدَّم هذا «النادل» الروحي للزوجين الشابين وجبة روحية لذيذة. فأعجبتهما كثيرا، حتى انهما طلبا من هاينريخ ان يعود ثانية برفقة زوجته. وسرعان ما بدآ يدرسان بانتظام الكتاب المقدس ويشهدان للآخرين. وكان الزوج يغتنم الفرصة في عمله للتحدث عن الحق مع كل الذين يصغون اليه. بعد فترة، اتّخذ الزوجان خطوة المعمودية. وهما سعيدان لأن هذا «النادل» الروحي قرع بابهما ولم يتردد في تقديم الشهادة بلغة غير لغته الأم.
على مرّ السنين، حصل العديد من الحوادث المضحكة فيما كان الاخوة الاجانب يتعلمون اللغة المحلية. مثلا، بعيد وصول سالي ماكدونالد الى ايسلندا، تدرَّبت على هذه المقدمة: «انا أزور الناس في الجوار لأخبرهم بعض الامور المشوِّقة من الكتاب المقدس». لكنها في احدى المرات، خلطت بين كلمة أزور (هايمْسكيا) وكلمة أضطهد (أُوفْسكيا)، حين قالت باسمة: «انا اضطهد الناس في الجوار».
من بيت الى بيت برفقة قسّ لوثري
خدم الزوجان هولڠور وتوڤه فريذركسن من الدانمارك بأمانة سنوات عديدة كفاتحَين خصوصيَّين في ايسلندا. كما خدما فترة
من الوقت في العمل الجائل. ومع ان إتقان اللغة الايسلندية لم يكن سهلا على توڤه، فقد ساعدت كثيرين على اعتناق الحق بسبب غيرتها وحماسها.ذات مرة حين كان هولڠور يقوم بالعمل الجائل، اشترك مع ناشر شاب في الخدمة من بيت الى بيت في احدى القرى الصغيرة. وكم تفاجآ حين انضمّ اليهما القسّ اللوثري المحلي! فكيف حدث هذا الامر؟
قبيل ذلك، كان الأخوان قد زارا القسّ في بيته. فتظاهر باللطف ودعاهما الى مكتبه. وبعد ان ألقى نظرة على الكتب التي يعرضانها، قال لهما: «هذه الكتب تحتوي على تعاليم باطلة!». ثم وقف فجأة ورفع يديه الاثنتين وبدأ يلعنهما. ثم صرخ: «امنعكما من الكرازة ضمن ابرشيتي!». فقال هولڠور للقسّ انه لا يحقّ له ان يمنعهما من الكرازة وأنهما سيواصلان عملهما التبشيري. عندئذ اجاب القسّ: «حسنا، اذا اردتما ان تواصلا الكرازة ضمن ابرشيتي فسأرافقكما». فقال له هولڠور مندهشا انهما لا يمانعان.
وبعد ان تبعهما الى البيتين الاقرب الى بيته، التقوا بتوڤه ومعها اخت اخرى. ففوجئت الاختان حين رأتا مَن يقوم بالعمل من بيت الى بيت. عندئذ دعاهم القسّ جميعا الى بيته لاحتساء القهوة، ودارت بينهم محادثة ودية. وقد شعر هولڠور ان الهدف من ضيافة القسّ غير المتوقَّعة هو اعاقتهم عن الكرازة للجميع في المقاطعة. لذلك عادوا في اليوم التالي وكرزوا في كل انحاء القرية. كما وزّعوا الكثير من المطبوعات والتقوا عددا كبيرا من الناس الذين اعاروهم اذنا صاغية.
انهيار ثلجي يقطع الطريق
غالبا ما تستلزم الكرازة للعائشين في الارياف عبور ممرات جبلية يكسوها الجليد وتتجمع فيها اكوام الثلج خلال اشهر الشتاء المظلمة. في كانون الاول (ديسمبر) ١٩٧٤، زار تشيل وإيرِس ڠيلنارد اثناء العمل الجائل مدينة اكوريري الواقعة على الساحل الشمالي. وخلال الاسبوع الذي قضياه مع الجماعة هناك، قطعا مسافة تزيد على ٨٠ كيلومترا ليصلا الى مدينة هوساڤيك، آخذَين معهما هولڠور وتوڤه فريذركسن. وقد خدم الاربعة خلال بضعة ايام المقاطعة في هوساڤيك ومحيطها، وخُتمت الزيارة بخطاب عام مع عرض للصور المنزلقة في احدى المدارس. عندما بدأ الاجتماع، هبَّت على المنطقة عاصفة حملت معها الرياح القارسة والمطر المحمَّل بالثلج. وبعد الاجتماع، حين اخذ الحاضرون يستعدون للعودة الى بيوتهم، انقطعت الكهرباء في كل المدينة بسبب العاصفة الثلجية. فغادر الاخوة المدرسة في الظلام، لكنهم كانوا جميعا سعداء لأنهم تمكنوا من مشاهدة عرض الصور المنزلقة قبل انقطاع الكهرباء.
كان لا بد للاخوة ڠيلنارد وفريذركسن ان يعودوا الى اكوريري. فسألوا الشرطة المحلية وبعض سائقي الباصات والشاحنات عن حال الطرق، فقيل لهم انه لا مشاكل تُذكر في الطريق. فقرروا ان يغادروا بأسرع ما يمكن، لكنَّ حزم الامتعة على ضوء الشموع استغرق بعض الوقت. وعندما ذهبوا لشراء الوقود للسيارة، كان على العامل في المحطة ان يضخ لهم الوقود يدويا. وأخيرا انطلقوا في رحلة العودة نحو الساعة التاسعة مساء.
قال تشيل واصفا الرحلة: «في البداية جرى كل شيء على ما يرام، ثم بدأ الثلج يتساقط بأكثر غزارة. وفي بعض الاحيان كان من المستحيل ان نرى الطريق، لذا اضطر هولڠور الى الترجل من
السيارة ليوجّه سيرنا بواسطة مشعل كهربائي. بعد ذلك علقنا في اكوام الثلج، وإنما تمكنّا من عبورها بالدفع والجرف. لكنَّ جدارا ضخما من الثلج اجبرَنا على التوقف في ما بعد. وعلِمنا لاحقا ان هذا الجدار الثلجي انهار من الجبل فوقنا. في الظروف العادية، تستغرق الرحلة من هوساڤيك الى اكوريري ساعتَين، ولكن كان قد مضى على انطلاقنا ست ساعات ولم نقطع سوى نصف المسافة.«كانت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل ونحن مبلَّلون ومتعَبون ونرتجف بردًا. لكن تخيَّل فرحتنا عندما رأينا الانوار مضاءة في مزرعة قريبة. فأعطانا ذلك الشجاعة لنذهب الى هناك وندقّ الباب. كان هولڠور، المعروف بكياسته ومراعاته للمشاعر، هو من طرق الباب الامامي. وعندما لم يُجِب احد، فتحه وصعد الى الطابق العلوي وطرق باب غرفة النوم بهدوء. فوجئ المزارع وزوجته بدخولنا بيتهما
دون استئذان، لكنهما تقبَّلا الامر برحابة صدر. وقالا لنا انهما ذهبا للنوم عندما انقطعت الكهرباء ونسيا إطفاء الانوار!«ذقنا في هذا البيت طعم الضيافة الايسلندية. فقد نقل المزارع وزوجته اولادهما النائمين الى غرفة اخرى لكي نتمكن نحن الاربعة من النوم في غرفتين، وبعد وقت قصير قدَّما لنا القهوة الساخنة والخبز الشهي على مائدة المطبخ. وفي الصباح التالي، بعد الفطور، اصرّ المزارع ان نبقى للغداء. وبعد تناول الغداء مع العائلة، استأنفْنا رحلتنا الى اكوريري بعدما فتحت جرَّافتا ثلج الطريق. وقد اتاحت لنا ضيافة المزارع وزوجته ان نكلّمهما عن حق الكتاب المقدس».
الكرازة على متن سفينة لصيد السمك
قبل بضع سنوات، وفيما كان تشيل ڠيلنارد يخدم في الحقل، التقى بفريذرك، شاب هو البكر في عائلته. وبما انه مهتم بالامور الروحية، فقد أحبّ ان يجري مناقشات حول الكتاب المقدس. وكانت لديه اسئلة كثيرة ورغبة شديدة في نيل معرفة الكتاب المقدس. ولكن لم يكن من السهل معاودة زيارته، لأنه يعمل مهندسا على متن سفينة لصيد السمك. فقد كان يقضي معظم ايامه في عرض البحر، ولا يعود الى البيت الا لأيام معدودة بين الرحلة والرحلة. ومع ذلك، استمر تشيل يتحقق من جدول رحلات السفينة ويسأل والدة فريذرك عن وقت رجوعه المتوقع الى البيت. وهكذا تمكّن من الالتقاء به، احيانا في الميناء وأحيانا اخرى في البيت. وبهذه الطريقة ساعده الاخوة على التقدم روحيا.
نحو اواخر سنة ١٩٨٢، دُعي فريذرك لحضور محفل في ريكياڤيك. وفي ذلك الوقت كان ايمانه قد بدأ يقوى، فصلى الى يهوه لكي تُتاح له فرصة حضور المحفل. وكان قد سُمح لأحد افراد الطاقم بأخذ عطلة من العمل خلال احدى رحلات السفينة، لكنه
قرر فجأة ألا يأخذ هذه العطلة. فأتاح ذلك الفرصة لفريذرك ان يطلب إذنا بالتغيب عن العمل، وهكذا تمكّن من حضور المحفل. وقد اثَّر البرنامج كثيرا في فريذرك، وصار مقتنعا بأنه يريد ان يخدم يهوه.عندما عاد فريذرك الى مسقط رأسه، اخبر خطيبته بقراره وبتأثير هذا القرار في حياته. وقال لها انه يريد ان يتزوجها، ولكن اذا كانت لا تريد ان تتزوج شخصا من شهود يهوه، فعليها ان تلغي خطوبتهما. وفي الصباح التالي طُرِق باب بيت المرسَلين، وإذا بفريذرك وخطيبته واقفان عند الباب. وبجملة قصيرة وأسلوب حازم، قال فريذرك: «هلڠا تريد ان تدرس الكتاب المقدس». وهكذا صنع المرسَلون الترتيبات ليدرسوا مع هلڠا. وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، طلب احد اخوة فريذرك الاصغر سنا درسا في الكتاب المقدس. وفي نفس الاسبوع، جلب فريذرك اخته الصغرى الى الاجتماع وقال: «أنُّور تريد ان تدرس الكتاب المقدس».
اراد فريذرك ان يرمز الى انتذاره ليهوه بمعمودية الماء. ولكن كان عليه اولا ان يزيد معرفته ثم ان يدرس اسئلة المعمودية. والمشكلة هو انه كان يقضي معظم وقته في البحر. وبما انه لا مجال ان يجد تشيل فريذرك في بيته، فالحل الوحيد هو الذهاب الى مكان عمله. ولكن كيف؟ جعل فريذرك تشيل يعمل لديه في غرفة المحركات على متن سفينة صيد السمك. وهكذا ركب تشيل، في اوائل سنة ١٩٨٣، سفينة سْڤالباكور، حاملا معه الكتاب المقدس والمطبوعات اللازمة للدرس.
يتذكر تشيل: «كان العمل والخدمة على متن سْڤالباكور تجربة لا تُنسى. فيوم العمل يبدأ الساعة ٣٠:٦ صباحا وينتهي الساعة ٣٠:٦ مساء. وعند الظهر نتناول الغداء، وقبل الظهر وبعده نأخذ
استراحة لتناول القهوة. أما الوقت خارج ساعات العمل فكان يُخصَّص للدرس مع فريذرك، وقد سنحت لي فرص عديدة لأشهد لأفراد الطاقم الآخرين. كنا في الامسيات ندرس ونناقش مواضيع روحية. وأحيانا كنا نسهر الى ما بعد منتصف الليل. وخلال فترة الغداء، كنا نحاول البقاء فترة قصيرة في غرفة الطعام لكي نتمكن من مناقشة الآية اليومية في حجرة فريذرك».طبعا، استغرب الرجال على
متن السفينة وجود مرسَل بين افراد الطاقم. وفي الايام القليلة الاولى، كان الرجال يأخذون حذرهم منه لأنهم لم يعرفوا ماذا يريد. لكنَّ بعض افراد الطاقم اخذوا يستمعون اليه بحماسة. وأظهر احدهم اهتماما كبيرا، وعندما علِم اننا نناقش الآية اليومية في ساعة الغداء، اراد ان ينضم الينا. وفي احد الايام، عندما طالت المحادثة في غرفة الطعام، نفد صبره وقال لتشيل وفريذرك امام الجميع: «ألا يجب ان نصعد الآن ونقرأ الآية اليومية؟».في احدى الامسيات، دعا تشيل وفريذرك افراد الطاقم لمناقشة موضوع الكحولية الصادر في احد اعداد مجلة استيقظ!. فأتى الى حجرة فريذرك سبعة من افراد الطاقم، وعقدنا هناك اجتماعا لا يُنسى. وقد بلغت اخبار هذا الاجتماع مسامع طواقم سفن صيد السمك الاخرى ايضا.
يقول تشيل: «عدنا الى الميناء بعد اسبوعين تقريبا من الخدمة والعمل على متن سْڤالباكور. وخلال هذه الفترة راجعتُ مع فريذرك اسئلة المعمودية بالاضافة الى درس مواضيع كثيرة اخرى في الكتاب المقدس. كما اني شهدتُ لأفراد آخرين من الطاقم ووزّعت عليهم المجلات والمطبوعات». اعتمد فريذرك في ربيع سنة ١٩٨٣، وأخذت خطيبته هلڠا وأمه وأخته موقفهن الى جانب الحق.
دروس عبر الهاتف
ليس سهلا على المرء ان يكرز بالبشارة للذين يسكنون في المناطق النائية من هذه الجزيرة الكبيرة. لذا يُستخدم الهاتف كوسيلة فعالة لإيصال البشارة الى المهتمين ومواصلة الاهتمام بهم.
كثيرون استفادوا من هذه الوسيلة لنشر البشارة. فقبل بضع سنوات، قامت امرأة تدعى اودني هلڠادوتير بزيارة ابنها وكنّتها اللذين
كانا يدرسان مع شهود يهوه. وعندما اخبراها بما يتعلمانه، ارادت هي ايضا ان تدرس الكتاب المقدس. لكنها كانت تعيش في منطقة نائية على ساحل ايسلندا الشمالي الغربي، على بُعد اكثر من ٣٠٠ كيلومتر من اقرب جماعة. فعرضت عليها اخت تدعى ڠْڤَذرن أولافْسدوتير ان تدرس معها عبر الهاتف، فوافقت بسرور. خلال الدرس، وبعد تقديم صلاة افتتاحية، كانت اودني تجيب بسهولة عن الاسئلة المطبوعة في الكتاب. وبما انها كانت تستعد جيدا وتفتح الآيات وتدوِّنها، فقد سهل عليها قراءتها حالما يؤتى على ذكرها. ولذلك لم تكن تصرف الوقت في البحث عن الآيات خلال الدرس. وفي احدى المرات، عُقد الدرس عند ڠْڤَذرن حين كانت اودني في زيارة الى المنطقة. فانتابهما كلتَيهما شعور غريب لأنها كانت المرة الاولى التي تدرسان فيها وجها لوجه، لذا اقترحت ڠْڤَذرن مازحةً ان تذهب الى الغرفة المجاورة حيث يوجد هاتف آخر!عندما صارت اودني تفهم الحق، بدأت تشهد لزوجها يون. فأظهر اهتماما بما تخبره اياه، لكنها لم تكن تعرف إن كان يجوز ان تعقد درسا معه. فقيل لها ان بإمكانها عقد الدرس، ولكن من اللائق ان تضع غطاء على رأسها خلال ادارته. بالاضافة الى الدرس مع زوجها، بدأت اودني تشهد للجيران. بعد ذلك عبَّرت عن رغبتها في ان تعتمد. فرتَّبت ڠْڤَذرن الامور لكي تدرس اودني الاسئلة في كتاب منظمين لاتمام خدمتنا عبر الهاتف مع احد الشيوخ، وذلك ليُعرَف إن كانت مؤهلة ام لا. وكان واضحا انها صارت مؤهلة، ولكن كان ينقصها شيء واحد: الاستقالة رسميا من الكنيسة.
بعد اسبوع تقريبا، اتصلت اودني بڠْڤَذرن لتخبرها انها استقالت من الكنيسة. كما فعل زوجها الامر نفسه، مع ان اتخاذ هذا القرار
لم يكن سهلا عليه لأنه رئيس مجلس الابرشية المحلي. وفي وقت لاحق اعتمدت اودني في محفل دائري. وقد فرحت كثيرا بالمحفل لأنه لم يسبق لها ان اجتمعت بمجموعة صغيرة من الشهود إلا مرة واحدة. وأثناء مقابلة ضمن برنامج المحفل، سُئلت إن كان صعبا عليها ان تكون معزولة. فأجابت انها لم تشعر قط بالوحدة لأنها تعرف ان يهوه حاضر ايضا في ساحل ايسلندا الشمالي الغربي. ثم اضافت انها حزينة لأن زوجها لم يتمكن من حضور المحفل، لكنه اكد لها انه سيحضر المحافل حين يصير جاهزا للمعمودية. وقد وفى بوعده! وبعد وقت قصير انتقلا ليعيشا في منطقة ذات كثافة سكانية اكبر لكي يتمكنا من حضور الاجتماعات بانتظام.الحاجة الى بيوت مرسَلين وقاعات ملكوت
عندما زار ناثان ه. نور، من المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه، ايسلندا سنة ١٩٦٨، اراد ان يُعثَر على بناء انسب ليكون مكتب فرع ومسكنًا للمرسَلين. قبل ذلك الحين، كان الاخوة يستأجرون البيوت. فصار عليهم الآن ان يبحثوا عن ارض يشيّدون عليها بناءً فيه قاعة ملكوت وبيت للمرسَلين ومكتب فرع. ولكن ريثما يتحقق ذلك، استُؤجر منزل مناسب في شارع هربْنڠاتا ٥ في ريكياڤيك، وفي ١ تشرين الاول (اكتوبر) ١٩٦٨ انتقل المرسَلون الستة للعيش فيه. وقد استُخدم هذا البناء كمركز للعمل في ايسلندا خلال السنوات الخمس التالية. ثم اشترى الاخوة قطعة ارض مناسبة في سوڠاڤيڠر ٧١ في ريكياڤيك. وفي ربيع سنة ١٩٧٢، بدأ العمل على بناء الفرع الجديد. لم يكن ذلك سهلا على الاخوة القليلي العدد هناك، الذين لا يملكون خبرة بالهندسة والبناء. فلا يوجد بينهم معماريون ولا مقاوِلو بناء، لذا اضطروا الى استخدام مقاوِلين من غير الشهود. وأعرب هؤلاء المقاوِلون عن كامل استعدادهم للتعاون مع الشهود، وسمحوا للاخوة بأن يعملوا معهم في المشروع. وقد استأجر الاخوة جزءا من بيت قديم مجاور لورشة البناء وصاروا يأكلون فيه. وكانت الاخوات يتناوبن على طبخ الطعام في بيوتهن وأخذه الى الورشة لكي يتناوله العمّال.
ادى عمل البناء الى شهادة حسنة في المنطقة. فقد سنحت للمقاوِلين ولسلطات المدينة فرصة جيدة ليتعرَّفوا بشهود يهوه. وكان آخرون يتوقفون عند الورشة ليروا اين اصبح العمل. وعندما حان الوقت لتغطية الجدران الداخلية بالجصّ، حصل الاخوة على المساعدة من اخ معماريّ محترف قادم من الدانمارك. كما ساهمت الاخوات كثيرا في العمل. فعندما اتى بعض المشرفين من المدينة
لزيارة الورشة، لاحظوا ان الاخوات يستعملن خلاطة الاسمنت. فقال احدهم: «اظن ان بإمكان النساء في كنيستنا ان يتعلمن شيئا من هذا. فمن الاجدى ان تُبنى الكنائس بالعمل النشيط لا بالذهاب من مكان الى آخر حاملات الصناديق لاستجداء المال». تم تدشين البناء في ايار (مايو) ١٩٧٥ حين زار مِلتون ج. هنشل ايسلندا وألقى خطاب التدشين. وبقي البناء يُستخدم لسنين طويلة كبيت المرسَلين الاساسي في البلد، بالاضافة الى استخدامه كقاعة ملكوت للجماعات في ريكياڤيك. وهو اليوم يُستعمل كمكتب فرع.في سنة ١٩٨٧، شُيِّد مبنى جديد ليكون قاعة ملكوت وبيت مرسَلين في مدينة اكوريري. وتجلَّت روح الوحدة والاخوّة العالمية القائمة بين شعب يهوه عندما اتى اكثر من ٦٠ اخا وأختا من فنلندا والسويد لمساعدة الاخوة الايسلنديين في مشروع البناء.
«افضل نوع خشب»
على مر السنين، قام ممثِّلون للهيئة الحاكمة لشهود يهوه بزيارة ايسلندا، وكانت هذه الزيارات مصدر تشجيع كبير للاخوة. تميَّزت سنة ١٩٦٨ بزيارة الاخ نور المذكورة سابقا. وقد ألقى على الاخوة خطابا حماسيا وروى اختبارات وناقش تقدم عمل الكرازة بالملكوت في ايسلندا.
كانت اول زيارة للاخ هنشل الى ايسلندا في ايار (مايو) ١٩٧٠. وقد استقبله بعض المرسَلين الذين كانوا نعسانين. لم يكن السبب وصول الاخ هنشل في الصباح الباكر فحسب، بل ايضا ابتداء بركان هيكلا بالثوران في اليوم السابق، وقد قضى المرسَلون الليل كله يتفرجون عليه!
ركّز الاخ هنشل اهتمامه على المرسَلين والفاتحين الخصوصيين. ودعاهم جميعا الى اجتماع خاص حيث روى عليهم اختبارات من ايام خدمته كفاتح خلال الازمة الاقتصادية الكبرى. وذكر كيف كان الفاتحون يبادلون المطبوعات بالدجاج والبيض والزبدة والخضر والنظارات، حتى بجرو كلب! بهذه الطريقة استمر العمل
خلال الفترات الصعبة، ولم ينقص الفاتحين شيء من ضرورات الحياة.سرعان ما يلاحظ زوار ايسلندا ان الطعام هناك مختلف عما هم معتادون عليه. وأحد الاطباق الايسلندية المميزة يدعى سڤيذ، وهو عبارة عن رأس خروف قُطع الى نصفَين وسُلق. تخيَّل نفسك تنظر الى صحنك، فترى فيه نصف رأس خروف مع الاسنان وعين واحدة! كثيرون من الاجانب لا يقوون على النظر الى سڤيذ عينا بعين. طبعا، يوجد دائما سمك طازج كبديل لهذا الطبق. وأحد الاطعمة الايسلندية الفاخرة يدعى هارذفيسكر، وهو سمك يُقطَّع شرائح ويُجفَّف. يؤكل هذا السمك نيئا، ويفضّل البعض تناوله مع بعض الزبدة. لكنه سمك قاسٍ، ويجب ان يُدَقّ ليصير طريا. لذلك كان المرسَلون متلهِّفين ليروا رد فعل الاخ هنشل عندما قُدِّم له هذا السمك. فبعد ان ذاقه، سأله المرسَلون عن رأيه فيه. ففكر قليلا ثم اعطى هذا الجواب الدبلوماسي: «أظن ان هذا افضل نوع خشب أكلته في حياتي».
قام ممثِّلون للهيئة الحاكمة بالعديد من الزيارات المشجِّعة للاخوة في ايسلندا. وقد اكَّدت هذه الزيارات للاخوة في البلد انهم جزء من معشر الاخوة العالمي المتَّحد بربُط المحبة المسيحية، حتى لو كانت اعدادهم قليلة ويعيشون في مكان منعزل.
التعاون مع الاطباء ووسائل الاعلام
في سنة ١٩٩٢، بدأت لجنة اتصال بالمستشفيات مؤلفة من اربعة اخوة بالعمل في ايسلندا. ومن اجل تدريبهم، حضر اثنان من الاخوة حلقة دراسية للجنة الاتصال بالمستشفيات في انكلترا، وحضر الآخران حلقة دراسية عُقدت في الدانمارك. عندما بدأت لجنة
الاتصال بالمستشفيات المتشكلة حديثا بتنظيم اعمالها، عقدت اجتماعا مع الفريق الطبي في احد المستشفيات الجامعية الكبرى. وقد حضر الاجتماع ١٣٠ شخصا بينهم اطباء وممرضون ومحامون ومديرو مستشفيات. وبما انه كان اول اجتماع تعقده اللجنة مع اخصائيين طبيين، فلا عجب ان انتاب الاخوة شعور بالقلق. لكنَّ الاجتماع كان ناجحا، وأُعِدَّت الترتيبات بعد ذلك للاجتماع بأعداد اصغر من الاطباء وغيرهم من الاخصائيين في مختلف المستشفيات. كما اقام الاخوة علاقات طيبة مع بعض الجراحين وأطباء التبنيج البارزين. وقد ساعدهم ذلك على تفادي وحلّ المشاكل المتعلقة بتوفير العلاجات دون دم.في سنة ١٩٩٧ أُقِرَّ قانون جديد حول حقوق المريض. وقد نصّ هذا القانون ألّا يعطى المريض ايّ علاج بدون موافقته؛ وأن تُحترَم ارادة المريض الفاقد الوعي اذا كانت معروفة. كما نصَّ القانون على ضرورة التناقش مع الاولاد بعمر ١٢ سنة فصاعدا بشأن علاجهم. ذكر ڠْڤَذمندر ه. ڠْڤَذمندرسون، رئيس لجنة الاتصال بالمستشفيات: «الاطباء عموما متعاونون جدا، ونادرا ما تنشأ المشاكل. حتى العمليات الكبرى تُجرى دون دم».
عندما صدر عدد ٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٠ من استيقظ! حول موضوع المعالجة والجراحة دون دم، شجع مكتب الفرع الاخوة على بذل الجهد لتوزيع هذه المجلة على اكبر عدد ممكن من الناس. وقدَّم الفرع اقتراحات حول كيفية عرضها والاجابة عن الاسئلة المتعلقة بمسألة الدم. في البداية تردد البعض في تقديم المجلة، ولكن سرعان ما لاحظوا ان الناس يريدون ان يعرفوا عن هذا الموضوع. فوُزِّع اكثر من ٠٠٠,١٢ نسخة، اي ما يعادل مجلة واحدة لكل ٢٢ شخصا من سكان البلد. قال احد الاخوة: «لاقيتُ
صعوبة في تغطية المقاطعة لكثرة المناقشات الجادة التي كانت تدور». وقالت اخت: «شخصان فقط رفضا اخذ المجلة مني!».كما ان سيدة تقدِّم برنامجا اسبوعيا عبر محطة اذاعية وطنية حصلت على نسخة من هذه المجلة حول المعالجة دون دم. فروت في برنامجها كيف حصلت عليها، ثم اخذت تراجع تاريخ نقل الدم كما ورد في استيقظ!. وأنهت مناقشتها بالقول انه اذا اراد احد المزيد من المعلومات حول المعالجة دون دم، يمكنه ان يطلب من شهود يهوه مطبوعة تعالج هذا الموضوع.
هذه الحملة الخصوصية التي استُخدم فيها هذا العدد من استيقظ! جعلت كثيرين يرون ان موقفنا الرافض لنقل الدم انما هو منطقي. كما صاروا يعرفون ان شهود يهوه لا يريدون ان يموتوا، بل يطلبون ان يعالَجوا بأفضل الوسائل الطبية الممكنة. وهكذا فإن بعض الذين كانت لديهم معلومات خاطئة حول موقفنا من الدم صاروا يتقبّلون رسالة الملكوت.
قاعتان في اربعة ايام
احد ابرز الاحداث التي شهدها الاخوة في ايسلندا خلال سنة الخدمة ١٩٩٥ هو بناء قاعتَي ملكوت في شهر حزيران (يونيو)، واحدة في كيفلاڤيك والاخرى في سيلفوس. كانت هاتان اولى قاعات الملكوت في ايسلندا التي تُشيَّد بطريقة البناء السريع. فلم يستغرق بناؤهما سوى اربعة ايام. وما كانت المهمة لتتحقق لولا المساعدة الحبية التي قدّمها الاخوة في النَّروج. فقد ارسل فرع النَّروج معظم مواد البناء، وأتى اكثر من ١٢٠ اخا وأختا من ذلك البلد للمساعدة في اتمام المشروع. وإحدى العبارات التي سُمعت كثيرا في ورشتَي البناء هي: «هذا مذهل فعلا!». فقد سبق ان قرأ وسمع الاخوة في
ايسلندا عن بناء قاعات الملكوت بسرعة، أما الآن فهم يرون ذلك بأمّ عينهم. كان الامر مذهلا دون شك، وخصوصا ان عدد قاعات الملكوت في ايسلندا بلغ الضعف في ايام قليلة!بالاضافة الى قاعتَي الملكوت الجديدتَين، تشجَّع الاخوة في ايسلندا بالمعاشرة الطيبة للاخوة والاخوات الذين اتوا من النَّروج على نفقتهم الخاصة ليقضوا اياما من عطلتهم في بناء القاعتَين. فيا له من دليل رائع على روح اخوّتنا العالمية! كما ساهم الاخوة في ايسلندا في مشروعَي البناء. فأكثر من ١٥٠ ناشرا محليا شاركوا في العمل، اي نحو نصف عدد الناشرين في البلد.
كما ادى مشروع قاعتَي الملكوت الى اعطاء شهادة حسنة بين الناس. فاثنتان من محطات التلفزة الوطنية غطَّتا القصة في برامجهما الاخبارية وعرضتا صورا من الورشتَين. ووردت تقارير عن المشروع في بعض المحطات الاذاعية وفي الصحف. لكنَّ هذا الاهتمام الذي لقيه الشهود لم يرق قسيس احدى الكنائس المحلية في سيلفوس. فقد نشر في الصحيفة المحلية مقالة يحذِّر فيها مما سمّاه التعاليم الباطلة الخطرة لشهود يهوه. وذكر ان ضعفاء العقل وسريعي التأثر هم اكثر مَن يجب ان يحذروا منهم. وكرَّر نفس التحذيرات في مقابلة اذاعية. ولكن لم يكن لكلمات القسيس الاثر الذي كان يرجوه. فمعظم الناس أُعجبوا بمشروع قاعتَي الملكوت، وكثيرون ممَّن التقاهم الاخوة في الخدمة قالوا ان رد فعل القسيس فاجأهم.
بعد اسبوع تقريبا من نشر تحذيرات القسيس، قامت الصحيفة بطبع رسم كاريكاتوري. ففي الجهة الامامية من الرسم توجد الكنيسة، وفي الجهة الخلفية قاعة الملكوت، وبين البناءَين يجري نهر. وثمة جسر يعبره اخوة انيقون ومبتسمون وفي ايديهم حقائب
الخدمة، وهم يتوجهون من قاعة الملكوت الى الكنيسة. خارج الكنيسة تقفز امرأة من كرسيها المتحرك وهي مذعورة. ويهرع رجل قَدَمُه مجبَّرة وآخر اعمى على الارجح وهما يصيحان: «اهربوا، اهربوا، الشهود قادمون!». وعلى درج الكنيسة يقف القسيس وقد استولت عليه الدهشة. كثيرون احبوا هذا الرسم الكاريكاتوري. وقد اختارته هيئة التحرير في الصحيفة ليكون افضل رسم كاريكاتوري للسنة، ثم كبَّرته وعَرَضته على جدار مكتبها. وبقي هناك طوال عدة سنوات.معرض يؤدي الى شهادة حسنة
خلال سنة الخدمة ٢٠٠١، أُنشئ معرض ركَّز على الموقف الحيادي الذي اتخذه شهود يهوه قبل وخلال الحرب العالمية الثانية نتيجة الاضطهاد النازي. افتُتح المعرض في ثلاثة اماكن، وبلغ مجموع الزائرين ٨٩٦,٣ شخصا. وخلال نهاية الاسبوع الاخيرة،
احتشد اكثر من ٧٠٠ زائر في صالة المعرض في ريكياڤيك. وكان الفيديو شهود يهوه يثبتون في وجه الاعتداء النازي باللغة الايسلندية يُعرض طوال فترة المعرض في الاماكن الثلاثة. وانتهز كثيرون من الزوار هذه الفرصة ليجلسوا ويشاهدوه بالكامل.ان موقف الشهود الثابت في معسكرات الاعتقال ترك اثره في الزوار الذين لم يكونوا عالمين ان هذه الامور حدثت معنا. وقالت بروفسورة زارت المعرض مرارا انه اثَّر فيها كثيرا وغيَّر نظرتها الى شهود يهوه. وما لفت نظرها خصوصا هو ايمان الشهود القوي في معسكرات الاعتقال. فبخلاف السجناء الآخرين، كان بإمكانهم ان يخرجوا احرارا اذا نكروا معتقداتهم.
لاقى المعرض تغطية ايجابية من قِبل احدى محطات التلفزة الوطنية ومحطات الاذاعة والتلفزة المحلية. وعندما افتُتح المعرض، زاره قسيس لوثري مع زوجته وابنته. وفي وقت لاحق، دعا اخٌ القسيس الى زيارة بيت ايل، فقبِل الدعوة. وبعد ايام من الزيارة، جاءت امرأة الى القسيس وطرحت عليه سؤالا يتعلق بآية في الكتاب المقدس. فشجّعها القسيس على الاتصال بمكتب فرع شهود يهوه، لأنه كان متيقِّنا انهم سيجيبونها عنه. وبعد فترة بدأ اخ يعقد درسا في الكتاب المقدس مع هذا القسيس.
الترجمة على مر السنين
لم يكن سهلا على الناشرين القليلين في ايسلندا ان يترجموا بالايسلندية كل الطعام الروحي الذي يزوده «العبد الامين الفطين». (متى ٢٤:٤٥) في البداية، كان الشهود الايسلنديون الذين يعيشون في كندا يقومون بمعظم عمل الترجمة، ثم صار هذا العمل يُنجَز في ايسلندا. وبعد ان وصل اول مرسَلَين سنة ١٩٤٧، تعرَّفا الى شاعر مسنّ كان يعيش معهما في نفس البيت. كان هذا الشاعر يجيد الانكليزية، وقد ساعد المرسَلَين على تعلّم اللغة. كما عرض ان يترجم بعض النصوص، لذا استخدمه الاخوة لترجمة كتاب «ليكن اللّٰه صادقا» وكراس فرح كل الشعب. لكنَّ الشاعر ترجم بأسلوب شعري قديم واستعمل كلمات وتعابير مهجورة كثيرة. ومع ان احد المرسَلين والاخ ليندال دقَّقا في الترجمة وأعادا طباعتها، لم يحقّق الكتاب قط الهدف المرجوّ كمساعِد على الدرس. ومع ذلك، وُزّعت الطبعة الاولى منه على عدد كبير من الاشخاص، وطُبع منه ما مجموعه ٥٦٨,١٤ نسخة. كما طُبع اكثر من ٠٠٠,٢٠ نسخة من ذلك الكراس سنة ١٩٤٩. ولاحقا، استخدم الاخوة مترجما آخر لترجمة كتاب ماذا فعل الدين للجنس البشري؟.
خلال تلك السنوات، قام فريق صغير من الاخوة بترجمة بعض الكراريس. وأحدها هو كراس «بشارة الملكوت هذه» الذي صدر سنة ١٩٥٩. وقد ساعد هذا الكراس الاخوة على الابتداء بالعديد من الدروس الجديدة في الكتاب المقدس. وبعد ذلك جرت الموافقة على إصدار مجلة برج المراقبة بالايسلندية.
وفي السنوات التي تلت، تُرجم وأُصدِر عدد من الكتب الجيدة: «هذه هي الحياة الابدية» الصادر سنة ١٩٦٢، من الفردوس المفقود الى الفردوس المردود سنة ١٩٦٦، الحق الذي يقود الى الحياة الابدية سنة ١٩٧٠، يمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض سنة ١٩٨٤، وكتاب المعرفة التي تؤدي الى الحياة الابدية سنة ١٩٩٦. وفي سنة ١٩٨٢ أُضيفت طبعة فصلية لمجلة استيقظ! الى قائمة المطبوعات الايسلندية.
مرت سنون عديدة دون ان يحظى الاخوة بكتاب ترانيم بالايسلندية. وفي سنة ١٩٦٠ تُرجمت اربع ترانيم وطُبعت نسخ منها لأجل احد المحافل. وفي المحفل الكوري الذي عُقد في تشرين الثاني (نوفمبر) ١٩٦٣، صدر كتاب ترانيم صغير يتضمن ٣٠ ترنيمة بالايسلندية. ففرح الاخوة به كثيرا.
حتى ذلك الوقت، كان الترنيم في الجماعات يجري بعدد من اللغات. وهذا ما يشهد عليه ڠنتر و روت هوبتس اللذان وصلا الى ايسلندا من المانيا سنة ١٩٥٨ كفاتحَين خصوصيَّين. فلا تزال روت تتذكر كيف كان الاخوة الاجانب يستعملون كتب الترانيم المتوفرة بلغاتهم، مثل الالمانية او الانكليزية او الدانماركية او السويدية او الفنلندية او النَّروجية. أما الايسلنديون فكانوا يرافقونهم بالترنيم باللغة التي يعرفونها. تقول: «كان هذا اشبه بجوقة غنائية متعددة اللغات». ولكن على مر السنين تُرجِم المزيد من ترانيم الملكوت، وفي سنة ١٩٩٩ صدر بالايسلندية كتاب الترانيم الذي يتضمن كل الترانيم الـ ٢٢٥. فكم الاخوة شاكرون على هذه الوسيلة لتسبيح يهوه!
تميَّز المحفل الكوري المعقود في آب (اغسطس) ١٩٩٩ بشيء جديد في ايسلندا، وهو صدور كتاب انتبهوا لنبوة دانيال! بالايسلندية في نفس الوقت مع الطبعة الانكليزية. فعندما اعلن الخطيب في المحفل عن صدور الكتاب بالانكليزية، صفَّق جميع الحضور متوقّعين ان يقول لهم ان هذا الكتاب سيصدر لاحقا بالايسلندية. لكنه عاد وأراهم الطبعة الايسلندية للكتاب، وفيما الاثارة تغمر الجميع قال ان هذا الكتاب متوفر حاليا باللغة الايسلندية! وبعد ذلك صدر ايضا كتاب نبوة اشعيا — نور لكل الجنس البشري، الجزءان ١ و ٢، في نفس الوقت مع الطبعتَين الانكليزيتَين.
توسيع بيت ايل والزيادة المستمرة
في سنة ١٩٩٨ بدأ العمل على تجديد الفرع. واشتُريت شقتان في الجهة المقابلة من الشارع لإيواء اعضاء بيت ايل ولتوفير مساحة اكبر في مكتب قسم الترجمة. كما استفاد المترجمون في السنوات الاخيرة من زيارات قام بها اخوة من المركز الرئيسي العالمي في نيويورك. فقد علَّمهم هؤلاء الاخوة طريقة استعمال برامج كمبيوتر طوَّرها شهود يهوه لتُستعمل في عمل الترجمة.
وأتى مؤخرا ممثِّلون من المركز الرئيسي الى الفرع لتدريب المترجمين على «مقرَّر لتحسين فهم اللغة الانكليزية». ويساعد هذا المقرَّر المترجمين على زيادة فهمهم للنص الانكليزي قبل الشروع في الترجمة.
زكريا ٤:١٠) فنحن نفرح عندما نرى ان اسم يهوه وملكوته يُعلَنان في ايسلندا وأن كثيرين يتعلّمون الحق».
كتب مكتب الفرع: «عندما ترجع بنا الذاكرة الى السنين الماضية، نشعر بالسعادة لأن بعض الاشخاص تحلّوا بالشجاعة وبدأوا بالترجمة الى اللغة الايسلندية رغم ظروف العمل البدائية والمعرفة المحدودة للغة. صحيح ان نوعية الترجمة في الماضي ليست بجودة ما هي عليه اليوم، لكننا ‹لا نحتقر يوم الامور الصغيرة›. (يوجد حاليا ثمانية خدام كامل الوقت في مكتب الفرع. ويأتي آخرون الى بيت ايل ليقدموا المساعدة بدوام جزئي. وقد حلّت قاعة ملكوت جديدة محل قاعة الملكوت هناك لتلبية حاجة الجماعات
في ريكياڤيك. لذا يجري التخطيط لتجديد مبنى الفرع لإيواء المزيد من خدام بيت ايل.استلزمت الكرازة بالبشارة في ايسلندا المواظبة والتضحية بالذات والمحبة. ولا شك ان الجهد الشاق الذي بذله المنادون بالملكوت الغيورون في ايسلندا طوال السنوات الـ ٧٦ الماضية لم يذهب سدى. فكثيرون من الاخوة والاخوات الامناء شاركوا في عمل الحصاد. وعدد كبير منهم جاءوا من بلدان اخرى ليخدموا لبعض السنين، ولن تُنسى جهودهم ابدا. وقرَّر البعض البقاء في ايسلندا واتخذوا منها موطنا دائما لهم. كما يُمدح كثيرون من الناشرين الايسلنديين الغيورين على روح المثابرة لديهم.
صحيح ان معدل ناشري الملكوت قليل، لكنَّ شهود يهوه صاروا معروفين جيدا في البلد. وهناك حاليا سبعة مرسَلين يخدمون في المناطق الريفية وفي الجماعات الصغيرة على الجزيرة. وفي سنة الخدمة الماضية، حضر ٥٤٣ شخصا ذِكرى موت المسيح، ويُعقد نحو ١٨٠ درسا بيتيا في الكتاب المقدس.
ربما سيأتي يوم يشهد فيه الاخوة في ايسلندا زيادة تشبه ما هو موصوف في اشعيا ٦٠:٢٢: «الصغير يصير ألفا، والحقير أمة قوية. انا يهوه أُسرع بذلك في وقته». وفي هذه الاثناء، يعقد شهود يهوه في ايسلندا العزم على اتمام العمل الذي ائتمنهم عليه الملك يسوع المسيح: الكرازة ببشارة الملكوت. وهم واثقون بأن يهوه سيجعل بذور الحق تنمو في القلوب المتقبلة والشاكرة! — متى ٢٤:١٤؛ ١ كورنثوس ٣:٦، ٧؛ ٢ تيموثاوس ٤:٥.
[الاطار في الصفحة ٢٠٥]
حيث يُستبدَل اسم العائلة باسم الاب
ليس للإيسلنديين اسم عائلة، بل لكل منهم اسم اول يُضاف اليه اسم ثانٍ هو الاسم الاول للأب يليه كلمة «ابن» للذكر وكلمة «ابنة» للأنثى. على سبيل المثال، فإن الاسم الكامل لابن وابنة رجل يُدعى هرالدور هو اسمهما الاول يُضاف اليه اسم والدهما، اي هرالدور، ثم كلمة ابن او ابنة. ولأنه لا توجد اسماء عائلة، فإن الايسلنديين ينادون بعضهم بعضا بالاسم الاول، ولا يتغير اسم المرأة عند الزواج. وبما ان للكثير من الناس الاسم نفسه، فإن دليل الهاتف يذكر مهنة الشخص بالاضافة الى اسمه وعنوانه ورقم هاتفه. وبإمكان الايسلنديين ان يعودوا الى سجلات النسب ويعرفوا هوية اجدادهم منذ اكثر من الف سنة.
[الاطار في الصفحة ٢٠٨]
لمحة عن ايسلندا
اليابسة: تقع هذه الجزيرة مباشرة تحت الدائرة القطبية الشمالية بين المحيط الاطلسي الشمالي وبحر غرينلندا والبحر النَّروجي. وتكثر فيها البراكين والينابيع والفوارات الحارة. وتغطي الانهار الجليلدية عُشر مساحة البلد.
الشعب: يتحدر من الڤايكنڠ الذين اتى معظمهم من النَّروج. عموما، الشعب الايسلندي هو شعب مجتهد وخلّاق ومنفتح. ويعيش معظمهم في المناطق الساحلية.
اللغة: رغم ان الايسلندية هي اللغة الرسمية، يتكلم كثيرون من الايسلنديين لغتين اجنبيتين او اكثر، مثل الالمانية والانكليزية وإحدى اللغات الإسكندينافية.
سُبُل العيش: تلعب صناعة صيد السمك دورا حيويا في اقتصاد ايسلندا. وغالبا ما تُصاد اسماك الكبلين والقُدّ والحَدوق والرنكة، فيُصنَّع جزء كبير منها ويُصدَّر الى الخارج.
الطعام: يأكل الايسلنديون السمك ولحم الخراف. وأحد اشهر الاطباق في ايسلندا هو رأس الخروف المسلوق.
المناخ: المناخ معتدل اجمالا بسبب تيار الاطلسي الدافئ. ففصل الشتاء لا يكون عادة قارسا رغم هبوب الكثير من الرياح. أما الصيف فهو معتدل البرودة نوعا ما.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢١٠]
٦ ايلول (سبتمبر) ١٩٤٢: «لا يزال هنالك فاتح واحد في هذا البلد، لذلك ليس هنالك الكثير من الاخبار. يبلغ عدد سكان ايسلندا حوالي ٠٠٠,١٢٠ نسمة، وهي تضم نحو ٠٠٠,٦ مزرعة. والوسيلة الوحيدة للوصول الى هذه المزارع هي على متن خيول الپوني المحمَّلة. وللوصول الى كل هذه البيوت، من الضروري ان يسافر المرء حوالي ٠٠٠,١٦ كيلومتر، ويقطع عددا كبيرا من الجبال والانهار. حتى الآن، قليلون فقط يهتمون بالرسالة».
هذه الكلمات كتبها الاخ چِيورڠ ف. ليندال بعد ان كرز في ايسلندا طوال ١٣ سنة. وكان سيبقى الناشر الوحيد في هذا البلد طوال خمس سنوات اضافية.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ٢١٣ و ٢١٤]
سجل من الخدمة الامينة
تخرَّج أوليڤر ماكدونالد من الصف الـ ١١ لمدرسة جلعاد، وكان بين المرسلين الاوائل الذين عُيِّنوا في ايسلندا. وقد اتى من نيويورك في كانون الاول (ديسمبر) ١٩٤٨ برفقة إنڠڤارد ينسن بعد رحلة دامت ١٤ يوما على متن احدى سفن الشحن. وطوال الرحلة، كان المحيط الاطلسي الشمالي هائجا للغاية، فأُصيبا كلاهما بدوار البحر.
وفي آذار (مارس) ١٩٥٠، تزوج الاخ ماكدونالد اختا انكليزية تُدعى سالي وايلد كانت تعمل في فرع بريطانيا. كانت سالي وماك، كما دُعي الاخ ماكدونالد تحبُّبا، مبشرَين نشيطين للغاية في تلك السنوات الباكرة. ولا يزال الاشخاص الذين درسا معهم يخدمون يهوه بأمانة.
سنة ١٩٥٧، عاد ماك وسالي الى انكلترا، حيث ماتت سالي بالسرطان الذي شخَّص الاطباء انها مصابة به حين كانت في ايسلندا. وبعد وفاة سالي، انخرط ماك مجددا في الخدمة كامل الوقت وخدم كفاتح عادي ثم كناظر جائل طوال ١٣ سنة. وفي سنة ١٩٦٠، تزوج فاتحة خصوصية تُدعى ڤاليري هارڠريڤز. وقد خدما سويًّا في دوائر عديدة في بريطانيا، من شمالي اسكتلندا الى جزر القناة الواقعة غربي الساحل البريطاني. وفيما كانا يخدمان في الدائرة الشمالية ثم في جزر شتلند الواقعة شمالي الساحل الاسكتلندي، كان ماك يقول: «ستكون محطتنا التالية في ايسلندا»، مع انه لم يكن يتوقع انهما سيذهبان الى هناك.
ولكن في سنة ١٩٧٢، عُيِّن ماك وڤاليري مرسلَين في ايسلندا. وقد عُيِّن خادم الفرع وبعد ذلك منسِّق لجنة الفرع. وقد بقي هو وڤاليري في ايسلندا طوال سبع سنوات، ثم عُيِّنا كمرسلين في ايرلندا، اولا في دبلن ثم في ايرلندا الشمالية. وبعد ان خدما في ايرلندا ٢٠ سنة، مات ماك بالسرطان في كانون الاول (ديسمبر) ١٩٩٩ بعد ان امضى ٦٠ سنة في الخدمة كامل الوقت. ولا تزال ڤاليري تخدم كفاتحة عادية في بلفاست الواقعة في ايرلندا الشمالية.
[الصورة]
ڤاليري وأوليڤر ماكدونالد في ريكياڤيك في السبعينات
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢١٨]
ريكياڤيك
ريكياڤيك التي يعني اسمها «الخليج العابق بالدخان» هي عاصمة ايسلندا. وقد اطلق عليها هذا الاسم اول شخص استقر فيها، وهو إينڠولفور أردنارسون، وذلك بسبب البخار المتصاعد من ينابيعها الحارة. واليوم، ريكياڤيك هي مدينة عصرية ناشطة يبلغ عدد سكانها حوالي ٠٠٠,١٨٠ نسمة.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ٢٢٣ و ٢٢٤]
اتّخذا ايسلندا موطنا لهما
پول هاين پيثرسن هو اخ دانماركي عُيِّن فاتحا خصوصيا في ايسلندا سنة ١٩٥٩. وفي سنة ١٩٦١، حضر پول اثنين من محافل «العبَّاد المتحدون» الاممية في اوروبا حيث التقى ڤيوليت التي اتت من كاليفورنيا في الولايات المتحدة لحضور عدد من هذه المحافل.
وبعد المحافل، عاد پول الى ايسلندا وڤيوليت الى كاليفورنيا، لكنهما ظلا يتراسلان طوال خمسة اشهر. وفي كانون الثاني (يناير) ١٩٦٢، اتت ڤيوليت الى ايسلندا لتتزوج به. وفي تلك الفترة كان پول الشاهد الوحيد في منطقة قليلة السكان في شمال غرب ايسلندا حيث خدم كفاتح. وقد تزوجا وعاشا في بلدة صغيرة حيث تبقى الشمس مختبئة طوال شهرين من اشهر فصل الشتاء. وفي بعض الاحيان، كان الزوجان يجتازان خلال خدمتهما في المقاطعة طرقات جبلية شديدة الانحدار ومكسوة بالجليد. وكانت وسيلة النقل الوحيدة المتوفرة لهما هي الدراجة النارية التي جلبها پول من الدانمارك. وبما ان ڤيوليت وُلدت وتربّت في منطقة كاليفورنيا المشمسة، فقد ظنّ كثيرون من الاخوة انها لن تبقى طويلا في ايسلندا. لكنهم كانوا مخطئين لأن ڤيوليت احبّت الجزيرة وسكانها.
خدم پول وڤيوليت كفاتحين الى ان وُلدت ابنتهما إليسابيت سنة ١٩٦٥. بعد ذلك، استمر پول يخدم حتى سنة ١٩٧٥، كما خدمت ڤيوليت كفاتحة بين الحين والآخر خلال هذه السنوات. وفي سنة ١٩٧٧، قررا ان ينتقلا الى كاليفورنيا بسبب صحة پول. لكنهما شعرا بعد فترة برغبة قوية في الخدمة حيث الحاجة اعظم الى ناشرين للملكوت، فانخرطا في الفتح من جديد. وعندما انهت ابنتهما تعليمها وأصبحت راشدة، عُيِّنا ثانية كمرسلين في ايسلندا. وقد خدما سنوات قليلة في الحقل الارسالي والعمل الجائل. وفي سنة ١٩٨٩، طُلب من پول ان يخدم كعضو في لجنة الفرع. وحين افتُتح بيت ايل رسميا في ايسلندا سنة ١٩٩١، كان پول وڤيوليت اول عضوين في عائلة بيت ايل، ولا يزالان حتى الآن يخدمان هناك.
[الاطار/الصورة في الصفحتين ٢٢٨ و ٢٢٩]
عُرفا بضيافتهما
كان فريذرك ڠيِيسلاسون وزوجته آدا بين الاشخاص السبعة الذين اعتمدوا سنة ١٩٥٦ بعد ان عرّفهما بالحق أوليڤر وسالي ماكدونالد. في البداية، عُقد درس الكتاب المقدس مع فريذرك في حين بقيت آدا منشغلة مع فريق يقوم بعمل الخياطة خلال فصل الشتاء. وعندما اتى الربيع وانتهت آدا من عملها بالخياطة، صارت تجلس في المطبخ خلال الدرس. وفي آخر الامر، دفعها فضولها ان تطلب حضور الدرس والمناقشات التي تدور خلاله دون ان تشارك فيها. ولكن سرعان ما بدأت تشارك كاملا.
لاحقا، صار درس برج المراقبة بالانكليزية يُعقَد بانتظام في بيتهما. كما بدآ يحضران الاجتماعات في بيت المرسلين. يقول فريذرك: «اذكر اننا كنا نعقد الاجتماعات في غرفة صغيرة في عليّة منزل المرسلين. وكانت هذه الغرفة تتسع لـ ١٢ كرسيا. ولكن في بعض الاحيان، حين كان عدد الحضور يزيد على ١٢ شخصا، كنا نفتح بابا يؤدي الى الغرفة الصغيرة المجاورة. وشتّان ما بين اجتماعاتنا الصغيرة تلك وبين اجتماعات الجماعات الثلاث التي تملأ قاعة الملكوت في ريكياڤيك!».
عُرف فريذرك وآدا بضيافتهما. ورغم انهما ربّيا ستة اولاد، كان بيتهما مفتوحا دائما للاخوة. وخلال السنوات الاولى بعد تأسيس الجماعة، كان كثيرون ممن يأتون الى ايسلندا يتمتعون بضيافة فريذرك وآدا الى ان يتمكنوا من ايجاد منزل خاص بهم.
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢٣٢]
الكتاب المقدس باللغة الايسلندية
ان اول ترجمة للكتاب المقدس باللغة الايسلندية هي كتاب يُدعى سْتيوردن يعود الى القرن الرابع عشر. وهو يحتوي على ترجمة وإعادة صياغة لأجزاء من الاسفار العبرانية. وفي سنة ١٥٤٠، طُبع اول «عهد جديد» كامل باللغة الايسلندية. وقد ترجمه ابن اسقف هولار، أُودر ڠوهتسكاولكسون، الذي كان قد انضمّ الى الكنيسة اللوثرية في النَّروج والتقى بمارتن لوثر في المانيا. وتذكر المراجع التاريخية انه واجه صعوبات جمّة حين قام بعمل الترجمة بعد عودته الى ايسلندا. فقد عمل في حظيرة خوفا من إغضاب ربّ عمله الكاثوليكي، اسقف سكاولهولت. وترجم أُودر النص من الڤولڠات اللاتينية، ثم اخذ هو بنفسه مخطوطاته الى الدانمارك من اجل طباعتها. وفي سنة ١٥٨٤، رتّب الاسقف ڠڤثبراندور ثورلاوكسون لطباعة اول كتاب مقدس كامل باللغة الايسلندية. وطُبعت اول ترجمة كاملة للكتاب المقدس من اللغتين الاصليتين العبرانية واليونانية سنة ١٩٠٨، ثم طُبعت نسخة منقَّحة سنة ١٩١٢.
[الصورة]
«ڠڤثبراندسبيبليا»، اول كتاب مقدس كامل باللغة الايسلندية
[الجدول/الرسم البياني في الصفحتين ٢١٦ و ٢١٧]
ايسلندا — نبذة تاريخية
١٩٢٩: وصل چِيورڠ ف. ليندال، اول ناشر في البلد.
١٩٤٠
١٩٤٧: وصل مرسلو جلعاد الاوائل.
١٩٥٠: تأسست جماعة صغيرة.
١٩٦٠
١٩٦٠: بدأت برج المراقبة تصدر بالايسلندية.
١٩٦٢: تأسس مكتب الفرع في ريكياڤيك.
١٩٧٥: تمّ تدشين مكتب الفرع الجديد والموسَّع.
١٩٨٠
١٩٩٢: شُكِّلت لجنة الاتصال بالمستشفيات.
١٩٩٥: جرى بناء قاعتَي ملكوت خلال اربعة ايام في شهر حزيران (يونيو).
٢٠٠٠
٢٠٠٤: هنالك ٢٨٤ ناشرا نشيطا في ايسلندا.
[الرسم البياني]
(انظر المطبوعة)
مجموع الناشرين
مجموع الفاتحين
٣٠٠
٢٠٠
١٠٠
١٩٤٠ ١٩٦٠ ١٩٨٠ ٢٠٠٠
[الخريطتان في الصفحة ٢٠٩]
(اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)
ايسلندا
هوساڤيك
هولار
اكوريري
سيديسفجوردور
نسكايوبستادور
اسكفجوردور
ستايكسهولمر
بورغارنس
هوفن
ريكياڤيك
كيفلاڤيك
سكاولهولت
سيلفوس
[صورة تغطي كامل الصفحة ٢٠٢]
[الصورة في الصفحة ٢٠٧]
الى اليمين: چِيورڠ ف. ليندال سنة ١٩٤٧
[الصورة في الصفحة ٢٠٧]
في الاسفل: الاخ ليندال مع حصانه الايسلندي في اوائل الثلاثينات
[الصورة في الصفحة ٢١٢]
بعض المرسلين الاوائل في ايسلندا، من اليسار الى اليمين: إنڠڤارد ينسن، أوليڤر ماكدونالد، وليو لارسن
[الصورة في الصفحة ٢٢٠]
مبنى مكتب الفرع من سنة ١٩٦٢ الى ١٩٦٨
[الصورة في الصفحة ٢٢٧]
اكثر من مئة ناشر من ايسلندا حضروا محفل «السلام على الارض» الاممي في كوبنهاغن بالدانمارك سنة ١٩٦٩
[الصورة في الصفحة ٢٣٥]
ايرِس وتشيل ڠيلنارد في اكوريري، كانون الثاني (يناير) ١٩٩٣
[الصورة في الصفحة ٢٣٨]
الى اليمين: سفينة صيد السمك «سْڤالباكور»
[الصورة في الصفحة ٢٣٨]
الى الاسفل: فريذرك وتشيل
[الصورة في الصفحة ٢٤١]
الى اليمين: اودني هلڠادوتير
[الصورة في الصفحة ٢٤١]
الى الاسفل: ڠْڤَذرن أولافْسدوتير
[الصورة في الصفحة ٢٤٣]
الى اليمين: قاعة الملكوت وبيت المرسَلين في اكوريري
[الصورة في الصفحة ٢٤٣]
الى الاسفل: بيادني يونسون امام الفرع
[الصورة في الصفحة ٢٤٩]
الى الاعلى: بناء قاعة الملكوت في سيلفوس، سنة ١٩٩٥
[الصورة في الصفحة ٢٤٩]
الى اليمين: البناء بعدما اكتمل
[الصورة في الصفحة ٢٥٣]
عائلة بيت ايل في ايسلندا
[الصورة في الصفحة ٢٥٤]
لجنة الفرع، من اليسار الى اليمين: بيادني يونسون، ڠْڤَذمندر ه. ڠْڤَذمندرسون، پول ه. پيثرسن، وَ بيرڠثور ن. بيرڠثورسون